fbpx

تقرير سياسي من تيار مستقبل سوريا

0 131

وصل إلى صحيفة نينار برس نسخة من تقرير أصدره تيار مستقبل سوريا الكردي، ونظراً لأهمية ما جاء في هذا البيان تعمد الصحيفة إلى نشره.

يتزايد القلق المتّسم بالتوتر والترقب في جميع المناطق السورية، بسبب استمرار الغزو الروسي على أوكرانيا منذ 24 شباط الماضي، واستخدام سياسة الارض المحروقة وتدمير البنى التحتية؛ رغم حالة الاستنكار الدولية الواسعة لهذا العدوان، والعقوبات الحاسمة غير المسبوقة بالعلاقات الروسيّة الدوليّة، والمترافقة مع تقديم كافّة أشكال الدعم المكثّف، خاصّة في مجالات التسليح والتدريب وتبادل المعلومات، وما أظهرته الشعوب من تعاطف مع الشعب الأوكراني وقيادته، الذين أظهروا صموداً بطولياً تجاوز جميع التوقّعات.

رغم صعوبة التنبّؤ بجميع ارتدادات الصراع في أوكرانيا على راهن وأفاق الصراع في سوريا، فإنّه من المتوقّع – مع استمرار الحرب، وتقدّم مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، أو حتّى في حال تعثّرها المؤقّت، ومع بقاء أولوية العودة الى الاتفاق السابق على أجندة الإدارة الأمريكية الحالية – عدم حدوث تبدّل مهمّ في الموقف الأمريكي حيال تموضع وسياسات إيران الراهنة، واستمرار التنسيق مع الروس، بما يؤشّر لعدم ظهور تغيّر نوعي في سياسات الدول الفاعلة في الملف السوري على المدى المنظور؛ دون أن يتعارض هذا السلوك مع استمرار تعزيز الولايات المتحدة وحلفاؤها الجهد العسكري والاقتصادي والسياسي المقاوم للغزو الروسي في أوكرانيا.

فلم يكن غزو بوتين لأوكرانيا مفاجئاً، ودون مقدّمات عدوانية! فقد سبق له أن غزا شبه “جزيرة القرم” واحتلها عام 2014، كما شجع ودعم تمرد مقاطعات “دونيتسك” و”لوهانيسك” في إقليم “دونباس” شرق أوكرانيا، طيلة تلك السنوات السابقة، قبل أن يعترف باستقلال “الجمهوريتين” في 21 شباط الماضي، عشيّة الغزو.

لقد أدت الحرب الروسية – الأوكرانية إلى تعميق الاستقطاب الدولي، ومن عدم المرجح التوصل إلى وقف نهائي للحرب لأن شروط السلام غير متوفرة، وبالتالي حظوظ النجاح لمحاولات الوساطة التي تقوم بها تركيا وأطراف أخرى قد تكون ضئيلة، وهذا ما قد يؤدي إلى حدوث ارتدادات كبيرة على العالم أجمع وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وقد يشكل بداية لتشكل نظام عالمي جديد وحرب باردة قد تدوم لسنوات طويلة، وزيادة في عمليات التصعيد والتسليح على الصعيد العالمي، والتي ستكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي العالمي، وسيكون التوجه نحو التكنولوجيا العسكرية بدلاً من التكنولوجيا المدنية التي تحمي الإنسان وتساهم في رفاهيته واستكشاف الحلول الناجعة لكافة الأمراض المزمنة والعصرية.

الحرب الروسية على أوكرانيا لم تكن حرباً خاطفة بالقدر الذي تصوره بوتين ونظامه، بل جاءت بعواقب مدمرة، وأزهقت عشرات الآلاف من أرواح العسكريين والمدنيين الأبرياء وأنهكت اقتصاد البلدين ودمرت مدن كاملة في أوكرانيا، كما أنهكت الاقتصاد العالمي، وأثقلت كاهل الشعوب الفقيرة، من ارتفاع أسعار الوقود والسلع ونقص الغذاء وانعكاساته على الوضع المعيشي. بيد أنّ المقاومة الشجاعة التي أبدتها القيادة الأوكرانية ورئيسها” زيلينسكي” أفشلت حتى الآن كل المخططات العسكرية الروسية ودمرت معنويات قواته وعزلت روسيا عالمياً وأعادت أوربا إلى الحاضنة الأمريكية وإلى حلف الناتو، وأدّت إلى تطبيق عقوبات عسكرية قاسية على روسيا، كما فتحت أوربا وأمريكا واليابان والعديد من دول العالم مستودعاتها العسكرية لأوكرانيا، وقدمت لها أسلحة متطورة لتزيد من مقاومة أوكرانيا للهيمنة العسكرية الروسية.

مَنْ قَتَل ودمّر في أوكرانيا وسوريا، ومنع سقوط نظام الأسد هو الطرف الروسي، رغم اختلاف الدوافع. فما تتعرض له “ماريوبل” من تهجيير وتدمير ممنهج سبق أن عانته حلب من حيث حجم الدمار والتهجير، مع فارق ازدواجيّة المعايير في تقديم الدعم والمساعدة العالمية! لقد وقفت حلب وحيدة في مواجهة مصيرها، وتخلى عنها جميع “أصدقاء الشعب السوري”.

