fbpx

خيبة أمل أم فشل دوليّ؟!

0 214

انعقدت في لاهاي في الفترة ما بين “15و19” أيّار الحالي الدورة الخامسة للمؤتمر الاستعراضي للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية والذي اختتم يوم الجمعة “19” أيّار دون إصدار وثيقة ختامية تُعتمد بالإجماع وذلك بسبب عرقلة روسيا وسورية المتعمّدة حيث أعاقت هاتان الدولتان التوصل إلى اتفاق بشأن وثيقة ختامية برفض عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ينعقد مؤتمر الدول الأطراف  في جلسة خاصة تسمى المؤتمر الاستعراضي كل خمس سنوات لفحص عمل اتفاقية الأسلحة الكيميائية و قد ناقش المؤتمرون دور منظمة حظر الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة الكيميائية في تعزيز السلام والأمن الدوليين، بما في ذلك منع عودة ظهور الأسلحة الكيميائية، الحفاظ على الاستعداد للرد على استخدام الأسلحة الكيميائية أو التهديد باستخدامها، التطورات العلمية والتكنولوجية ذات الصلة بتنفيذ الاتفاقية، تعزيز التطبيقات السلمية والمصرح بها للكيمياء وضمان الإنتاج الآمن والاستخدام الآمن للمواد الكيميائية.

ومن خلال استعراضنا لجدول أعمال المؤتمر والوثائق والتقارير المرفقة وجدنا أنّ ملف الأسلحة الكيميائيّة في سوريّة حاضراً في مذكرة الأمانة العامة للمنظمة المُرمّز لها بالوثيقة ” WGRC-5/S/1 ” و”CS-2022-3962.E” كانت الأمانة العامة قد وزّعتها بتاريخ 2023/3/8 والذي ورد في باب التحقّق والامتثال وقد تضمّنت النتائج التاليّة:

  • تقارير بعثة تقصّي الحقائق: حتى 2022/9/30 تضمنت أنشطة بعثة تقصي الحقائق منذ إنشائها “110” عملية نشر تحقق في “77” حادثة منفصلة، أجرت البعثة مقابلات مع “617” فردا وجمعت”473″ عينة، وقد تم إصدار تسعة عشر تقريراً نتائج إلى الدول الأطراف وأبلغت بعثة تقصي الحقائق عن”20″ واقعة لاستخدام محتمل أو مؤكد للأسلحة الكيميائية ومن بين هذه الحالات كانت”14″ حالة مرتبطة بالكلور وثلاث حالات بخردل الكبريت وثلاث حالات تتعلق بغاز السارين.
  • تقارير فريق تحديد الهويّة: أصدر الفريق الاستشاري الدولي ثلاثة تقارير:
  • التقرير الأول: يتعلّق بثلاثة حوادث منفصلة وقعت في مدينة اللطامنة بتاريخ “24و25و30” آذار 2017، التقرير رقم /1867/2020/ والذي خلص إلى مسؤوليّة نظام أسد عنها وتحديد هوية المسؤولين عن استخدام غازي السارين والكلورين.
  • التقرير الثاني: يتعلق بحادثة واحدة وقعت في سراقب بتاريخ 2018/2/4، التقرير رقم /1943/2021/ والذي خلص إلى مسؤوليّة نظام أسد عنها وتحديد هوية المسؤولين عن استخدام الكلورين.
  • التقرير الثالث: يركز على حادثة مدينة دوما بتاريخ 2017/4/7 التقرير رقم/2125/2023/ والذي خلص إلى مسؤوليّة نظام أسد عنها وتحديد هوية المسؤولين عن استخدام الكلورين.
  • واصل الفريق الاستشاري التحقيق في الأحداث التي وقعت في كلٍ من مدينة التمانعة بتاريخ 2014/4/18و12، ومدينة كفرزيتا بتاريخ 2014/4/18 ومدينة ومارع بتاريخ 2015/9/1 وسوف يصدر المزيد من التقارير في الوقت المناسب.
  • فريق تقييم الإعلان”DAT”: تماشيا مع قرارات المجلس “4 DEC/-81ECو5DEC/-83EC و2DEC/-94EC ” واصل المدير العام تقديم تقاريره إلى المجلس بشأن القضايا العالقة فيما يتعلق بالإعلان السوري وعمليات الإرسال ذات الصلة إلى المجلس عن عمل فريق تقييم الإعلانات “DAT ” كجزء من تقاريره الشهرية بعنوان “التقدم المحرز في القضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية السوري”، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عملاً بالقرار/2118/2013/ واصل الفريق تقديم تقاريره الفنية إلى الدول الأطراف.
  • بالنظر إلى الثغرات والتناقضات والتي تم تحديدها والتي لاتزال دون حل تقدر الأمانة أن الإعلان المقدم من الجمهورية العربية السورية لا يمكن اعتباره دقيقا وكاملاً وفقا للاتفاقية ومقررات المجلس”1DEC/-33M-EC و2DEC/-94EC ” وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم/2118/2013.
  • تظل الأمانة ملتزمة التزاماً كاملاً بالتحقق من التنفيذ الكامل من قبل الجمهورية العربية السورية لجميع متطلبات الإعلان الخاصة بها ومساعدة الجمهورية العربية السورية في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية وقرارات أجهزة صنع السياسات في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن الأمم الدولي رقم /2118/2013/ حتى يحين الوقت الذي تنجح فيه جهود تنظيم الجولة الخامسة والعشرين من المشاورات وفًقا لاقتراح الأمانة العامة ستستمر الأنشطة من خلال تبادل المراسلات وتقديم الإعلانات والوثائق والمعلومات المعلقة من قبل الجمهورية العربية السورية.
  • سيواصل المدير العام تقديم تقرير إلى المجلس وإلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن عمل الفريق وحالة جميع القضايا التي لم يتم حلها فيما يتعلق بالإعلان السوري والتقديمات ذات الصلة، بينما سيواصل الفريق تقديم تقاريره الفنية والتقارير والإحاطات المقدمة إلى الدول الأطراف.
  • تفتيش مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية: بتاريخ 2016/11/11 قرر المجلس أن تجري الأمانة عمليات تفتيش بما في ذلك أخذ العينات والتحليل مرتين في السنة في مرافق برزة التابعة للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية “SSRC” ومرتين في السنة في مرافق مركز أبحاث العلوم في “جمراية” تقوم الأمانة بتحديده تواريخها و بإمكانية الوصول الكامل وغير المقيد إلى جميع المباني في هذه المواقع وجميع الغرف داخل هذه المباني وأن “على الجمهورية العربية السورية أن تسهل عمليات التفتيش هذه على الفور وتتعاون بشكل كامل معها”.
  • أجريت الجولة الأخيرة من عمليات التفتيش لمرافقي “برزة وجمراية” في الفترة من 2022/9/18-11 وقد أبلغت الأمانة العامة المجلس بانتظام بنتائج عمليات التفتيش هذه.
  • خلال الجولة الثالثة من عمليات التفتيش في مرافق “برزة” التابعة لمركز”SSRC ” في تشرين الثاني 2018، تم الكشف عن مادة كيميائية في الجدول “04B2 ” التي يمكن أن تكون منتج تحلل مائي لعوامل الأعصاب وتواصلت الأمانة مع الجمهورية العربية السورية في هذا الشأن من خلال تبادل المراسلات قدمت السلطة الوطنية السورية بعض المعلومات التي اعتبرتها الأمانة غير كافية، ولم تقدم الجمهورية العربية السورية بعد معلومات فنية أو تفسيرات كافية تمكن الأمانة العامة من إغلاق هذه المسألة.

الرأي القانونيّ فيما سبق من وقائع وأدلّة: بناءً على التقارير والأدلة والوقائع المذكورة أعلاه ثبت أنّ نظام أسد:

  • ارتكب جريمة إنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائيّة في مرفقي “برزة وجمراية” حيث ثبت إنتاجه غازات السارين والأعصاب والخرذل والكلورين.
  • نقل وتدمير الأسطوانتين المستخدمتين في الهجوم على مدينة “دوما” المودعتين لديه من قِبل فريق تقصّي الحقائق.
  • استخدام السلاح الكيماوي حيث أستهدف كل من المُدن التالية “اللطامنة وسراقب ودوما وكفرزيتا والتمانعة” بغازي السارين والكلورين، وتحديد هوية الأشخاص والقيادات العسكرية الذين ارتكبوا هذه الجرائم من قِبل فريق تحديد الهويّة.
  • ثبوت تحايل النظام على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتهرّب من الالتزامات المفروضة عليه بوجوب التعاون مع المنظّمة وتقديم الإعلانات المتعلقة بالمسائل العالقة والتي ثبت قيامه بإنتاج غازات” السارين والأعصاب والكلورين -والخرذل ” واستخدامها في استهداف المدنيين بعد تاريخ 2018/9/27.

