خطوة على طريق محاكمة الملالي
جاء قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران استجابة لتضحيات الشعب الإيراني خلال انتفاضته المستمرة منذ سبعين يوما، التي تجاوزت الـ 660 شهيداً، علاوة على الجرحى والمعتقلين والملاحقين من قبل أجهزة أمن الملالي.
سيتم بناء على القرار الذي اتخذ في جلسة خاصة تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق، للنظر في قمع انتفاضة الشعب الإيراني، كما تم التأكيد على ضرورة محاسبة نظام الملالي على انتهاكاته لحقوق الإنسان، لا سيما حقوق المرأة، الاعتقالات، القتل، والاختفاء القسري.
ويعد قرار الاجتماع الطارئ – الذي حضره عدد من وزراء الخارجية – بالتحقيق في جرائم نظام الملالي، ضربة قاسية لحكومة الملالي التي مزقتها الأزمة، حيث فشل النظام وحلفاؤه في تغيير نص القرار وإلغاء البند المتعلق بتشكيل اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، وحصل النص على الأغلبية الساحقة من الأصوات، الأمر الذي اعتبر هزيمة مزدوجة، اعقبتها ردود فعل غاضبة مثل تصريحات وزير الخارجية في حكومة إبراهيم رئيسي التي جاء فيها إن على هذه الدول أن تعلم بعدم سماح النظام بالتدخل في شؤونه الداخلية.
فتح الاجتماع الطارئ وقرار تشكيل اللجنة الباب أمام المزيد من الإجراءات، فلم تتوقف دعوات المقاومة الإيرانية لتشكيل لجان تقصي الحقائق حول الجرائم التي يرتكبها الملالي ضد الإنسانية والتعذيب والإعدام ومذابح السجناء السياسيين والقتل في الشوارع وقمع الانتفاضات، على مدى العقود الأربعة الماضية.
ولا تقتصر جرائم النظام على ما جرى خلال الانتفاضة، أو الأشهر الثلاثة الماضية، فقد جاءت عاصفة الاحتجاجات الحالية نتيجة لتراكمات 43 عاماً من القمع، أدت لإدانة نظام الملالي 69 مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الدولية.
وكان للتوضيحات المستمرة، عرض الوثائق على هيئات الأمم المتحدة، جهود شهيد حقوق الإنسان الكبير الدكتور كاظم رجوي في المقر الأوروبي للأمم المتحدة، ورحلته إلى نيويورك، دور في هذا الاهتمام الأممي، واعتبار الملالي أسوأ ديكتاتورية في العالم، على الرغم من مهادنة الشرق والغرب لنظام خميني.
تتجه أنظار المعنيين بحقوق الإنسان إلى الجهود التي ستقوم بها لجنة تقصي الحقائق، وتحضر في هذا السياق الدعوة التي وجهتها الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة مريم رجوي لزيارة السجون العلنية والسرية للفاشية الدينية الحاكمة في إيران، وخاصة سجون وزارة المخابرات وقوى الأمن الداخلي، والانتباه إلى المذبحة التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي في عام 1988 وباتت حقيقة لا يمكن إنكارها بفضل شهادات مئات وآلاف من الشهود الأحياء والكثير من الوثائق التي لا جدال فيها.
لا يمكن التعامل مع هذه التطورات دون وضعها في مسار الأحداث التي تشهدها البلاد منذ أربعة عقود، والاستجابة لمطالب الشعب الإيراني، ليكون تشكيل اللجنة توطئة لإحالة قضية جرائم النظام إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومحاكمة قادة ومرتكبي الجرائم في محكمة دولية، كما قدم غيرهم من مجرمي الحروب في أزمنة سابقة.