لقد أعلن “تيار مستقبل كردستان سوريا” موقفه من الغزو الروسي على أوكرانيا منذ اليوم الأول، ويجدد اليوم إدانته واستنكاره لهذه الحرب الظالمة ولكل الجرائم والانتهاكات التي ترتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، ويدعو إلى ضرورة محاسبة مرتكبيها، وهو أقل ما يستحقّه بوتين ونظامه لما سببه من معاناة ومظالم للشعب السوري عموماً، وما ارتكبته الأنظمة الديكتاتورية في سوريا والعراق، المدعومة من روسيا، من جرائم، دفع ثمنها شعبنا الكردي غالياً!!

لن يكون الشرق الأوسط وسوريا بمنأى عن ارتدادات الاحداث والتموضعات الجديدة، وخاصة الحرب الروسية على أوكرانيا، التي قد تزيد من انعدام فرص إيجاد الحلول التسووية للأزمة السورية، بل ربما ستزيدها تعقيداً، في محاولات روسيّة محتملة لتعويض فشلها في أوكرانيا!

ضمن هذا السياق العام، ثمّة حراك سوري وإقليمي مكثّف، قد لا يخرج عن انعكاسات الصراع على أوكرانيا، في محاولة الجميع للاستفادة من الظرف العالمي والإقليمي الجديد.

لا يخرج عن هذا السياق ما اعتبره بعضهم “انقلاب” داخل الائتلاف، في إطار جهد واضح لإعادة ترتيب هيكليته التنظيمية وصفوف القوى المؤثرة، بما يتوافق مع مستجدّات تبدو قادمة؛ علاوة على ما يحدث من حراك في صفوف المعارضة السورية، بين دعوات ومؤتمرات ولقاءات لتشكيل جبهة “وطنية ديمقراطية”. على الصعيد الإقليمي، مؤشّرات عديدة في هذا الاتجاه؛ كعودة السفير السعودي للبنان، وتقديم مساعدات للحكومة اللبنانية، وتشكيل مجلس رئاسي في اليمن، وتحسين العلاقات السعودية التركية، وجهود “تحجيم” لأذرع إيران في العراق، وما يقابلها من ردود أفعال إيرانية، تبدو أحياناً غير مباشرة، وعب ممارسة بعض الضغوط على بعض الأطراف الشيعية في العراق، وتأخذ أحياناً أخرى أشكالاً عدوانية مباشرة، كالهجوم الصاروخي على “هولير”، وتصعيد “حزب العمال الكردستاني” حملاته ضد “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، وممارسة المزيد من الضغوطات لإنهاء تحالف الحزب المذكور مع مقتدى الصدر.

على مستوى الوضع الكردي في سوريا، من المؤسف ملاحظة أنّه يزداد تعقيداً وتوتراً، سواء على صعيد إدارة مناطق “الحكم الذاتي”، أو على صعيد العلاقات السياسية الكردية – الكردية، رغم جهود أمريكية واضحة لتحسين الظروف. فقد برزت عودة السفير الأمريكي إلى المنطقة، وعقده عدة جولات مع هيئة رئاسة “المجلس الوطني الكردي”  و”قسد”، في محاولة لتحريك المياه الراكدة بغية الوصول إلى اتفاق جديد، أو تطبيق اتفاقات سابقة، وأعطت المزيد من الآمال وعود أمريكية بالعمل على استثناء المنطقة من عقوبات قانون قيصر، بما يُحسين الأوضاع الحياتية وظروف المعيشة، التي باتت تضغط بقوّة، على المواطن في المناطق الكردية وتهدد حياته، كما لفت الانتباه الطلب من جميع الاطراف ضبط النفس، وعدم التصعيد مع دول الجوار!

ما يُخيّب الآمال هو أنّ كلّ تلك الجهود لم تمنع سلطة الأمر الواقع من استمرار الانتهاكات، كخطف للأطفال، وتجنيد القاصرين والقاصرات، واستمرار اعتقال الإعلاميين “صبري فخري” و”دارا عبدو” و”أحمد صوفي”، وتهديد قادة وأنصار المجلس الوطني الكردي بالسجن والاعتقال، وفرض المزيد من الضرائب والأتاوات وهدر المال العام، وتفاقم الفساد والإفساد، والتنصل من المسؤوليات في إيجاد حلول لمشكلة الغلاء والقمح وافتعال أزمة المحروقات وبيعها في السوق السوداء عن طريق بعض السماسرة.

إن الاحتجاجات التي تجري في كل المناطق، وما جرى منذ أيام من قبل أصحاب المحلات في قامشلو في 5 نيسان الجاري أمام مبنى البلدية، هي مؤشرات واضحة الدلالة على درجة السخط ومدى الاحتقان الذي باتت تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة “PYD” نتيجة سياساتها الاقتصادية غير العادلة والمفقرة لغالبية شعبية واسعة، على غرار سياسات السلطة السورية؛ التي إن استمرت ستدفع إلى زيادة وتيرة الهجرة وازياد معدلات السرقة والجريمة والى فتح باب المجهول أمام أهالي المنطقة!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني