درعا على صفيح ساخن.. تعزيزات لاقتحام مناطق بالمحافظة ومظاهرات منددة بذلك
تواصل قوات الأسد استقدام التعزيزات العسكرية إلى محافظة درعا منذ أكثر من أسبوع، شملت عشرات المدرعات وناقلات الدبابات وسيارات دفع رباعي وأسلحة ثقيلة ومتوسطة ومدافع، إضافة لناقلات جند تحمل جنودًا من قوات الأسد وميليشيات تابعة لحزب الله اللبناني وإيران.
انتشرت التعزيزات في عدة مناطق، منها محيط بلدة طفس غربي درعا ومحيط البانوراما في مدينة درعا ومدينة إزرع وبالقرب من المطار الزراعي شرق اليادودة، ومعمل البطاطا على طريق طفس – درعا، وحاجز التابلين ومنشأة تميم بدر، حيث قام عناصر النظام بمنع المدنيين من التوجه نحو مزارعهم المتواجدة بالقرب من هذه المواقع.
ووصلت قرابة 50 سيارة تحمل مضادات أرضيّة لقوات الأسد إلى تل الخضر العسكري قرب مدينة داعل، وتعزيزات كبيرة أخرى إلى اللواء 52 بالقرب من مدينة الحراك، وشملت آليات وناقلات جند تحمل أعداد كبيرة من قوات الأسد.
ووفقاً لمصادر خاصة لموقع نينار برس فإن بعض هذه التعزيزات قادمة من قلعة المضيق في حماة ومن مقر الفرقة الرابعة في العاصمة دمشق، وبعضها الآخر قادم من محافظة السويداء.
سبق ذلك تعزيز النظام لحواجزه ومقراته المنتشرة في ريف درعا الغربي ومحيط بلدة طفس وعلى اتستراد درعا – دمشق، وحاجز حي الضاحية بدرعا المحطة، واستقدام عدد كبير من عناصره إلى المنطقة، وسط تخوف الأهالي من عملية اقتحامٍ لقراهم ومدنهم بحجة البحث عن مطلوبين.
في ذات السياق أنشأت قوات الأسد عدة حواجز جديدة على طريق نوى – الرفيد، و نوى – الجبيلية، في ريف درعا الغربي، إضافة لتعزيزها بالمدرعات الثقيلة، وكانت مصادر خاصة نقلت عن مصدر مطلع لموقع نينار برس، نية النظام البدء بعملية عسكرية على بعض المدن والبلدات غربي درعا.
هذا وأعادت قوات الأسد تفعيل “كتيبة نامر” الواقعة شرقي بلدة نامر، وعززتها بعناصر مجندين كانوا يخدمون قبل 7 سنوات في اللواء 38 شرق بلدة صيدا، إضافة لسيارات محملة بمضادات أرضية.
الجدير بالذكر أن تلك التعزيزات التي توزّعت في ريفي درعا الشرقي والغربي، جاءت عقب حادثة قتل تسعة من عناصر الشرطة في ناحية المزيريب على يد “محمد قاسم الصبيحي”، الذي فقد ابنه وزوج ابنته بعد أقل من يومين على اختطافهم، يُرجح أنّ النظام وميليشياته المنتشرة في حوض اليرموك هي التي تقف وراء حادثة قتلهم، وهو ما أدانه أهالي حوران واصفين مقتل شرطة ناحية المزيريب بالعمل الإجرامي.
على خلفية ذلك، حضر وفد من اللجنة الأمنيّة التابعة لنظام الأسد للاجتماع مع اللجنة المركزيّة، المعنيّة بتسيير أمور المنطقة الغربيّة والمكونة من قيادات سابقة في الجيش الحر ووجهاء من المنطقة، وأعطت مهلة لتسليم منفذي الهجوم.
وأفاد مصدر محلي رفض الكشف عن اسمه لنينار برس، أن حقيقة ما يتم تداوله عن نية اقتحام النظام لدرعا لم يكن بسبب مقتل عناصره التسعة، فإن هذه الحوادث تتكرر بشكل شبه يومي منذ سيطرة النظام على درعا تموز 2018، وإنما كان النظام يبيّت هذا للمحافظة الخارجة عن سيطرته والتي عجز عن ضبطها، مضيفاً أنه كان يخطط لذلك منذ أشهر بدعم وتحريض إيراني مباشر.
وأشار المصدر إلى أن إيران عملت منذ اتفاق التسوية في تموز وحتى اليوم علي تجنيد خلايا أمنيّة لاغتيال المعارضين للمشروع الإيراني في المنطقة، وتصفية خصوم النظام، وعملت خلال سنتين على جعل الفلتان الأمني سيد الموقف في الجنوب، ليكون لديها الحجّة والمبرر القوي في اقتحام المنطقة وبسط نفوذها والإسراع في تنفيذ مخططاتها، بعد القضاء على رافضي وجودها.
