الوحدة
وحدي جعلتُ شغافي شراع رحلتي
في عُبابِ الصمت
أي عاصفةٍ تنتظرُ عظامي
تدكها أوتادَ خيامي البيضاء
وحدي قتلتُ حلمي بخنجرِ إغفاءة
وحدي ارتقيتُ إلى سماءِ الفناء
حينَ شيّعني النور إلى ظلامِ الوقت
وحدي سَلِمتُ من الحياة
خلّدني الموتُ صلباً
ليتَ الخفقَ لم يكن بهذا الصدى
هُجِرتُ من عُزلتي
منفىً لا عودة منهُ إلا رُفاتاً
قلّما أجدني.. وإن عرفتُني أسألُني
أيُّ الطرقاتِ تودي إلى طفولتي
إلى فطرتي.. إلى أحلامي البِكر
إلى سابقِ عهدي والنبضِ الأول
ربما..
وكيف أعرفُني؟
موؤدةٌ خُطاي، في مُنتصفِ الكبرياء
في جذوةِ الصراعِ والقتلِ المُباح
أنا للأمداءِ نواةُ الضوء ووردةُ السراب
لا أثرَ لي سواي
وحدي أُقمتُ صلاةَ العشق
وأوردتُ بأصابعَ من ندى
كل قطرة كوكبةٌ من الانتظارات السحيقة المريرة
كم كان عليَّ النسيانُ صمتاً موقوتاً
منذُ أولِ غيابٍ وربيع
اقتربَ الخريفُ رُغماً عن أهزوجة الصيف
ولحونِ الرياحِ العذرية
وحدي أفكُّ وِثاقَ القصيدة
بنكهةِ الليمونِ المُرّة وخِضابُ النعناع الأبيض
وحدي أرفعُ زِندَ المسافةِ عالياً
بيدي منديلٌ وفاتحةٌ لم تُقرأ
وحدي قاتلتُ المسيرَ نحو العطرِ وحجرٍ يتيم
عانقتُ مسامَ الوسادةِ ميلاداً
فالموتُ عِتقُ يُغنّى.
قصيدة الشهادة
والآن..
هذا اللونُ أعرفه جيداً
كان ميقاتُ الدفاعِ الأول في جبهتي
كِدتُ أسقطُ من هاويةِ اليقظة
أهيمُ فوق حلمي المديد
يا لها من حُرقةٍ مُختزلة
كبرياءٌ عالٍ، تجاوزَ ألف بوابةٍ
تشظّت الفكرة
رشقت كلماتي على جُدران الأسئلة
أين هي؟
أتبعها، أجوبةُ الغدِ المكلومة!
كأننا لم نمت لنحيا موتى برسمِ الشهادة
كأن الطريق من المُسلّمات المُبينة
قُتلَ زاجلي المِغناج
صُلِبت قضيتي الأُم
تحققت رؤاي رُغمَ الغفوات
وشايةٌ ليتها لم تكن
يا أنّةَ الصدى البعيدة
صِليني بي
أعبرني، أعودُ إلى مخدعٍ شفيف
كان في الأمسِ، سجدتي.
الحرية
إلى ميناءِ الخلودِ أبحرت
لم تكن رحلةً ممتعة
شقَّ البحرُ أمواجهُ أشطُراً
ليتها توازت، وقاربي
لكنتُ دللتُ طريقَ العودة
كانت الحيوات تفتحُ أبوابها المشروعة أمامي
رأيتني في كل مولدٍ ذات المُضغة
بأقدارٍ مُغايرة
قدّمني كِتابي إلى أسمائي السبع
أشباهي الأربعون أقبلنَّ تِباعاً
تحيةُ اللهِ والسكينة
جِئتم كآخرِ الوِردِ في سُبحةِ القلب
والآن..
وبعدَ أن أُتِمَّ فنائي المعهود
وحدي آتيكم بـِعُمرِ الومضةِ ضوءاً
هلّا أذنتم لي
آنَ للأرضِ أن تخلعَ رداءها
فالغيثُ هاطلٌ، لا محالة.