دبلوماسي إيطالي: البلقان والمتوسط و ليبيا أولويات السياسة الخارجية لروما
بعد القمم الأوروبية والاجتماعات مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج والرئيس الأمريكى جو بايدن، تفتح مرحلة العمل أمام رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.. ستيفانو ستيفانيني السفير الإيطالي السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) يعتبر أنه بالنسبة لليبيا هناك حاجة إلى إيجاد نهج مشترك مع الدولة الأخرى التي لها نفوذ وهي فرنسا.
كما تحدث الدبلوماسي الإيطالي عن عملية انضمام دول البلقان إلى الاتحاد الأوروبي وروابط الطاقة الجديدة مع إفريقيا.
واعتبر ستيفانيني أن ميلوني حصلت فوراً على أوراق اعتمادها الأطلسية عبر إعادة تأكيد الموقف الإيطالي بشأن الحرب في أوكرانيا ودعم كييف في بروكسل حيث ظلت في الخط المؤيد لأوروبا.
وأكد أن رئيسة الوزراء الإيطالية أعطت تطمينات بالمسؤولية المالية ولم يكن لديها تمويل كما يتصور حلفاؤها الداخليين. وقال إن إيطاليا تحافظ على طلبها بسقف لأسعار الغاز في المفاوضات الصعبة في الاتحاد الأوروبي والتي ترى أنها تتماشى مع حوالي خمسة عشر دولة من بينها فرنسا الحليف الأكثر أهمية. واعتبر أن هذا سبب آخر لمواجهة ملف الهجرة مع باريس بدون خطاب وهستيريا متبادلة.
وذكر أن غياب لقاء ثنائي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وميلوني في بالي بإندونيسيا مثّل فرصة ضائعة لكن يمكن استعادتها، وسيكون من الواجب عاجلاً أم آجلا معالجة قضية الهجرة في الاتحاد الأوروبي حيث ما تم التوصل إليه حتى الآن هو مسكنات فقط.
وأشار إلى أهمية منطقة البلقان بالنسبة لإيطاليا، موضحاً أنها ليست مسألة مرتبطة فقط بدور إيطاليا في مهمة حلف الناتو لتحقيق الاستقرار في كوسوفو (كفور).
وأوضح أن المشكلة الأوسع تتمثل في استكمال اندماج غرب البلقان، يوغوسلافيا السابقة بالإضافة إلى ألبانيا، في المنظمتين اللتين تضمنان السلام والأمن والازدهار في أوروبا: الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ( الناتو).
وذكر أن عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي طويلة حيث من الضروري احترام معايير سيادة القانون واستقلال القضاء والشفافية الإدارية واقتصاد السوق. وقال إنه باستثناء كوسوفو والبوسنة والهرسك، فإن جميع دول غرب البلقان هي الآن في حلف الناتو.
واعتبر أن بلجراد تعد أهم منطقة في البلقان، محذراً من خطر عدم الاستقرار إذا بقيت صربيا خارج الهيكل الإقليمي. وقال إنه لا يمكن أن تظل ترشيحات البلدان الأخرى رهينة التردد الصربي، حيث هناك أبعاد رئيسية منها التوافق مع الاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية.
كما أشار إلى إحدى المشكلات الأساسية لغرب البلقان وهي الوضع غير المستقر في البوسنة والهرسك وفي كوسوفو، موضحاً أن عدم اعتراف صربيا باستقلال كوسوفو يمنع كوسوفو من الوصول إلى المنظمات الدولية ولكنه يعرقل أيضًا المنظور الأوروبي لصربيا.
وحول المتوسط و أفريقيا، قال الدبلوماسي الإيطالي إن هناك محور إقليمي آخر للسياسة الخارجية الإيطالية هو البحر المتوسط وخاصة غرب البحر المتوسط وشمال إفريقيا، معتبراً أن هذا هو الجزء من العالم الذي تعتمد عليه احتياجات روما من الطاقة اليوم.
وقال إن الحكومة الإيطالية السابقة بقيادة ماريو دراجي تحركت بشكل جيد لاستبدال الغاز الروسي عبر تنويع الإمدادات وكثير منها يأتي من إفريقيا.
وأضاف أنه منظور يمكن أن يجعل إيطاليا مركزًا لإمداد الطاقة لأوروبا بأسرها “من الجنوب إلى الشمال”، عبر خطوط أنابيب الغاز الموجودة بالفعل.
وقال إنه فضلاً عن بعد الطاقة هناك الأمن و الإرهاب حيث ما زال موجوداً في المغرب العربي والساحل والهجرة. وهذا يتطلب أيضًا توازنًا في العلاقات مع الدول الرئيسية في المنطقة. وذكر أن الجزائر شريك أساسي في إمدادات الطاقة لكن يجب الحفاظ على العلاقات مع المغرب على نفس مستوى الصداقة والتعاون.
وفيما يتعلق بليبيا، قال ستيفانيني إنه لا يوجد بلد يلخص الديناميكيات الثلاث الأمن والطاقة والهجرة أكثر من ليبيا وهي دولة ترتبط إيطاليا بها بعلاقات قوية جدًا وقربًا جغرافيًا ومصالح موحدة وإمكانات للتآزر الاقتصادي والتجاري، وفقاً لموقع “ديكود 39” الإيطالي.
وأضاف أن ليبيا مستقرة تنفتح على استئناف العلاقات الاقتصادية والتجارية التي لا تتطلب سوى إعادة تنشيطها.
وذكر أن روما أبقت على سفارتها في طرابلس خلال الأزمة الليبية وهي الدولة الأوروبية والغربية الوحيدة التي قامت بذلك ولم تغلقها إلا لما يزيد قليلاً عن عام.
وقال إن لاعبون آخرون مثل روسيا وتركيا دخلوا إلى المشهد الليبي واكتسبوا نفوذًا من خلال دعمهم أطراف النزاع الليبي، مشيراً إلى أن إيطاليا دعمت الأمم المتحدة.
ودعا إلى ضرورة مواصلة العمل في الميدان مع جميع الأطراف الليبية وإعادة العلاقات والتعاون الاقتصادي والتجاري.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، رأى ضرورة العمل بالتنسيق مع الدولة الأخرى التي لها وجود ونفوذ وهي فرنسا، معتبراً أنه سبب آخر لضرورة تجديد الحوار مع باريس.
وأضاف: يمكننا السعي للتصدي للتأثيرات الخارجية التي تدفع باتجاه التفكك مع دعم عملية الحوار والمصالحة الوطنية تحت مظلة الأمم المتحدة.
وتابع: لكن دعونا لا نتوقع أن تأتي المبادرة من بروكسل. علينا تحفيزها ومحاولة جعل باريس وبرلين إلى جانبنا وربما إشراك لندن. وشدد على ضرورة جعل الهدف الجيوسياسي والأمني هو تحرير ليبيا قدر الإمكان من التدخل الخارجي.