الأمر الذي يُعتبر انتهاكاً للمواد”1و3و4و5″ والفقرتين “35و36” من المادة “8” من اتفاقيّة حظر الأسلحة الكيميائيّة، وقرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المؤرخ في 2013/9/27 الذي وضع إجراءات تفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم وفقا للجدول الزمني الوارد في قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المؤرخ في 2013/9/27. والفقرات “4-5-7” من قرار مجلس الأمن الدوليين رقم /2118/2013/ والفقرات “1-2-3-4” من قراره رقم /2209/2015/ التي اعتبرت استخدام الكلور كسلاح يُعتبر انتهاكاً لاتفاقيّة حظر الأسلحة الكيميائيّة.

أبواب المساءلة الجنائيّة عن استخدام السلاح الكيمياوي:

يُعتبر استخدام السلاح الكيماوي جريم حرب وفقاً للبند “18” من الفقرة “ب” من المادة “8” من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة الأمر الذي يوجب محاسبة الجُناة الذين تم تحديد هويّاتهم من قِبل فريق تحديد الهويّة الواردة في تقاريره الثلاثة المذكورة أعلاه، استناداً للفقرة”15″ من قرار مجلس الأمن رقم /2118/2013/ والفقرة”6″ من قراره رقم /2209/2015/ عبر تفعيل الفقرتين المذكورتين استناداً للفقرة “21” من القرار 2118 و الفقرة “7” من القرار2209 وإحالة الملف للمحكمة الجنائيّة إمّا عن طريق مجلس الأمن الدوليّ وفقاً لنص الفقرة “ب” من المادة “13” من نظام روما للمحكمة الجنائيّة الدوليّة، وإمّا أن يُبادر المدير التنفيذي لمنظمة الأسلحة الكيميائيّة بإيصال هذه التقارير والمعلومات للنائب العام في المحكمة الجنائيّة الدوليّة استناداً للفقرتين “36و37″ من المادة”8” من الاتفاقيّة لدفعه على فتح التحقيق من تلقاء نفسه وفقاً للفقرة “ج” من المادة المذكورة المعطوفة على الفقرتين “1و2” من المادة “15” منه.

الإجراءات الواجب اتخاذها لعدم امتثال النظام لتنفيذ الالتزامات التي تفرضها اتفاقيّة حظر الأسلحة الكيميائيّة:

لقد تضمّن قرار مجلس الأمن الدوليّ رقم /2118/2013/ في الفقرة “21” منه والقرار رقم /2209/2015/ الفقرة “7” منه أنّه: في حالة عدم الامتثال لهذا القرار بما يشمل نقل الأسلحة الكيميائية دون إذن أو استخدام أي أحد للأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية أن يفرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

حيث يغطي الفصل السابع “العمل فيما يتعلق بالتهديدات التي يتعرض لها السلام، وخرق السلم، وأعمال العدوان” مما يسمح للدول باستخدام جميع الوسائل الممكنة بما في ذلك العقوبات الاقتصادية والعمل العسكري لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومنها القرارين/2118/2013/ و/2209/2015، وإحالة ملف استخدام السلاح الكيماوي إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة.

ويبقى السؤال المطروح دائماً متى سيتم تنفيذ هذه القرارات؟ وهل عجز المجتمع الدوليّ عن تنفيذها؟.

الجواب برسم الجمعيّة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدوليّ، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة، والشراكة الدوليّة التي تم إطلاقها ضد الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية في باريس بتاريخ 2018/1/23 التي تتكوّن من تجمع “40” دولة والاتحاد.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني