fbpx

رامي مخلوف والبحث عن استعادة دورٍ مفقود والتستر خلف الدين

0 291

ذاكرتنا الشعبية تحفظ حكاية الراعي الكذّاب، الذي كان يستنجد بأهل القرية، لمواجهة ذئبٍ يهاجم قطيعه، وحين يفزع الناس له يكتشفون أنه يكذب عليهم، وحين هاجمه الذئب حقيقة وصرخ بالناس أن تفزع له، لم يأت أحدٌ لنجدته، فمزقه الذئب وافترس بعض أغنامه.

حكايات رامي مخلوف التي يرويها عبر فيديوهاته، وعبر بوستاته، التي ينشرها على صفحته، لا تختلف في الجوهر والمعنى عن حكاية الراعي الكذّاب، فهذا الرجل كان الذراع اليمنى في نهب أموال السوريين عبر شركاته التي أسسها بأموال سرقها نظام أسد في عهدي الأب والولد.

رامي مخلوف بدأ يستعين بغيبيات وأفكار أقرب إلى الخرافة منها إلى حركة الواقع، فهو وبعد أن حجز نظام أسد على أمواله المنقولة وغير المنقولة ومنها شركاته (أسهمه في سيريتل، وفي شركة شام القابضة)، وفي غيرها من الأملاك والشركات المؤسسة بأموال السوريين المنهوبة، بدأ يعتقد أن الله سيقتص له من آل أسد لأنهم ظلموه، ونسي عنجهيته وتصريحاته بأن إسرائيل لن تسمح لأحد بسقوط نظام أسد.

وآخر ما نشره رامي مخلوف هو بوست قال فيه: “فنحن على مسافة قريبة جداً من حلٍ شاملٍ، وبقيت خطوة واحدة فقط هي صعبة ومخيفة لذوي القلوب الضعيفة، لكنها قصيرة المدة، ولن تتعدى بضعة أسابيع (والله أعلم) وبعدها ينتج حدثٌ كبيرٌ سيتكلم عنه العالم بأسره، وسيبهر السوريين من شدة عظمته، ثم يليه انفراجات عجيبة متتالية، وتبدأ المساعدات تتدفق على سورية والسوريين من كل أرجاء الأرض، يرافقها أصوات دولية تنادي بإيقاف معاناة السوريين، فترفع العقوبات، ويعود المهجرون، وتعاد العلاقات الديبلوماسية العربية والدولية والإقليمية، ويغلق الملف السوري بسلام”.

رامي مخلوف يقدّم نفسه بالرجل العارف بالسياسات الدولية، والعارف باقتراب التغيير السياسي في سورية، دون أن يقول لنا ذلك عبر معطيات واقعية ملموسة، فهو يستخدم تنبؤات على علاقة بعقله المشوّش، هذا العقل، الذي تفاجأ بتغيّر التعامل معه كأحد أركان النظام اقتصادياً، وصار بعدها منبوذاً، بعد أن تمّت السيطرة على الأموال المنهوبة من السوريين، والمسجّلة باسمه في شركات، لا تلتزم بقوانين البلاد كما يدّعي ذلك نظام أسد.

ما قاله رامي مخلوف في البوست المنشور على صفحته، يكشف عن أمنيات رجل مهزوم، لم يبق لديه سوى مخيلة مريضة، فهو يعتقد أن (بضعة أسابيع تفصل سوريا عن انفراجات عجيبة متتالية، هذه الانفراجات برأيه ستحمل معها مساعدات دولية تتدفق على البلاد، تترافق مع أصوات بإيقاف معاناة السوريين، فترفع العقوبات، ويعود المهجرون..).

ما ذكره مخلوف في البوست المذكور يكشف عن ضحالة فكرية وسياسية للصٍ شاطرٍ بسرقة أموال الشعب، ولكنه جاهل بعلوم السياسة وواقعها الدولي، فهو يستعين بخرافات يريد من خلالها أن يقنع قراءه، ويقنع نفسه بأن التغيير قريب، وهذا شكلٌ من أشكال الاحتيال على العقل الشعبي، بتسويق أفكارٍ عن تغيّرات دون معطيات سياسية وقانونية ودولية ملموسة.

مخلوف الذي يريد أن ينسى السوريون لصوصيته، يتشدّق بكلام فارغ من كلّ حقيقة، فابن خاله بشار أسد ليس قوياً في المعادلة السياسية والتوازن العسكري الذي يحكم الصراع في سوريا، فهو مجرد ظلٍ لديكتاتور خطير اسمه بوتين، قواته تحتلّ سوريا بقوة السلاح والعدوان، وهو مجرد ذراعٍ لنظام الملالي في طهران الذي يواجه ثورة شعبية عظيمة لاقتلاعه.

فهل التغيير عملية سحرٍ كهنوتي يتخيّلها رامي مخلوف، تبعد عن السوريين بضعة أسابيع.

إنها شعوذةٌ وكلامُ تسكينٍ لأوجاع الجائعين في المناطق التي يسيطر عليها نظام أسد، فهذا اللص لا يزال يعتقد أن احتياله اللفظي يمكن أن يساعد في تأجيل سقوط نظام أسد، وذلك لمعرفته الأكيدة بأنه سيكون وأسرته وأسرة شاليش، وغيرها من أسر تقاسمت نهب السوريين وقتلهم وإذلالاهم محطّ محاسبة قانونية في البلاد.

إن رامي مخلوف يُدرك بأعماق عقله المشوّش، أن نظام أسد الذي شغّله لحسابه ذراعاً اقتصادية في نهب السوريين، قد فقد هيمنته وقدرته على إعادة إنتاج نفسه، وأن بشائره بسقوط النظام هي مجرد تكهنات لا قيمة لها، فالنظام سيرحل عن حكم سوريا بتفاهمات دولية، تقررها نتائج الحرب في أوكرانيا، وليس بالطريقة التي حكى عنها مخلوف.

إن السوريين لن يمارسوا سياسة الانتقام ضد نظام أسد خارج فعل القوانين والمحاكم العادلة، فالشعب السوري الذي ثار من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية لا يمكنه تجاوز قواعدها في التعامل مع نظام القتلة والتدمير الأسدي.

وفق هذه الرؤية سيبحث رامي مخلوف عن مكان خارج سوريا يلتجئ إليه قبل أن تطاله يد العدالة الوطنية السورية، فهو وكل ناهبي سوريا ستطاردهم حقوق الشعب السوري أنى كانوا، وحيث هربوا.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني