خطوة نحو الإصلاح الشامل
يعرف قاموس “وبستر” للمصطلحات السياسية (1988) الإصلاح السياسي بأنه “تحسين النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد”.
ويعتبر الإصلاح السياسي ركناً أساسياً مرسخاً للحكم الصالح، ومن مظاهره سيادة القانون والشفافية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والعدل وفعالية الإنجاز وكفاءة الإدارة والمحاسبة والمسائلة والرؤية الاستراتيجية، وهو تجديد للحياة السياسية، وتصحيح لمساراتها، ولصيغها الدستورية، والقانونية، بما يضمن توافقاً عاماً للدستور، وسيادة للقانون، وفصلاً للسلطات، وتحديداً للعلاقات فيما بينها “وهو التعريف الذي يتبناه برنامج الأمم المتحدة لإدارة الحكم في الدول العربية”.
يعرف قاموس “أكسفورد” الإصلاح بأنه “تغير أو تبديل نحو الأفضل في حالة الأشياء ذات النقائص، وخاصة في المؤسسات والممارسات السياسية الفاسدة أو الجائرة، وإزالة بعض التعسف أو الخطأ”.
إذاً، ومن خلال التعريفات السابقة، نلاحظ أن الإصلاح يشمل عدة جوانب وليس السياسية فقط، أي إزالة منصب أو كرسي، أو استبدال شخص مكان آخر، وإنما يرافقها مجموعة إجراءات ذات طابع تنظيمي ووظيفي يغير من الأداء، وتؤدي إلى دفع عجلة التطور في البنية التي يجري الإصلاح فيها.
من خلال ما سبق، فهل ستنطبق هذه التعريفات على الإجراءات، التي طالت 4 مكونات من “الائتلاف” هي: حركة العمل الوطني، الكتلة الوطنية المؤسسة، كتلة الحراك الثوري، الحركة الكردية المستقلة، بالإضافة إلى 14 عضواً، من بينهم شخصيات كانت قد انخرطت في المسار السياسي للجسم المعارض، منذ الإعلان الأول عن تأسيسه، قبل سنوات طويلة.
وفي الوقت الذي قال فيه رئيس الائتلاف، سالم المسلط، في مؤتمر صحفي: إن ما حصل هو “عملية إصلاح، جاءت استجابة لمطالبات الشعب السوري، وضمن أجندة وطنية خالصة”.
لكن شخصيات تم إقصاؤها تحدثت عن “محاولة انقلابية على تيار أطلق على نفسه اسم تيار الإصلاح، فهل هو إصلاحي في الأصل”؟.
وهل ستكون الخطوة التي اتخذتها قيادة الائتلاف بداية نحو الإصلاح الحقيقي؟ بالعموم، إن الذي حصل في مؤسسات الائتلاف هو خطوة حقيقية وجادة نحو إصلاح سياسي اقتصادي بنّاء وشامل، ولا نتمنى أن يكون ترقيعاً كما يقال في العامية، وأن يكون هناك دور فاعل للشعب السوري فيه، ولا يكون عبارة عن استبدال أجندات مكان أخرى، وأن يشمل كل ما يتعلق بشؤون السوريين، والتي تعد ركيزة أساسية في التصدي لبناء دولة ديمقراطية قوية في المستقبل، ويتطلع الشعب السوري، لأن يكون الإصلاح الذي شهده الائتلاف مؤخراً ذا شفافية عالية، ونزاهة تتيح فرصاً عادلة في التعبير عن مصالح الشعب السوري.
بالمقابل نتمنى أن لا تكون الإصلاحات التي قام بها الائتلاف هي نتيجة ضغوط خارجية لاستمرار تمرير أجندات مصالح دولية على حساب استمرار الحرب في سورية وما خلفته من دمار على الإنسان ومفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد كافة، كما يجب على شخصيات وكتل المعارضة التي أقيلت ألا تكون حجر عثرة أمام عملية الإصلاح التي يحلم بها الجميع، ونتمنى منهم التوقف عن كيل تهم الفساد والمحسوبيات لبعضهم ووضع مصالح الشعب السوري في أولويات ملفاتها القادمة لتجاوز الأزمة إذا كانوا حقاً سوريين ويعملون لمصلحة الشعب السوري، الذي يرى في حديث الفساد وسرقة الأموال والمحسوبيات الذي تخوض فيه شخصيات المعارضة هو تعليق لفشل بعضهم على شماعة الآخرين، والأخذ والرد وتراشق الاتهامات “الذي لم يكن الشعب السوري غافلاً عنه يوماً، ولكن ظروف الحرب والقصف والموت الذي كان يتربص بهم أينما رحلوا، يجعلهم يغضون الطرف، ولكن الاستمرار في هذه المهزلة السياسية دليل إهانة لكل السوريين، واستهزاء بعذابات المعتقلين وهروب من مسؤولياتهم الحقيقية أمام وضع النازحين، المشردين في الخيام” الذين أنهكتهم الحرب وأضاعت الخيام والتشرد في دول اللجوء كل ما يملكون من أحلام وأصبحوا في كل يوم يقدمون أطفالهم قرابين للموت.