خربشات في المؤامرة الاستراتيجية!!
تقول أخبار اليوم:
البيت الأبيض – 6 كانون الأول/ديسمبر 2021
أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الولايات المتحدة جوزف ر. بايدن اتصالاً هاتفياً اليوم، وناقش القادة قلقهم المشترك بشأن الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا والخطاب الروسي الحاد على نحو متزايد، ودعوا روسيا إلى تهدئة التوترات واتفقوا على أن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للمضي قدماً لحل النزاع في دونباس، ولا سيما من خلال صيغة نورماندي وتنفيذ بروتوكول مينسك، وأكد القادة على دعمهم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، واتفقوا على أن تبقى فرقهم على اتصال وثيق، بما في ذلك من خلال التشاور بشأن نهج منسق وشامل مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والشركاء في الاتحاد الأوروبي.
البيت الأبيض – 7 كانون الأول/ديسمبر 2021
أجرى الرئيس جوزيف ر. بايدن الابن اليوم اتصالاً مؤمناً عبر الفيديو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة مجموعة من القضايا على جدول الأعمال الأمريكي – الروسي، وأعرب الرئيس بايدن عن قلق الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين البالغ إزاء التصعيد الروسي مع القوات المحيطة بأوكرانيا، وأوضح أن الولايات المتحدة وحلفاؤها سيردون بإجراءات اقتصادية وغيرها من الإجراءات القوية في حالة التصعيد العسكري، وجدد الرئيس بايدن دعمه لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ودعا إلى وقف التصعيد والعودة إلى الدبلوماسية.
أصدقائي الأعزاء..
إذا أخذنا بعين الاعتبار حقائق تاريخية دامغة، تقول بوصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى موقع القيادة من النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي خلال النصف الأول من القرن الماضي، القرن الأمريكي، فقط بفضل حربين عالميتين، وعلى ركام قارة أوروبية مدمرة، وجثث ملايين البشر، وفي أعقاب حرب عالمية باردة، ثالثة، غطت معاركها المتواصلة طوال الثلث الأخير منه، ساحات الحزام الأوربي، الآسيوي، والشرق أوسطي، وخلفت ملايين الضحايا والمعذبين، ما تزال بصماتها ماثلة حتى اليوم، ندرك مصلحة الولايات المتحدة، وحرصها، على استمرار شتى أشكال الحروب والنزعات الإقليمية!.
من الطبيعي أن تسعى إدارات الولايات المتحدة المتعاقبة، ودولتها العميقة، على بقاء مواقع الحروب والنزعات الإقليمية حول العالم ساخنة، ومشتعلة، بما يساعدها على إدارة لعبة الصراعات العالمية، كإحدى وسائل الضبط والسيطرة التشاركية على العالم!.
ضمن هذا السياق العام، يمكن فهم سياسات واشنطن المساعدة على بقاء سيطرة بعض الأنظمة الشمولية، الاستبدادية، الديكتاتورية، هنا، وهناك، وفي أماكن أخرى من العالم، وتفسير بعض أسباب صعود اليمين المتطرف داخل الأنظمة الديمقراطية العريقة في أوروبا، وسياسات إضعاف المنظومة القانونية، المؤسساتية الراسخة، لصالح تعزيز أدوات السلطة الأمنية، العميقة.
في مواجهة ثورات ربيع أوروبا الشرقية، على سبيل المثال، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، اتبعت الولايات المتحدة؛ التي كان لها الدور الأول، والفضل الأكبر، في تقويض منظومة الاستبداد الشمولية الستالينية، التي كانت تشكل النمط السياسي المسيطر على أنظمة دول الإمبراطورية السوفياتية؛ سياسات مزدوجة، تضمن ظهور، واستمرار أسباب الصراعات الراهنة، والمستقبلية، وبما يصب في خدمة أهداف سياسات واشنطن الاستراتيجية.
من جهة أولى، عملت على دعم قيام أنظمة ديمقراطية على النموذج الغربي، على تخوم أوروبا الديمقراطية، لكي تشكل قواعد هجوم، وحزام أمان، في مواجهة صراعات مقبلة، وشيكة، في ظل نظام سيطرة إقليمي جديد، تعمل الولايات المتحدة على تشكيلة.
من جهة ثانية، حرصت على تثبيت ركائز أنظمة معادية للديمقراطية في روسيا، بيلاروسيا، بولندا، لضمان استمرار منظومة التهديد الأوروبي، وأسباب الصراعات.
ضمن هذه المنظومة، نفهم قيام بعض الأنظمة، على تخوم روسيا الديكتاتورية، بدور محراك تنور ديموقراطي، يعمل على تسخين الصراعات، وإبقاء أجواء الحروب مخيمة على أوروبا، التي تحتاج حينئذ جميع دولها، الديمقراطية، واللاديمقراطية، إلى الراعي الأمريكي، لتوفير الحماية، ولعب دور الْحَكَمْ في النزاعات التي حرص على بقاء اسبابها، ويعمل على تأجيجها، في الزمان والمكان المناسبين.
تُظهر سلسلة الصراعات التي تطوق مناطق الأمن الاستراتيجي الروسي، في مناطق الجوار الإقليمي؛ في أوكرانيا وأرمينيا وأذربيجان، طبيعة الدور الذي تلعبه سلطات أنظمة محراك التنور، الديمقراطية، بالتكامل مع استمرار آليات حكم في روسيا، وبعض توابعها، تعارضها، وتتصارع معها.
في نفس سياق خطط السيطرة الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة، يأتي الحرص على قيام، وتطوير شراكة خاصة مع سلطة النظام الصيني، وعلاقة أكثر من خاصة، مع سلطة السلالة الحاكمة في كوريا الشمالية! (بخلاف ما تروجه الدعاية الأمريكية، وأبواقها في المنطقة!)
ليس خارج هذا السياق العام، بل ويُضاف إليه أسباب خاصة، تتعلق بعوامل الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، (وقلبها، مثلث النفط العالمي، بين السعودية وإيران والعراق، الأكثر حيوية على استمرار أدوات الهيمنة الإمبريالية للولايات المتحدة على العالم)، يأتي حرص الولايات المتحدة، زعيمة النظام الرأسمالي الديمقراطي على استمرار أنظمة حكم استبدادية،[1] وصلت في حالة المشروع الإيراني، الذي فُتحت أمام جحافله الميليشياوية البوابة الإقليمية العراقية في غزو 2003، إلى شراكة كاملة مع سلطة نظام ميليشياوي، تشكل النقيض التاريخي، ليس فقط لنماذج الأنظمة الديمقراطية الأمريكية، بل ولسلطات الأنظمة الديكتاتورية نفسها، التي شكلت نماذجها الناصرية والسعودية، أعمدة السيطرة الاستراتيجية للولايات المتحدة، في كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال حقبة الحرب الباردة!
تفسر هذه القراءة الشاملة لأهم قواعد السيطرة الاستراتيجية للولايات المتحدة في حقبة زعامتها المنفردة على النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي، النظام العالمي الجديد، ليس فقط طبيعة الصرعات، والتسخين المستمر الذي تعمل عليه سياساتها الخارجية، في مناطق التخوم الاستراتيجية الروسية، وما تتعرض له دول أوروبا الديمقراطية، من ابتزاز سياسي واقتصادي امريكي، والحرص على شراكة استراتيجية مع أنظمة غير ديمقراطية، في روسيا والصين، بشكل خاص، تضمن استمرار الصراعات الإقليمية في شرق اوروبا، وجنوب آسيا، بل أيضا، حرص، وسعي الولايات المتحدة لوجود وتعزيز سلطات أنظمة ميليشياوية طائفية، في قلب منطقة الشرق الأوسط، تبُقي نار الصراعات الطائفية مشتعلة؛ وهو ما يوضح أهم ملامح المشهد السياسي الإقليمي/السوري الراهن!!
من جهة أولى، تعزيز نموذج أدوات السيطرة الإقليمية الميليشياوية لمشروع النظام الإيراني، على حساب نموذج أنظمة ديكتاتوريات الحكم السابقة، الناصرية، بشكل خاص، وفي مواجهة، وعلى حساب استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة، تطرق بقوة، طوال سنوات العقد الثاني، أبواب دول المنطقة، المُغلقة بأدوات سلطات الأنظمة الأمريكية، المعادية للتغيير الديمقراطي!
من جهة ثانية، تعزيز أدوات ووسائل الضغط، الداخلية والإقليمية والأوربية، على النظام التركي، لإحداث قطيعة كاملة مع نموذجه الأتاتوركي، وتعزيز السيطرة الاستراتيجية لنموذجه الحالي، الأردوغاني/الأوربيكاني/الغولي، الإسلامي، من أجل خلق عدو سياسي/ديني مقابل، ومعادي للنموذج الإيراني، (يعوض ضعف وانحسار الدور السعودي)، وبما يضمن تأبيد أشكال الصراعات الطائفية الإقليمية، وديمومة الهيمنة القذرة للولايات المتحدة، وشريكها العالمي الجديد، نظام المافيات المسيطر على روسيا!!
تُفسر هذا القراءة الشاملة، مآلات الصراع السياسي، في سوريا والإقليم؛ منذ 2011، التي أعقبت حراك شعوب المنطقة، المنهوبة، المقهورة، بفعل شبكة نهب وسيطرة تشاركية، محلية إقليمية وإمبريالية، بحثاً عن ضوء ما في نهاية هذا النفق المظلم، الذي تحفر به عميقاً أدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة، وتحت مظلتها الحامية، طوال سبعة عقود، التي يتزعمها اليوم، رغم بعض محاولات الصد الإسرائيلية والتركية، في أعقاب انتصار سلطتها في طهران، وتأكيد هيمنتها على بغداد، أدوات وأذرع النظام الإيراني الميليشياوية!!
تبين هذه القراءة بدقة طبيعة الحروب المستمرة التي تخوضها الولايات المتحدة وروسيا منذ اللحظات الاولى لتدخل جيشيهما بشكل مباشر في الصراع المسلح، 2014-2015، وطبيعة السياسيات السابقة والراهنة، تجاه دول الإقليم، المتورطة في الحرب، خاصة، النظام التركي، والتي تأتي في سياق إعادة تأهيل النظام، لواقع كونه أهم حوامل مشروع السيطرة الإقليمية الميليشياوية، الإيراني!!
تُظهر تفاصيل هذا المشهد أيضاً انحسار الاهمية الاستراتيجية لوظائف الدور الإسرائيلي، بل وواقع ما أصبحت تشكله حكومة الاحتلال الإسرائيلية، ودولته، اليوم من عبء ثقيل على أدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة؛ تحاول حكومة الكيان تجنب نتائجه في محاولات كبح تقدم أدوات السيطرة الإقليمية الإيرانية؛ في سوريا، والحزام الخليجي، مع تركيا، وحزام إيراني الآسيوي، وفي داخل العمق الإيراني!
السلام، والنور، والعدالة، لشعوب المنطقة المقهورة!!
[1]– على الصعيد النظري، يؤكد حالة التعارض القائمة بين نظام حكم ديمقراطي، وبين سياسيات خارجية معادية للديمقراطية، طبيعة النظام السياسي البرجوازي، نفسه، التي تشكل لقادته المصالح المادية، وسياسات حمايتها الاولوية، على حساب كل ما عرفته البشرية من قيم ومبادئ!!
عمليا، وعلى الصعيد الإقليمي، لا يحتاج المرء إلى مهارات خاصة لكي يُدرك عداء سياسات الولايات المتحدة وروسيا (وحكومات اوروبا الديمقراطية!)، لجهود شعوب المنطقة، كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونضالات نخبها، الساعية إلى نقل دولها إلى رحاب الديمقراطية.
في مواجهة هذه الحقيقة الأمريكية، من الطبيعي أن تعمل اجهزة ومؤسسات الحكومات الديمقراطية كل ما تستطيع، في حقول الدعاية والإعلام، على ترويج ما يناقضها، ويظهر الحكام الأمريكان كحماة لحقوق الإنسان، ومناصرين للقيم الديمقراطية.
من المؤسف ان تنطلي الخديعة الديمقراطية الأمريكية على ضحاياها، وتعمل النخب على ترويج أكاذيبها!
ما يلي هو نموذج صارخ!
قد يجد القارئ صعوبة في اكتشاف ما يتضمنه التقرير من أكاذيب، وسياسيات ملتوية، لذر الرماد في العيون!!
عقوبات تستهدف القمع، ودعم الديمقراطية.
وزارة الخارجية الأمريكية
مكتب المتحدث الرسمي
بيان من الوزير أنتوني ج. بلينكن
7 كانون الأول/ديسمبر 2021
تماشياً مع أهداف قمة الديمقراطية هذا الأسبوع، تلتزم الولايات المتحدة باستخدام كل ما لديها من أدوات لمواجهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأعمال القمع في كافة أرجاء المعمورة. ولهذه الغاية، قمنا اليوم بتصنيف جهات فاعلة متعددة في ثلاث دول لأسباب تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وأعمال قمعية تستهدف المعارضين السياسيين والمتظاهرين السلميين والأفراد الآخرين.
فقد استهدفت وزارة الخزانة، بالتشاور مع وزارة الخارجية، بعض الجهات العسكرية المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. هذه التصنيفات، التي تطال أفرادا سبق للاتحاد الأوروبي أن شملهم أيضا في العقوبات، تجعل الولايات المتحدة في تحالف أوثق مع الحلفاء والشركاء، مما يعكس التزامنا المشترك بتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز الديمقراطية والمساءلة لأولئك الذين ينتهكون حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وستستمر الولايات المتحدة في استخدام كل ما لديها من وسائل وأدوات لتسليط الضوء على هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان وردعها.
سوف نستمر في التضامن مع شعوب هذه البلدان وغيرها حيث تستمر الانتهاكات والانتهاكات لحقوق الإنسان.