fbpx

تعال إلى الجذور.. تعال إلى كونتا كنتي

0 152

أثارت الخطة التي بدأتها وزارة الداخلية البريطانية بوضع أجهزة تتبع إلكترونية “أغلال” أو كما يسميها بعضهم أساور في أرجل طالبي اللجوء لمراقبة تحركاتهم استياء وانتقاداً كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي. وبقرار الحكومة البريطانية هذا ربما تريد أن تُظِهر وتعيد إلى الأذهان مسلسل الجذور وما جرى فيه.

فبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، فقد قالت وزارة الداخلية البريطانية، إن تجربة وضع الأغلال في أرجل طالبي اللجوء التي بدأت في إنكلترا وويلز فهي أي – التجربة – تختبرُ فيما إذا كانت تساعد في الإبقاء على قنوات الاتصال مع طالبي اللجوء، وذلك للنظر في طلباتهم بشكل أكثر فاعلية، فضلاً عن تجميع معلومات عن عدد اللاجئين الفارين.

وأوضحت الداخلية أنه قد يتعرض من يجري تعقبهم بهذه الطريقة بتقييد حركتهم، ومن يخالف شروط التعقب سيتعرض للاحتجاز والمحاكمة.

الخطة هذه انتقدها كثيرون كانتقادهم لخطة ترحيل اللاجئين لديها قسريا إلى رواندا منذ فترة، واصفينها بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان حيث تضيّق بريطانيا الخناق على اللاجئين وتعاملهم باضطهاد.

يتقاطع هذا الإجراء الذي اتخذته بريطانيا مع ما كانت تنوي فعله منذ فترة ليست ببعيدة من ترحيل اللاجئين لديها إلى أفريقيا وتحديداً رواندا، فقد أصدرت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان إذ ذاك قراراً بوقف طائرة ترحيل للاجئين كانت على وشك أن تقلع من بريطانيا إلى رواندا، وذلك في إطار خطة أيضاً كخطتها بوضع أساور في أرجل اللاجئين بداعي أنها تعمل عليها للحد من تدفق اللاجئين إليها.

ما جرى منذ فترة بقرار المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بإبطال قرار المحكمة العليا البريطانية بترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى رواندا، وما جرى اليوم بعزم الحكومة البريطانية على وضع أساور و أغلال في أرجل اللاجئين وللحيثيات التي جاءت على ذكرها وزارة الداخلية البريطانية وسردها للأسباب الموجبة التي دعتها لإصدار مثل هكذا قرار يبين وبلا أدنى شك حرص الحكومة البريطانية ومضيِّها باتخاذ مثل هكذا قرارات تخالف القانون الإنساني وحقوق الإنسان بشكل صارخ، هذه القرارات التي تتخذها الحكومة البريطانية تؤشر على سياسة ممنهجة تنمّ عن حجم الاضطهاد الذي تمارسه بريطانيا اتجاه اللاجئين وتعمل ما أمكنها إلى التقليل من وجودهم على أراضيها حتى لوكان ما تقوم له بعيدا عن الإنسانية وعن حقوق الإنسان التي تدعيها.

ربما ليست بريطانيا وحدها من يفعل ذلك بل تتبعها في مثل هكذا خطوات بعض الدول الأوربية، وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا فهي تأتي ضمن خطة ممنهجة لبريطانيا كما غيرها من الدول التي باتت تفضل اللاجئين الأوكرانيين على لاجئي دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يذكرنا قرار الحكومة البريطانية بترحيل اللاجئين والطريقة الفظة والبشعة التي تعاملت بها بنقل اللاجئين الذي كان يفترض أن ينقلوا من أراضيها إلى رواندا والتي كانت على وشك المغادرة لولا تدخل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان فقد روى غير شخص كانوا على متن الطائرة التي لم تقلع، رووا الطريقة الفجة والقاسية التي سيقوا بها من مكان احتجازهم إلى المطار ورووا لحظات الرعب التي عاشوها وهم على متن الطائرة وطريقة ربطهم داخل الطائرة التي وصفها البعض منهم بأنها تشبه إلى حد كبير الطريقة التي يربط بها الكلاب، وبعضهم الآخر من الركاب الذي كان يفترض أن يكون في رواندا لولا تدخل المحكمة الأوربية يقول: بأنها طريقة شبيهة جداً بالطريقة التي كانت سائدة بتجارة العبيد، وبعضهم الآخر شعر أنه ذاهب إلى إعدامه، وهو يساق للمطار للصعود إلى الطائرة.

ما تفعله الحكومة البريطانية ومن قرارات لها بخصوص اللاجئين وطريقة التعامل معهم يذكرنا بمسلسل الجذورROOTS الشهير، القصة الواقعية التي تروي الرق والعبودية واللاإنسانية التي كان الغرب يحترفها بكل صورها مجردةّ من أية ذرة لإنسانية، الجذور يظهر الغرب كيف يصطاد الأفارقة من أوطانهم في أفريقيا ويسوقونهم مقيدين بسلاسل ليبحروا فيهم إلى أمريكا ليباعوا كعبيد في سوق النخاسة مقيدين بأغلال وسلاسل حديدية وهو كقرار بريطانيا اليوم بوضع الأغلال والأساور التي وضعتها في أرجل اللاجئين لتقييد حريتهم، وانتقالهم حيث يريدون، وهي كالسلاسل والأساور التي وضعت و أثقلت كونتا كونتي مع كل محاولة له للهروب من سيده.

ما جرى ويجري من طريقة ترحيل اللاجئين وطرق معاملتهم ووضع الأغلال والسلاسل في أرجلهم يظهر ما عليه بعض الحكومات الأوروبية وطريقة تفكير هذه الحكومات يظهر بشكل جلي طريقة تفكيرها ومحاولتها تكريس نهج التفرقة والعنصرية وعدم الاكتراث واللامبالاة بأي حق من حقوق الإنسان، طريقة تذكر بجذور ما جرى في الماضي والطريقة التي يُتعامل فيها مع اللاجئين اليوم وهي كطريقة تعامل تجار العبيد مع الحر كونتا كونتي، فالمسألة مسألة جذور فكلٌ يحنُّ إلى جذوره فكونتا كنتي فكما كان يحن في عبوديته وهو في أغلاله إلى حريته ويتذكر طفولته في غامبيا موطنه الأصلي، فكذلك تبين هذه التصرفات من بعض الدول الأوربية أنها هي الأخرى تحن إلى جذورها وما كان يفعله أجدادهم من استعباد للشعوب أفراداً وجماعات الذين ولدتهم أمهاتهم أحراراً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني