رسائل إيران من مخيم عين الحلوة
“الصواريخ التي ستطال تل أبيب موجودة في العاصمة اللبنانية بيروت وستنطلق منها”، بهذا الخطاب الناري خاطب إسماعيل هنية مستقبليه في مخيم عين الحلوة، وسط توقيت صعب على الشارعين اللبناني والفلسطيني، فحزب الله مأزوم، ويواجه حالة شديدة من السخط حتى داخل البيئة الاجتماعية التي خرج منها، وهو متهمٌ بوضوح عن مسؤوليته تجاه ما حدث في مرفأ بيروت، ناهيك عن الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تعصف في لبنان وتنذر بذهابه للمجهول.
صواريخ.. وصواريخ
خطاب إسماعيل هنية تلقفه الشارع اللبناني بحالة من القلق والسخط، فما لم يجرؤ على الحديث به حسن نصر الله ذاته، جاء على لسان إسماعيل هنية، فهل كانت تلك مجرد زلة لسان، خصوصاً وأن إسماعيل هنية كان قد التقى مع حسن نصر الله، وهذا ما يمكن قراءته.
إن حزب الله ينوي توجيه رسائل عجز عن توجيهها بشكل مباشر، فقد كانت حادثة المرفأ ونتائج المحكمة الدولية، والتسريبات العديدة التي أشارت إلى وجود مستودعات تحمل عتاداً حربياً داخل مدينة بيروت، كلها تضع الحزب في حالة تصعيد مضاد ضد الشارع اللبناني الذي كانت حادثة المرفأ بمثابة النقطة الفاصلة التي لا تسمح للحراك الشعبي بالتراجع، وبالتالي إن بقاء معادلة هيمنة حزب الله، لم تعد ممكنة حتى من خلال أقرب شركائه في السلطة.
ولكن لمن هذه الرسائل؟ في الوقت الذي ترسل فيه صواريخ المليشيا المدعومة من إيران رسائلها بين المنطقة الخضراء ومطار بغداد، فهل هي مجرد رسائل موجهة للداخل اللبناني، أم هي رسائل إيرانية خصوصاً مع تصاعد أعمال التجارب الإيرانية في مجال الصواريخ الباليستية، ما يشير ضمناً إلى أن الصواريخ الموجودة في لبنان أو العراق أو غزة، هي ذات منشأ واحد، وبالتالي رسائلها واحدة.
الزيارة والسيادة:
المسألة الثانية في رحلة إسماعيل هنية إلى مخيم عين الحلوة، أن الإعلان الرسمي عنها لم يأت من قبل الحكومة اللبنانية، بالنظر شخصية بحجم إسماعيل هنية، كذلك مؤتمر الفصائل الفلسطينية الذي تم عقده قبل ذلك في بيروت، وخصوصاً قادة الفصائل الفلسطينية المقيمين في دمشق، والذين لا يدخلون لبنان أصلاً بصفة رسمية، وإنما من خلال علاقة خاصة بحزب الله، التي تسمح بتنقل هؤلاء القادة بين لبنان وسوريا بشكل غير رسمي، وهذا بالطبع، يأتي خلاف ما لو أن مؤتمر بيروت كان بمن وجد أصلاً على الأراضي اللبنانية، ما يضع كثيراً من الأسئلة حول الملف الفلسطيني، والوجود الفلسطيني في لبنان، خصوصاً وأن هذا هو أحد الملفات الإشكالية، غير أن المعادلة تبدو بشكلها الظاهر، أن حزب الله هو نقطة مهمة، وقادر على التلاعب بالملف الفلسطيني، وأداء دور سياسي، إضافة إلى دوره كــ مليشيا خارجة على القانون، تخلق أنواعاً شتى من العقبات في لبنان.
رسائل إيرانية:
الرسائل الإيرانية من العراق إلى لبنان تبدو واضحة، لكنها في لبنان تحمل صبغة معينة غاية في الحساسية، وهي ما تسميه إيران (محور المقاومة) ما يعني أن كل ما يجري في لبنان هو في النهاية أمام خيار اللعبة الإيرانية التي تستطيع فرض ما تريده على المشهد السياسي، وبهذه المعادلة مؤشر إلى احتمالية زج المخيمات الفلسطينية من جديد وسط اللعبة السياسية اللبنانية، خصوصاً وأن مخيم عين الحلوة معروف بتاريخه المضطرب، فلا تكاد تمضي أسابيع إلاّ وتجري بداخله اشتباكات دموية، بين جماعات عديدة تختطف سكان المخيم رهينة، بعض هذه الجماعات ينتمي للقاعدة، وبعضها موال لنظام الأسد، وكلها ذات تاريخ دموي حافل.
الرسائل الإيرانية واضحة، مفادها أن الاستقرار بعيد، وأن مزيداً من الفوضى وتدمير البنى الاجتماعية هو القادم، تحت شعارات المقاومة وتحرير القدس.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”