fbpx

توضيح حول وضع السوريين في روسيا وما يجري في الوطن من الجالية السورية الحرة في روسيا

0 36

انتصرت الثورة السورية المباركة بإسقاط النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بجهود الثوار والمقاتلين ونتيجة لكفاح الشعب السوري الطويل، والذي قدم خلال الأربعة عشر سنة الأخيرة أكثر من مليون شهيد. وقام نظام الأسد بتهجير حوالي أربعة عشر مليون سوري وطردهم من منازلهم، واستخدم أبشع أنواع التعذيب والقتل في السجون، وبالبراميل المتفجرة، واستخدام الأسلحة الكيماوية، ودمر ملايين المنازل. كما أجرى النظام الأسدي تغييراً ديموغرافياً، وفتح أبواب سوريا لكل حثالات الأرض من ميليشيات طائفية تتبع لنظام ملالي إيران وغيرهم، ومارس صناعة المخدرات وتجارتها. وأعتقد أن الأغلبية الساحقة من السوريين من مختلف المكونات كانت ضحية لحكم عصابة الأسد. وجاء الانتصار مدوياً، انتظره السوريون والشعوب الحرة في العالم، ليؤكد على أنه ما مات حق وراءه شعب مطالب ومكافح. وكنا نؤمن إيماناً مطلقاً بحتمية انتصار الثورة بعد كل هذا الثمن الغالي من التضحيات.

الموقف مما يجري في سوريا بعد 8 كانون الأول 2024

نعتبر أن الانتصار على نظام الأسد هو انتصار للشعب السوري ونتيجة لنضاله الطويل. ومهما قيل ويقال، فإننا ندعم الحكومة الجديدة ونتمسك بهذا الانتصار، ونحتفظ بحقنا في تقديم الانتقاد البناء والنصيحة والمشورة. ومن واجبنا أن نعمل حسب المثل القائل: “نحن أم الصبي”، ولن نسمح لأي كان من قوى الثورة المضادة المساس بثورتنا التي لم تنتهِ بعد، وإن دخلنا مرحلة بناء الدولة السورية الجديدة. وسنبقى نحتفظ بروح الثورة إلى أن تتحقق أهدافها، وبعد صياغة دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات ديمقراطية، عندها فقط نقول إننا انتهينا تماماً من مرحلة الثورة ودخلنا مرحلة الدولة المستقرة.

ولذلك فنحن نؤيد الخطوات التي قامت بها السلطات الجديدة من اختيار الرئيس أحمد الشرع رئيساً للجمهورية، فهو الأجدر بها في المرحلة الانتقالية. وتلاه إصدار إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية، وننتظر تشكيل حكومة وطنية انتقالية تضم الكفاءات والخبرات الوطنية من التكنوقراط.

منذ أن استلم الثوار السلطة في دمشق، سمعنا وشهدنا مبدأهم في العمل وهو الحوار وإعطاء الأمان للآخرين وعدم استعمال العنف والقوة ضد المدنيين. وقد التزموا إلى حد بعيد في تحرير حلب وحماه وحمص ودمشق، وفي دخول منطقة الساحل ودرعا، والتعامل مع السويداء وحتى مع قسد، سلطة الأمر الواقع في ثلاث محافظات سورية.

ونحن ممن انتقد شدة تسامح السلطة الجديدة مع فلول النظام بإجراء تسويات لهم، في وقت كنا ننتظر تعليق المشانق لكبار المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء السوريين، والذين كانوا جزءاً من الفساد المالي الكبير، وكذلك كبار الداعمين والمحرضين ضد الثورة السورية. ولكن القيادة ارتأت أن تتصرف بحكمة.

الوضع الأمني تحت السيطرة، ونحن متفائلون بالمستقبل. ولن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تسقط العهد الجديد في سورية ما دام الشعب ملتفاً حوله، وما دام يلتزم بأهداف الثورة السورية العظيمة.

في منطقة الساحل، شهدنا مؤامرة كبرى قادتها فلول النظام مدعومة من قوى محسوبة على المحور الإيراني المتهالك، حيث ارتكبوا جرائم بحق قوى الأمن وقتلوا مئات المدنيين. وكانت خطتهم إسقاط الحكومة الجديدة بالتنسيق مع قوى أخرى داخل البلاد، وفشلت الخطة الخبيثة فشلاً ذريعاً. وللأسف، اقترنت مقاومة تلك المؤامرة بارتكاب جرائم وانتهاكات لحقوق المدنيين من قبل فصائل محسوبة على الثورة لكنها غير منضبطة. وسيتم محاسبة كل من أجرَم بحق المدنيين السوريين بناءً على تحقيقات اللجنة العليا للاستقصاء الحقائق حول ما جرى بالساحل، التي أنشأها الرئيس أحمد الشرع.

هناك ضجة إعلامية كاذبة ومنافقة حول إبادة العلويين، ويقحمون معهم المسيحيين، للتشويش على الحكم الجديد في سورية لإظهاره بمظهر الإرهابي والقمعي. لكن الحقيقة أن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لوزارة الدفاع لم تقدم على قتل أحد، والتعليمات صارمة لهم بعدم المساس بالمدنيين، وإنما محاربة الحاملين للسلاح ضد الدولة.

ونقول لمن يصرخ ويشتكي ويولول ويطلب تدخلاً دولياً لحماية المدنيين ويتهم السلطة بالطائفية والإرهاب: أيها الأوغاد، صمتم أربع عشرة سنة على اعتقال وتعذيب وقتل وتهجير ملايين السوريين المدنيين، وأكثر من ذلك، قمتم بدعم العصابات التي قتلت السوريين وقدمتم لها الأموال. ومنكم من حرض على قتل السوريين وما يزال يمارس العهر وهو جالس في روسيا بحجة أنه بعيد عن يد العدالة، وتتباكون وفجأة أصبحتم حريصين على حقوق الإنسان. هل سمعتم خلال ستين عاماً من حكم البعث والأسد بشيء اسمه حقوق الإنسان؟ وهل تشكلت لجنة واحدة للتحقيق في قضايا انتهاك حقوق الإنسان؟

ونقول لمن يطالب روسيا بالتدخل لحماية المدنيين: إنكم تنفخون في قربة مثقوبة. فقد انتهى الأمر، وروسيا لن تعيد التاريخ ولن تقع في الحفرة مرتين. فقد ربطت موقفها لمدة أربع عشرة سنة إلى جانب الأسد المجرم الغبي الأحمق، وخرجت موسكو بخفي حنين.

نريد علاقات جيدة بين روسيا وسورية الجديدة

موسكو اليوم تعمل من أجل بناء علاقات طبيعية مع حكومة دمشق الجديدة، ونحن في الجالية السورية في روسيا ندعم هذه العلاقات، وسنعمل كل ما نستطيع لتكون العلاقات الروسية السورية جيدة ولمصلحة البلدين، وأن تقوم على أساس احترام السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي. ونرى أن وجود روسيا في منطقة الشرق الأوسط أمر مهم جداً لصالح شعوب المنطقة ولخلق توازن جيوسياسي وجيواستراتيجي مقابل محاولات الهيمنة الغربية.

حول الوضع في السفارة والجالية السورية في روسيا

لطالما كانت السفارة وكراً للشبيحة وتجارة السوق السوداء وكتابة التقارير، وأعطت انطباعاً سيئاً عن سوريا وحضارتها وشعبها العظيم. لذلك نريد سفارة تمثل مصالح الشعب السوري وتعطي صورة حضارية عن بلادنا، وتدافع عن أبناء الجالية وتتعامل معهم دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الطائفة. وننتظر في القريب طرد سفير الأسد بشار الجعفري وتنظيف السفارة من الشبيحة.

أما الجالية السورية، فنحن نريد إعادة بناء الجالية على أسس جديدة. علماً أن الجميع يعرفون بأن الجالية تعمل دائماً تحت إشراف وسيطرة السفارة والمخابرات السورية. بينما اليوم ستكون الجالية مستقلة ولها شخصيتها الاعتبارية، وهي منظمة اجتماعية روسية، ولا يمكن للسفارة أن تتدخل في شؤونها. مع رغبتنا أن تكون العلاقة إيجابية ومتوازنة بين الجالية والسفارة لما فيه مصلحة أبناء الجالية بصفتهم مواطنين في روسيا وسوريا. وستعمل الجالية على المساهمة في بناء سورية الجديدة ومساعدة أهلنا في سوريا بما نستطيع بتقديم الدعم المادي والمعنوي، وخاصة المشاريع التي تحتاجها في مرحلة إعادة الإعمار.

أما من يروج وينشر بيانات ورسائل موجهة في جوهرها ضد الثورة وضد العهد السوري الجديد، لأنها مليئة بالتلفيقات والكذب والتضخيم الإعلامي، بما فيها توجيه رسائل إلى السلطات الروسية لكي تتدخل في سوريا، فهذا مثل حلم إبليس بالجنة.

افهموا يا شبيحة النظام البائد، ونعرف أنكم أقلية في روسيا، ويجب أن تتركوا هذه الأساليب الفاشلة، وتفكروا بعقل وطني لأول مرة بحياتكم. أما البكاء على أطلال النظام البائد والتمسك بأذياله فلن يفيد أحداً، بل سيضيع وقتكم ويضر بمصالحكم.

ونقول لأبناء الجالية السورية الذين لم يكن لهم موقف تشبيحي ضار بالآخرين: أن يطووا صفحة الماضي ويبدأوا حياة جديدة حرة كريمة، وأن يمدوا يدهم لباقي السوريين، ولنعمل سوية لرفع رأس السوري عالياً. فسورية وشعبها يستحقان كل الاحترام والمحبة والتفاني. وستكون سورية للجميع دون تمييز إلا على أساس الوطنية، ومن يحبها ستحبه.

اذهبوا إلى سوريا واستثمروا وكونوا مواطنين سوريين حقيقيين، وافتحوا صفحة جديدة، واشعروا بكرامتكم لأول مرة منذ ستين عاماً.

ونحن هنا في روسيا لسنا بصدد الحديث عن معاداة أحد إلا كبار الشبيحة، وندعو الحكومة الجديدة للقصاص وإقامة العدالة الانتقالية أمام محاكم عادلة في سوريا.

الجالية السورية الحرة

موسكو في 18 آذار/مارس 2025

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني