fbpx

حضارة تل حلف.. حضارة الفخّار والثورة الزراعية

0 300

تل حلف الواقع على بعد 3 كم غربي مدينة رأس العين السورية، هو الموقع النموذجي لثقافة حلف، التي تطورت بدءاً من العصر الحجري الحديث الفخّاري، دون أي انقطاع سكني.

ازدهرت حضارة تل حلف في فترة تمتد من 6100 إلى 5400 ق.م، لكن حالتها الحضارية تراجعت كما بقية المنطقة، إذ سادت ثقافة العبيد.

في القرن العاشر قبل الميلاد، استولى الآراميون من بيت بخياني على تل حلف، وتمّ تأسيس مملكة جديدة في هذا الموقع باسم مملكة جوزانا.


تعتبر منطقة تل حلف أساس الثورة الزراعية المسماة (مزوبوتاميا) العليا، أي حضارة ما بين النهرين.

إن اسم تل حلف يعني حضارة إنسانية كاملة، ازدهرت خلال العصر الحجري النحاسي، إذ يضمّ الموقع طبقتين، إحداهما تعود لعصر حضارة حلف آنفة الذكر، أما الثانية فهي ترجع للألف الأولى قبل الميلاد، وهي الفترة التي تحولت المنطقة لتصير مملكة جوزانا الآرامية.

إن مملكة جوزانا هي واحدة من سلسلة ممالك آرامية انتشرت في سوريا الحالية في تلك المرحلة، وعُثر فيها على مراسلات ديبلوماسية بينها وبين ممالك أخرى، وعُثر أيضاً على ما يدل أنها دخلت بصراعات مع الآشوريين في أعالي منطقة بلاد الرافدين.

حضارة تل حلف لم تكن محصورة بالتل المذكور فحسب، بل انتشرت على نطاق واسع في مناطق الفرات الأوسط وأعالي نهر دجلة من جنوب تركيا إلى شمال سوريا والعراق.

تتميز حضارة تل حلف بفخّارها متقن الصنع، والمنتشر على نطاق واسع في مواقعها، وهناك نوعان من هذا الفخّار، أولهما الفخّار الخشن غير المزخرف، وثانيهما الفخّار الناعم الملون والمزخرف بكثافة.


كذلك يمكن القول إن حضارة تل حلف كانت تمتاز معمارياً بأبنية سُميّت باسم (تولوس)، وهي أبنية مقبّبة دائرية الشكل، ولها مداخل مستطيلة. يعتقد علماء الآثار أن لهذه البيوت صبغة دينية، ولم تكن مجرد بيوت سكن، نظراً لتصميمها الفريد، ولطبيعة اللقى الأثرية التي وُجدت داخلها ولا سيما القبور.

عثر العلماء الألمان أثناء تنقيباتهم الأثرية على فخار ملون عام 1929م، وعثروا أيضاً على مجموعة من التماثيل لما يسمى تماثيل الآلهة الأم، ويعتقد العلماء أن هذه التماثيل لعبت دوراً مهماً في عقائد مجتمعات حضارة حلف، وأن هذه التماثيل كانت تُعرض في حاويات الحصاد، من أجل أن تحفظ وتحمي الازدهار.

جسّدت التماثيل المشوية في حضارة حلف مناطق الخصب لدى المرأة، إذ ظهرت منتفخة الثديين والفخذين، وتضع يديها أسفل ثدييها، وقد قام العلماء الألمان بنقل هذه التماثيل إلى متحف (البرغامون) الألماني ببرلين، حيث لا تزال تُعرض هناك.

موقع تل حلف تمّ اكتشافه من عالم الآثار الألماني (ماكس فون أوبنهايم) عام 1899، ثم أجروا حفريات أخرى ما بين عامي 1911 -1913م


وقد وجدوا آنذاك قطعاً من البرونز والعقود والأساور والحلي، ووجدوا مقبرة تعود للعصر الآشوري، وعثروا على عاج وعظام وتماثيل وغيرها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني