fbpx

خواء المصطلحات

0 77

من المعلوم في علم الاجتماع والسياسة أن بناء الهياكل السياسية في قوالب لغوية اصطلاحية ضرورة للتغيير في البنى العقلية والنفسية؛ لتوجيه الرأي العام إليها، ووضع الخطط القريبة المدى والبعيدة لتحقيق هذه الرؤية المراد تنفيذها.

فمن مصطلح تصدير الثورة الإيرانية، الذي فتح نفقاً لسيرورة حرب ضروس التهمت شباب البلدين المتحاربين وإمكاناتهما المادية الضخمة، لو قدر لها سياق للبناء لكان كلا البلدين العراق وإيران في مصاف الدول المتقدمة.

وما إن انتهى شهر العسل بين إيران والأمريكان إثر غزو العراق من قبل التحالف الدولي والتخادم الذي جرى بينهما، لتخريب العراق كلٌّ من دوافعه وأهدافه الخاصة، فمن الحرب الطائفية التي استهدفت المنطقة الغربية، إلى تصنيع داعش وفتح المحافظات الغربية أمامها لتبرير تدميرها، وتهجير سكانها تحت ذريعة محاربة الإرهاب، أطلقت إيران مصطلح غرب آسيا، وتعني به ضرورة إخراج أمريكا من بلاد الرافدين وبلاد الشام، أو ما يعرف بالمصطلحات السياسية بالشرق الأوس، حتى يفرغ لها هذا الإقليم بكامله.

غير أن الأمريكان يلعبون معهم لعبة القط والفأر لوظيفتهم الاستراتيجية من المنظور الأمريكي كمطرقة ضغط على رؤوس الخليج بشكل خاص والإقليم بشكل عام.

واليوم حين رأت أن مصطلح غرب آسيا لم يأخذ سياقه في الأدبيات السياسية، ولم تنفّذ محتوياته الدلالة على أرض الواقع، عادت لتفعيل مصطلح المقاومة والممانعة القديم الجديد بعد أن أضافوا لتربته الحسينية قليلاً من تربة غزة، التي دفعوا بأهلها إلى فم الذئاب المفترسة، ووقفوا يتفرجون على ذبحهم كقرابين لعرش كسرى.

وأخيراً وليس آخراً، خرج علينا علي خامنئي بمصطلح جديد، وكأنه غسل يديه من قميص غزة، ففي تغريدة له على منصة إكس، أتحفنا بمصطلح جديد وهو أن أمّة الحسين هي في حرب مستمرة مع أمة يزيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا ندري ماذا حل بمصطلح الاستكبار العالمي، أم هو مدرج في مضامين هذا المصطلح الجديد، أم هو استدارة كاملة، والعودة، والقبول بالوظيفة الأصلية الموكلة إليهم من اليوم الأول لوصولهم إلى السلطة، وهي إثارة الفرقة والفتن بين أبناء المنطقة من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، والتي استثمرت بها، ففتّت وقسّمت أربع دول عربية، وهي حاضرة للمزيد مما يطلبه منها رعاتها في سبيل البقاء على قمة السلطة، رغم العسف والظلم الذي قامت وتقوم به ضد أبناء شعبها أو شعوب الجوار، التي لم تشعر بالأمن والاستقرار من يوم وصول الملالي إلى السلطة.

فأكثر من أربعين عاماً وهي ترفع شعارات، وتصك مصطلحات، محاولة إثارة الغبار والدخان للتعمية على مراميها الحقيقية بالسعي جاهدة لإعادة مجد الدولة الفارسية، ولكن هيهات هيهات.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني