fbpx

رفع العقوبات الغربية عن سوريا: البوّابة الخفيّة لمرور الغاز القطري واستثمارات الطاقة الكبرى

0 61

مقدّمة

في تحوّلٍ غير مسبوق، شهدت الأشهر الأخيرة رفعاً تدريجياً وسريعاً للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وهي عقوبات كانت لعقود تشكّل أحد أهم أدوات الضغط السياسي على النظام الحاكم سابقاً، وتمنع أي انخراط دولي في عمليات الاستثمار أو التطوير داخل البلاد. لكن هذا التحوّل لم يأتِ فقط استجابةً لـ”تحسن الأوضاع السياسية” أو نتيجة “مرحلة انتقالية واعدة”، كما تصفها بعض الأطراف الدولية، بل تقف وراءه ـ على ما يبدو ـ مصالح اقتصادية واستراتيجية أعمق بكثير، في مقدمتها ملف الطاقة، وتحديداً مشروع مرور الغاز القطري إلى أوروبا، إضافة إلى الطموحات الغربية للاستثمار في الثروات السورية الطبيعية، من غاز ونفط إلى السيليكون.

1. مشروع الغاز القطري إلى أوروبا: المعبر السوري شرط جيوسياسي

لطالما مثّل الغاز الخليجي، وتحديداً القطري، عنصراً حساساً في موازين الطاقة العالمية. ومع تزايد الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي في السنوات الأخيرة، باتت أوروبا بحاجة ماسّة لتنويع مصادرها. هنا تحديداً تبرز أهمية سوريا كممر استراتيجي للغاز القطري المتجه إلى تركيا ثم أوروبا عبر خط يُعرف بـ”الخط العربي القطري”. ومع الحكومة الانتقالية الجديدة، وخفوت النفوذ الإيراني، يبدو أن الطريق بات ممهّداً أمام إعادة إحياء هذا المشروع القديم.

2. الشواطئ السورية: كنز الغاز والنفط المغري للشركات الغربية

السواحل السورية على المتوسط تُعد من أكثر المواقع الواعدة غير المستكشفة في حوض شرق المتوسط. تقارير عديدة تُشير إلى أن المياه الإقليمية السورية قد تحتوي على احتياطات ضخمة من الغاز، وقد بدأت شركات طاقة غربية بإجراء اتصالات غير رسمية مع الحكومة الانتقالية للحصول على امتيازات مبكرة.

3. السيليكون السوري: ثروة نادرة على قائمة الاهتمام

سوريا تمتلك أحد أنقى أنواع رمال السيليكا في المنطقة، وهي المادة الخام الأساسية في تصنيع رقائق السيليكون. ومع المنافسة العالمية على المواد النادرة، باتت هذه الثروة تحت نظر الشركات الدولية، وخصوصاً في مناطق البادية وتدمر.

4. الغرب لا يمنح بلا مقابل: السياسة في خدمة الاقتصاد

الغرب لا يتخذ قرارات استراتيجية بهذا الحجم ما لم يكن المقابل واضحاً. رفع العقوبات جزء من صفقة تتضمن: فتح السوق السوري أمام شركات الطاقة الغربية، تمرير الغاز القطري، تقليص النفوذ الإيراني، وضمان استقرار الحدود الإسرائيلية.

خاتمة

إن رفع العقوبات عن سوريا لم يكن نتيجة طبيعية لتغيّر داخلي فقط، بل جاء كجزء من صفقة سياسية اقتصادية، قوامها الغاز والسيليكون والمصالح الجيوسياسية. التحدي الحقيقي اليوم هو أن تستفيد سوريا كشعب ودولة من هذه الثروات، لا أن تكون مجرد بوابة عبور لمصالح الآخرين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني