حرب المياه في الحسكة
أكثر من مليون إنسان يعاني للمرة الثانية من انقطاع المياه عن مدينة الحسكة الخاضعة لسيطرة قسد في أجزاء منها مع وجود لقوات النظام في مناطق أخرى من المحافظة.
انقطاع المياه عزته سلطة الأمر الواقع لقطع فصائل الجيش الوطني لمياه محطة علوك فيما اتهمت الفصائل والجيش التركي الداعم لها قوات قسد بقطع التيار الكهربائي المغذي لمضخات تشغيل الآبار في المحطة القادمة من مناطق قسد حيث كانت كل من روسيا بصفتها ضامن لقسد وتركيا بصفتها ضامن للجيش الوطني التي سيطرت على ما سمي بمناطق نبع السلام قد توصلتا إلى اتفاق يقضي بتزويد قسد لهذه المناطق بالإضافة إلى محطة علوك بـ 30 ميغاواط من الكهرباء من سد تشرين الذي حررته قوات قسد من داعش وسلمته في وقت لاحق للنظام السوري بوساطة روسية، وتشغيل خط الدرباسية القادم من القامشلي لتغذية آبار علوك ومحطة الضخ وهو ما يؤمن تغذية مناطق رأس العين والحسكة بالمياه. الفصائل اتهمت قسد بتخفيض الكهرباء من 30 ميغاواط إلى 10 ميغاواط وإيقاف خط الدرباسية نهائياً، ما تسبب في إيقاف الضخ وإيقاف تغذية الحسكة بالمياه فيما قالت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية بمجلس سوريا الديمقراطية في تصريح لها إن اتهام الفصائل لقوات قسد بقطع الكهرباء وهو ما تسبب بقطع المياه عن الحسكة هي حجج واهية حيث أن قسد تغذي مناطق رأس العين بـ 10 ميغاواط يومياً بالإضافة إلى أن محطة علوك تحوي مولدات كهربائية لغرض تشغيل المحطة في حال عدم توفر الكهرباء وأن فصائل الجيش الوطني تتعمد قطع المياه لإثارة الفتنة وتأجيج الوضع ومحاربة وابتزاز قسد عن طريق قطع المياه عن المنطقة.
السيد إلهام أحمد في تصريحها اعترفت بقطع التيار الكهربائي عن محطة علوك خلافاً للاتفاق القائم وهو ما يعني تسبب قوات قسد وسلطتها على أرض الواقع بقطع المياه عن الحسكة وذلك لا ينفي مسؤولية الجيش الوطني عن أزمة مياه الحسكة خصوصاً في ظل وجود مولدات داخل المحطة.
وزارة الدفاع التركية كانت قد أعلنت في تشرين الأول من عام 2019 عن قيامها بصيانة محطة مياه علوك بعد سيطرة فصائل الجيش الوطني عليها ونشرت الوزارة صوراً لعمليات الصيانة من قبل الجيش التركي.
والغريب أن الجيش التركي لم يفكر بالاستغناء عن الكهرباء من طرف قسد ويعمل على تأمين الكهرباء لهذه المحطة بعيداً عن أي اتفاقيات مع قسد أو مع غيرها لمنع استخدام الكهرباء والمياه كسلاح ضد المدنيين.
فيما أعلنت روسيا تدخلها للسماح بدخول ورشة للعاملين من النظام السوري إلى المحطة بغية إصلاحها وبدء تشغيلها بعد معاناة طويلة من قبل سكان الحسكة نتيجة قطع المياه عن المدينة.
روسيا تدخلت فقط بعد أن أصبحت مياه الحسكة الشغل الشاغل لوكالات أنباء عالمية لتظهر نفسها والنظام السوري بمظهر سوبرمان العصر.
في حين حاولت سلطة الأمر الواقع في شمال وشرق سوريا الاستغناء عن مياه علوك حيث قامت بدعم من مصادر خارجية بإنشاء محطة الحمة لتزويد المنطقة بالمياه ولكن المشروع الذي شمل حسب القائمين على 50 بئراً ارتوازياً تم تشغيل 25 منها ومايزال غير قادر على تزويد الحسكة بكفايتها من المياه فخزان تغذية المدينة بالمياه يحتاج إلى 72 ساعة ليمتلئ ويمد المدينة بالمياه في حين أن ملء الخزان من محطة علوك لا يحتاج سوى إلى ست ساعات فقط.
انقطاع المياه عن الحسكة جعل المدينة بشراً وشجراً في مواجهة الموت حيث كان أغلب السكان يعتمدون على مياه تنقل عن طريق الصهاريج وهو ما تسبب حسب عاملين في القطاع الصحي بحالات تسمم بأعداد كبيرة خاصة بين الأطفال نتيجة شرب مياه الصهاريج.
الحسكة النائمة على ضفاف الخابور عطشى والسبب استخدام المياه كسلاح لكسب الشرعية من قبل أطراف فرضت نفسها بالقوة على المنطقة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”