رامي مخلوف وفيديو القطيعة
إذا كانت الأحاديث السابقة التي تتناولها شبكات التواصل الاجتماعي، والصحافة الإلكترونية عموماً، وحتى الصحافة الروسية منذ عدة أسابيع تضع المهتمين بالشأن السوري ومتابعيه بين مصدق ومكذِّب، ولعلَّها كانت ستبقى كذلك لولا أن رامي مخلوف قد قطع الشك باليقين بالفيديو الذي نشره مؤخراً على شبكات التواصل الاجتماعي، واحتمى من خلاله، شأنه بذلك شأن اللصوص أجمعين، بستارة الله والفقراء..! إذ لفت إلى أن ثروته تعود إلى “فضل الله سبحانه وتعالى الذي يعز من يشاء”، وفي ذلك منتهى الكذب والافتراء على الله أولاً وعلى الناس أجمعين ثانياً، وفيه أيضاً، عقوق ونكران لفضل حافظ الأسد وابنه من بعده الذي أطلق يد رامي إلى مداها الأبعد لتنال “حصة الأسد” من الاقتصاد السوري، ولتضيف إلى العز المخلوفي الذي جلبته أنيسة “السيدة الأولى” لأهلها من آل مخلوف الذين تتفوق عائلتهم في معايير الجبل العلوي على عائلة الأسد.. وقد انتزعت ذلك العز المالي من بين براثن حافظ الأسد الذي يؤمن به وسيلة للارتقاء، لكنه لم يعتد أن يعطي شيئاً إلا لأمرين أولهما لتوطيد ملكه وسلطته وسطوته..! وثانيهما ليضع من يعطيه “تحت واحدة” حتى إذا ما حاول اللعب بـ “ذيله” يضعه أمام حقيقته، ولذلك ترى المصفقين كلَّما نهبوا أكثر زادوا من وتيرة ضرب الأكف بعضها ببعض أكثر وأعلى، والويل لمن يشتد ساعده ويخطر بباله أن يقلب “الموجة” أو يحرفها عندئذ فهو ليس أكثر من “دبور زنَّ على خراب عشه” (بحسب المصريين..) وهذا ما يحصل اليوم بين رامي وبشار.. وقد حصل، زمن حافظ، مع كثيرين.. أما اليوم فالأمر مختلف قليلاً إذ ليس هو ليس مالاً صرفاً بل هو ممتزج بالسياسة أو السلطة والمال دائم مقترن بالسلطة.. وخصوصاً تلك التي أسسها حافظ الأسد ورعاها لتكون أبدية.. وقد تتكشف الأمور، فيما بعد، لكن الواضح للملأ أن الدائرة أخذت تضيق حول عنق النظام وأعوانه، أعني عنق العصابة التي تشبه معظم حكام بلدان العالم الثالث، العاشر.. فها هو ذا نتن التفسخ أخذت روائحه تفوح على الشعب البائس الذي يتشهى أنفه اليل رائحة رغيف الخبز..
لا شك بأن رامي قادر على دفع المبلغ مهما كبر، وقد طالب الروس النظام بمبلغ ثلاثة مليارات دولار قبل عدة شهور، ولدى تعذُّر النظام بأنه غير قادر بسبب أوضاع الحرب وسواها، قيل حينها ليدفع المبلغ رامي مخلوف ابن خال الرئيس.. ويعرف الروس حجم ما يملكه رامي بل يعرف تركيبة النظام من أساسه إذ هو صورة مصغرة عن نظام بوتين.. ولكن لماذا لجأ رامي إلى هذا الأسلوب الفضائحي..؟! وكان قبل ذلك قد نشر خبراً سرَّبه له الروس أنفسهم عن “لوحة سبلاش” اشتراها الرئيس لزوجته من أحد معارض لندن.. أتراه مدرك لأن النظام قد انتهى ويريد أن يساهم في دفعه نحو الهاوية وبذلك لينتهي من المنن التي يحمله إياها.. أم إن الروس وجدوا فيه وسيلة ناجعة للضغط على الأسد..؟! وهل تراه يسعى لتقديم نفسه أو غيره مرشحاً بديلاً مناسباً في ظروف بات فيها الأسد يشكل حالة “صداع لبوتين” فاختار بوتين أن يضغط عليه بهذا الشكل، وهو العارف بثروة مخلوف وإمكانية الاستفادة منها في ظروف كورونا التي حشرت الجميع في دائرة ضيقة، وبلاده أكثر من غيرها.. ولعلَّ ظهوره بذلك الضعف وتلك المسكنة ليلتقط أنفاسه، وليبلغ الروس رسالة وخصوصاً أن جزءاً من أملاكه هناك، وقد يكون شريكاً لبعض أجنحة المافيا الروسية وبخاصة تلك المقربة من بوتين و”بحسب تقرير منظمة “غلوبال ويتنس” البريطانية فقد اشترى أفراد من عائلة مخلوف شققاً فاخرة بـ 40 مليون دولاراً في ناطحة سحاب سيتي أوف كابيتالس في موسكو”.
أترى رامي يقدِّم نفسه أمام الطائفة بديلاً للأسد الذي ربما احترقت أوراقه بسبب الحرب وما قدمته الطائفة من تضحيات هائلة لم يحصد منها الوطن شيئاً وسوف تجرُّ على الطائفة وباء شديد الحساسية لسنين طويلة.. ولرامي أفضال على الكثيرين ممن عينهم في مجلس الشعب أو مراكز أخرى وحتى في شركاته التي توظف الآلاف، تلك الشركات التي باتت السيدة أسماء الأخرس البعيدة عن الطائفة تهددها بالزوال.. ثمَّ إنه يملك رصيداً آخر عند من يساهمون باتخاذ القرارات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وإن من خلف أستار أو من تحت الطاولة وقد آن الأوان ليترجم ذلك الرصيد المكثف بعبارة واحدة قالها لصحيفة نيويورك تايمز في 11 أيار من العام 2011 بشأن استقرار إسرائيل المرتبط باستقرار سورية.. ومهما يكن من أمر فإن الصراع الفعلي هو صراع بين لصوص وعصابات ولعلَّ رامي مخلوف يدرك أن زمن أنيسة مخلوف انتهى مع وفاتها وجاء زمن أسماء الأخرس أم حافظ الوريث الثالث (المتوهم) لعرش سورية.. أسماء التي انتزعت من رامي براءة اختراع شركة تكامل التي لا تقل عن دجاجة سيريتل التي تبيض ذهباً، وأعطتها لمحيي الدين مهند الدباغ ابن خالتها، وقد يكون الأكثر ضماناً لها ولأولادها. أما الشعب السوري فرجاؤه التخلص من كل الذين يقفون حائلاً دون تحقيق حلمه في دولة تنتمي إلى روح العصر..!
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”