fbpx

خطة الائتلاف هل تصلح ما أُفسد؟

0 135

في نوفمبر من العام 2012 أُعلن عن تشكيل الائتلاف السّوري لقوى المعارضة في قطر (الدّوحة).وجاء تشكيل الائتلاف بعد الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة من أجل تشكيل ائتلاف سوري معارض بتنوع وشمولية تفوق المجلس الوطني بهدف تأسيس جسم سياسي قادر على نيل اعتراف دولي واسع.

وانتُخب الشيخ معاذ الخطيب كأول رئيس للائتلاف الذي ضم في صفوفه 63 عضواً يمثلون قوى المعارضة السورية كافة، باستثناء هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي والميليشيات الإسلامية المتطرفة وبعض كتائب جيش التحرير السوري.

حصل الائتلاف فور تأسيسه على اعتراف دول مجلس التعاون الخليجي كممثل شرعي للشعب السوري، تلا ذلك اعتراف جامعة الدول العربية ماعدا لبنان والجزائر والعراق، ليصل إلى اعتراف مجموعة أصدقاء الشعب السوري المؤلفة من 114 دولة مع الاستعداد التام لتقديم الدعم السياسي والمالي للائتلاف بغية الاستجابة لطموحات الشعب السوري، ليكون الائتلاف الممثل الوحيد للسوريين والمعترف به عربياً ودولياً.

“إن العالم بحاجة إلى أن يرى عمل الائتلاف على الأرض ليعترف به”

هذا ما قاله معاذ الخطيب بعد حصول الائتلاف على الاعتراف العربي/الدولي

وقال أيضاً: “إن البداية سياسياً يجب أن تكون بكيان ذي مصداقية ومعترف به ليعمل كجبهة موحدة ينظر إليها العالم كبديل”.

فهل كان عمل الائتلاف على الأرض جديراً بالاعتراف؟ وهل كان الائتلاف ذلك الكيان الذي يمكن اعتباره البديل؟.

عشر سنوات كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.

سيطر الانقسام على الشارع السوري بين مؤيد ومعارض للائتلاف ككيان يمثل الشعب السوري ويحقق طموحاته ومدى جدارته أي الائتلاف بمنحه ثقة الجماهير.

فالغالبية لا ترى في الائتلاف ذلك الجسم السياسي الذي تُعقد عليه الآمال، لأسباب باتت معروفة للسوريين، فقد أُلقي على عاتقه مسؤولية الخسائر التي تكبدتها الثورة السورية من خسارة الأرض إلى خسارة الدعم الدولي وصولاً إلى خسارة الحاضنة الشعبية جراء ما لاقاه السوريون من ويلات اللجوء والنزوح. وبذلك تحجب تلك الفئة ثقتها عن الائتلاف الذي لا ترى فيه الممثل الحق لأهداف وطموحات السوريين وتجلى ذلك بوضوح عام 2013 عندما سيطرت قوى المعارضة على مساحة واسعة من الجغرافية السورية ولم يتم نقل مقر الائتلاف من استنبول إلى الداخل السوري، وإن دلّ ذلك على شيء فإنه يدل على ابتعاد الائتلاف عن جماهيره وتقديم أولويات بعض أعضاءه على المصالح العامة. ناهيك بعدم قدرته على ضبط الفصائل المسلحة وتجاوزاتها تجاه أبناء الثورة، فضلاً عن انشغال أعضائه بالتنافسية على حساب الهدف الذي أنشأ لأجله، وهو إسقاط النظام.

للإنصاف، فإن هذا الإخفاق، تتحمل مسؤوليته الشخصيات المتصدرة للمشهد والمتناوبة على مقاعد الائتلاف الحساسة لا على الائتلاف كجسم سياسي.

وبالمقابل فإنه من الإجحاف القول جذرياً بفشل الائتلاف، فرغم ما سبق ذكره ورغم ما شاب عمله خلال العقد الماضي فإن للائتلاف مواقف تحسب له، وأهمها حفاظه على الثوابت والمبادئ التي قامت من أجلها الثورة ونادى بها الشعب السوري بالإضافة إلى سعيه جاهداً لتجنب الوقوع في فخ الحلول التي أُريد فرضها على الشعب السوري وعلى الائتلاف كممثل شرعي للسوريين.

كما يحسب له رفضه المشاركة في مشاورات المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.

فالائتلاف بقي وفياً لمبادئ الثورة ولم يهادن على ثوابت الشعب السوري الثائر ولم يقدم تنازلات في مفاوضاته مع النظام، ونتيجةً لذلك تم تقليص دوره ومحاولة تهميشه من خلال خلق منصات سياسية أخرى مرتبطة بأجندات تخدم مصالح الدول التي تدعمها بهدف تشتيت التمثيل السياسي لقوى الثورة.

يضاف إلى ذلك حرص الائتلاف على الإصلاح من خلال العمل على برامج إصلاحية هدفها تعزيز شرعية التمثيل بمصداقية وشمولية، فقد تم زيادة نسبة التمثيل النسوي، بالإضافة لقبول طلبات المجلس التركماني السوري، ومجلس العشائر والقبائل، ورابطة الأكراد المستقلين، وممثلين عن الدروز والعلويين، وبذلك تم إدخال مكونات جديدة لم تكن ممثلة سابقاً، بالإضافة إلى استبدال ممثلي الفصائل التي لم يكن لها وجود على الأرض بممثلين جدد عن الفيالق التي تم تشكيلها.

وفي هذا السياق لابد من التأكيد على وجوب اعتبار مقياس الوطنية بالدرجة الأولى والقبول لدى الشارع السوري لأي عضو، فضلاً عن الخبرة والكفاءة في الجوانب السياسية والدبلوماسية والحقوقية والإدارية، مع الالتزام بتبني رؤية سياسية شفافة وواضحة ووجود هيئة رقابية احترافية.

ولابد أن يكون الإصلاح جوهرياً جذرياً، ويجب الكشف عن أسباب ومسببي الخلل، والابتعاد عن عمليات الإصلاح التجميلية.

وعلى الشارع السوري بالمقابل دعم تلك الخطوات الإصلاحية كون الائتلاف ورغم كل إخفاقاته ورغم كل محاولات التهميش وتقليص دوره يبقى الكيان السياسي المعترف به رسمياً للسوريين والمحافظ على الثوابت الثورية.

بالإضافة إلى وجوب الابتعاد عن استخدام لغة التخوين وتعميمها بحال وجود أخطاء فردية بغية الوصول إلى خلق كيان سياسي مقبول شعبياً يجسد إرادة السوريين لتحقيق أهداف الثورة السورية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني