رسائل إيمي كترونا للروس واضحة.. فهل يعقلون؟
اللقاء الذي جمع مبعوثة الولايات المتحدة بالإنابة إيمي كترونا ورئيس هيئة التفاوض السورية السيد أنس العبدة، كان لقاء تأكيدياً على سياسة أمريكية، لا تزال تتشدّد بإصرارها على تنفيذ القرار 2254.
هذا اللقاء وما جرى خلاله من تباحث حول القضية السورية، بيّن أن الأمريكيين لا يزالون يقفون في مربع سياسي أساسي، هو مربع الضغط لتنفيذ القرار 2254، وفتح المعابر لمرور المساعدات الإنسانية للسوريين الذين أوصل النظام السوري 90% منهم إلى تحت خط الفقر، نتيجة رفضه تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع السوري.
حديث كترونا مع العبدة يمكن قراءته بأكثر من صورة، فهو أولاً تأكيد على سياسة أمريكية لم تتغيّر حيال ملف الصراع السوري، والتي يؤكد من خلالها الأمريكيون التزامهم بمقولتهم الشهيرة أن الحل في سوريا هو سياسي، وليس حلاً عسكرياً، وهذا الحل السياسي لا مخرج له إلا القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن رقم 2254.
حديث كترونا يوضح أن المساعدات الإنسانية يجب أن تشمل كل السوريين دون أن يتحكم النظام السوري بها ويحولها إلى أداة ضغط وابتزاز وفساد. وهذا الكلام يأتي رفضاً للدعوة الروسية، التي تريد أن يقوم النظام السوري بإدارة المساعدات الإنسانية، من أجل تثبيت مقولة أنه هو الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد.
إن اللقاء بين كترونا ورئيس هيئة التفاوض السورية هو رسالة أمريكية حازمة للروس والنظام وحلفهما، إذ إن هذا اللقاء يمنح هيئة التفاوض قوة إضافية بسبب دعم الأمريكيين لهذه الهيئة والتشاور معها بشأن معرقلات التفاوض التي يضعها النظام أمام اللجنة الدستورية وباقي سلال التفاوض.
اللقاء هو رسالة للروس والنظام معاً تقول إن الحل السياسي في سورية لن يتم إلا عبر جنيف، وإن العقوبات على النظام ورموزه ستستمر وتتشدد بما فيها محاسبة من ارتكب بحق الشعب السوري والمصنفة كجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وهناك وثائق تثبت وجود هذه الجرائم.
الروس يرون بأم أعينهم كيف تدمّر العقوبات قدرة النظام الاقتصادية وتكشف عجزه عن إدارة البلاد، وهذا يعني أن يفهم الروس أن أمور النظام وحلفه إلى تدهور مستمر، ما يضع النظام بمواجهة شعب يريد أن يحيا ويعيش.
فهل وصلت رسائل إيمي كترونا إلى الروس، أم إن بوتين لا يجيد قراءة الرسائل الصريحة، ولا يفهم بغير اتجاه واحد للرسائل هو اتجاه نكران الواقع والحقيقة والدفاع عن المتخيل الذاتي والباطل.
لقاء إيمي كترونا مع وفد هيئة التفاوض السورية برئاسة أنس العبدة منح قوى الثورة والمعارضة دعماً دولياً لا يستهان به، وهذا يجب توظيفه في عمل مؤسسات قوى الثورة من أجل تحويل طاقة عملها إلى طاقة إيجابية تقف عند ثوابت القرارات الدولية وبالأخص القرار 2254 وجوهره تشكيل هيئة حاكمة انتقالية تمثّل كل السوريين وتنقل البلاد من نظام دولة استبدادية إلى نظام دولة مدنية ديمقراطية تعددية.