وكانت إيران عبر أذرعها الأمنية الممثلة بالمخابرات الجوية والفرقة الرابعة، قد اتخذت خطوات عملية تمهيدًا لاقتحام المنطقة، إذ لم تكتفِ بتجنيد خلايا أمنية، وإنّما ساهمت بالإفراج عن العشرات من عناصر وقياديي تنظيم الدولة من فروع النظام، ونشرهم في المنطقة الجنوبية، لتكون الفوضى مضاعفة، والحجّة في محاربة التنظيم مبررًا في الاقتحام.
وقامت مخابرات نظام الأسد وشخصيات أمنية بتحريض قوات الأسد عبر صفحات التواصل الاجتماعي بمداهمة قرى درعا والتخلّص من أبناء المنطقة، الذين وصفوهم بالإرهابيين، حيث هدّد قائد ما يسمّى “مغاوير البعث” التابعة للنظام في وقت سابق، باستهداف أهالي من نعتهم بـ”الإرهابيين” في محافظة درعا، مضيفاً عبر حسابه على موقع “فيسبوك”: “درعا طاف الكيل”.
أما روسيا فقد أوضحت مصادر محلية لموقع نينار برس أنها ترغب في ضم عناصر التسوية إلى الفيلق الخامس، لكنها في الوقت ذاته لا تريد لإيران أن تحكم قبضتها على المنطقة، التزامًا منها باتفاقيات مع دول الجوار تقضي بإخراج إيران نهائيًا من الجنوب.
وهذا ما يبرر تدخل الشرطة العسكرية الروسية في مختلف القرى والبلدات في المنطقة بعد أي تصعيد، كما سبق لها أن ساهمت بالإفراج عن معتقلين، والحد من تجاوزات النظام، وهي رسائل واضحة للنظام داخليًا وللدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة خارجيًا بأنّها تسعى لتهدئة المنطقة والحد من النفوذ الإيراني فيها، عكس ما يسعى إليه النظام وإيران.
إلا أن تسريبات لنينار برس أفادت بأن الوفد الروسي امتنع عن حضور اجتماع كان مقرراً عصر 14 آيار في مدينة بصرى الشام شرق درعا للتباحث في التصعيد العسكري من قبل النظام، دون ذكر الأسباب، فيما أكد المجتمعون من ممثلي لجان درعا وقوف جميع اللجان والفصائل التي دخلت ضمن اتفاق التسوية، ضد الحملة العسكرية المرتقبة على مناطق ريف المحافظة الغربي وصد اي عدوان على أي بلده في حوران.
وأضافت التسريبات بأن العميد “غياث دله” قائد قوات الغيث والمعروف بـ طائفيته، سيكون قائد الحملة العسكرية على محافظة درعا، حيث أرسلت الفرقة الرابعة راجمات جولان والفيل الايرانية إلى درعا لبدء الهجوم على مناطق درعا.
وسيشارك بالعمل كلا من الفرقة الرابعة والفرقة التاسعة والفرقة السابعة والفرقة الخامسة والفرقة ١٥ قوات خاصة ومجموعات الرضوان من حزب الله ولواء الفاطميون الطائفي الشيعي والمخابرات العسكرية والجوية.
وخرج المئات من أهالي درعا البلد ومدينة طفس وسحم الجولان وحيط وتل شهاب والكرك الشرقي باحتجاجات شعبية استنكارا لاستقدام التعزيزات العسكرية المدعومة بالميليشيات الإيرانية لشنّ هجوم على مناطق محددة غربي درعا أبرزها مدينة طفس.
فيما أصدر وجهاء وفعاليات وعشائر في المحافظة، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه رفضهم لاستقدام تعزيزات عسكرية لقوات الأسد وانتشارها خارج ثكناته، ,وحذر البيان من عملية عسكرية لقوات النظام وإيران في الجنوب السوري.
وأدان البيان عمليات الخطف والاغتيال التي تشهدها درعا، وحمّل أصحابها المسؤولية الشخصية، داعياً الضامن الروسي إلى تحمل مسؤولياته في منع أي هجوم للنظام وإيران على الجنوب السوري.
وتشهد محافظة درعا عمليات اغتيال بشكل شبه يومي، ووفق مكتب توثيق الشهداء في درعا فقد تم توثيق 21 عملية ومحاولة اغتيال أدت إلى مقتل 16 شخصا و إصابة 5 آخرين خلال شهر نيسان الفائت، علما أن هذه الإحصائية لا تتضمن الهجمات التي تعرضت لها حواجز وأرتال قوات النظام، فيما قتل 13 عنصراً لقوات الأسد، بينهم 4 ضباط، وجرح 8 عناصر آخرين، خلال الشهر ذاته وذلك خلال استهدافهم من قبل مجهولين بالأسلحة الخفيفة، أثناء تجولهم على الطرقات وفي الحواجز العسكرية المنتشرة بين مدن وبلدات محافظة درعا.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”