fbpx

تظاهرات السويداء.. تحرك سلمي يقض مضجع النظام

0 99

منذ اندلاع التظاهرات السلمية في السويداء في أغسطس/آب 2023، دخل الحراك السلمي المناهض لنظام الأسد مرحلة جديدة من المواجهة. بدأت هذه التظاهرات بمطالب مشروعة لتنفيذ القرارات الأممية، وعلى رأسها القرار 2254، لكنها سرعان ما أصبحت هدفاً لتحشيد عسكري مكثف من قبل النظام.

في أغسطس/آب 2023، بدأت قوات نظام الأسد بتكثيف وجودها العسكري في السويداء، حيث نقلت مئات الجنود وعشرات الدبابات والمدرعات من دمشق إلى السويداء خلال الأيام الأخيرة من أبريل/نيسان 2024. هذا التحشيد العسكري كان جزءاً من استراتيجية واضحة هدفها قمع التظاهرات السلمية وتحويلها إلى مواجهات مسلحة عنيفة، ثم جاء تعيين أكرم علي محمد، الضابط المتقاعد برتبة لواء من جهاز المخابرات العامة، كمحافظ جديد للسويداء، كان خطوة استراتيجية أخرى للنظام. محمد، المعروف بسجله الإجرامي في قمع الاحتجاجات واعتقال النشطاء، تم تكليفه بتطبيق خطة أمنية تهدف إلى تقطيع أوصال السويداء وقمع المتظاهرين. هذا التعيين لم يكن مجرد تغيير إداري بل كان جزءاً من خطة أوسع لقمع الحراك السلمي.

عندما اكتملت التحضيرات اللوجستية والعسكرية، بدأت قوات النظام بتنفيذ خطتها الأمنية. والتي تجسدت بإقامة حواجز أمنية على مداخل المحافظة، ورفضت إزالة هذه الحواجز على الرغم من مطالبات أهالي السويداء. هذا الوضع أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومجموعات محلية في 23 يونيو/حزيران 2024.

إن إقامة الحواجز الأمنية على مداخل السويداء يعني اعتقال عشرات الآلاف من الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والمطلوبين للاحتياط، يمكن أن يتم اعتقالهم وزجهم في سجون النظام، حيث سيواجهون ظروفاً قاسية ومعاملة غير إنسانية وحتى قتلهم. وعلى أحسن تقدير سوقهم الى الخدمة العسكرية وزجهم بمعارك ضد شعبهم، وهم الذين نأوا بأنفسهم عن مقاتلتهم منذ بداية الثورة السورية 2011.

التجنيد القسري يضعهم في وضعية خطيرة حيث يواجهون خطر الموت في ساحات المعارك، بالإضافة إلى عقدة الذنب التي ستلاحقهم بسبب المشاركة في قتال شعبهم. وهو الذي لن يسمح به رجال الكرامة.

فالنظام السوري القمعي لا يعرف إلا ان يستخدم نفس الأساليب التي اتبعها في 2011، حيث قوبلت التظاهرات السلمية وقتها بالرصاص والبراميل المتفجرة. هذا النهج يعكس من جديد عدم استعداد النظام للتفاوض أو حتى تقديم أي تنازلات للمطالب الشعبية، بل يسعى إلى قمع الحراك السلمي وجره إلى صراع عسكري يمكن من خلاله تبرير استخدام القوة ضده.

رجال الكرامة، الذين كانوا نشطاء في السويداء، اتبعوا أسلوب التفاوض الناجح للإفراج عن المعتقلين من سجون الأسد. حيث أثبت هذا النهج فعاليته مع النظام في بعض الحالات، ويبدو أنه الخيار الأفضل للتعامل مع الوضع الجديد الحالي في السويداء، وتجنب الصراع العسكري المباشر. ومع ذلك، يبقى السؤال، في حال كان لدى رجال الكرامة القدرة الكافية والعمق الاستراتيجي لتنفيذ مخططاتهم بقوة السلاح، فسيكون هذا موضوعاً آخر تماماً.

الوضع في السويداء الآن يعكس التوترات المتزايدة بين النظام والشعب، وما التحشيد العسكري والتصعيد الأمني من قبل النظام الا دليل على نية هذا النظام الهادفة إلى قمع الحراك السلمي وتحويله إلى صراع عسكري يمكن للنظام من خلاله تبرير استخدام القوة.

ولكن رجال الكرامة سيواصلون جهودهم للحفاظ على الطابع السلمي للحراك، ويبقى التحدي الأكبر لهؤلاء الرجال هو تجنب الانجرار إلى العنف الذي يسعى النظام لفرضه.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني