fbpx

حرب السودان

0 329

يأتي هذا المقال على وقع الأخبار الأليمة الواردة من السودان حيث سجلت الأمم المتحدة 444 قتيلاً خلال ثلاثة أيام من المواجهات الشرسة التي اندلعت في السودان بين فصائل الجيش المتناحرة.

ومع أن دورنا في هذاه الحرب المجنونة لا يتجاوز دور الرقيب، وليس لنا أي سلطان على صناعة الحدث أو توجيهه ولكن من العقل أن نتحدث عن هذه الكارثة وهي ليست أول كوارثنا ولا هي آخرها، ولكنها صورة لما يجري كل يوم في هذا الوطن العربي البائس، وبسكل خاص في البلاد الفاشلة التي تحظى الأمة العربية بنصيب الأسد منها، وهو تفوق لا نحسد عليه في شيء ولكنه يرسم خيباتنا وإخفاقاتنا، ويؤكد مكان بلادنا على رأس الدول الفاشلة في هذا العالم الماضي في تقدمه إلى الغاية.

ومن المؤسف أن هذه الحرب ليس لها أيديولوجيا على الإطلاق، فلا يمكن وصف أحد المعسكرين بالاستبدادي والآخر بالديمقراطي، ولا هو ملكي وجمهوري، ولا هو إسلام ونصارى، ولا هو سنة وشيعة، ولا هو شيء!. هو فقط نزاع بين شخصين ألقتهما الأيام في مكان المسؤولية وهما يحملان التصورات نفسها عن السودان وتاريخ السودان ومستقبل السودان وشعب السودان، ويمكن اختصار النزاع كله كما هو الواقع بالنزاع على المناصب.

ولكن كيف وجد هؤلاء المتحاربون الفارغون من يساعدهم في حروبهم الملحمية الهائجة، وتوجيه مدافعهم وبنادقهم صوب المواقع التي كانوا بالأمس يحمونها ويقسمون عليها، وكيف تحول الفريقان المتناحران في يوم وليلة من حراس الجيش إلى أعدائه، ومن أبنائه إلى شياطينه؟.

كل شيء حاضر في هذه المعركة المجنونة، المصالح والتواصل الخارجي والتمويل العبثي والسلاح الأبله، ولا غائب إلا الإنسان!.

ما تبتغيه هذه المقالة هو مواجهة العقيدة العسكرية التي اعتبرناها لسنين طويلة قدراً لازماً لا قيام للمجتمعات إلا من خلاله، واعتبرنا حق الطاعة المطلقة للعسكر واجباً وطنياً، يوصم تاركه بالخيانة العظمى، وهكذا أمكن تحريك القطعان العسكرية الهائلة كقطيع مسلوب الإرادة، بعد أن أقسم الولاء لمن يدفع له الراتب في آخر الشهر وبعد أن تمكنوا من إرباك هؤلاء القادة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني