fbpx

تداعيات الصراع في سوريا وأثره على الجندرة

0 421

شكلت الأزمة السورية واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في عصرنا الحالي، إذ شردت الملايين داخل البلاد وخارجها. ويعتبر العنف القائم على النوع الاجتماعي أحد أفظع أنواع العنف الذي عانى منه السوريون، والذي غالباً ما يساء فهمه وتعريفه، وخاصة بالنسبة للنساء والفتيات اللواتي يعتبرن الأكثر عرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي في أي أزمة إنسانية.

وأفاد عدد من الدراسات أن أعلى خطر للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بين النساء والفتيات في سوريا، هو العنف الاجتماعي والاقتصادي والجنسي، وأن هذا النوع من العنف ازداد انتشاره خلال النزاع. فما حدث هو تغيير الأدوار التقليدية داخل الأسرة، حيث فقد عدد كبير من الرجال حياتهم، ما دفع المرأة لأخذ دور المعيل وتحمل مسؤوليات جديدة.

وضع المرأة السورية قبل بدء الصراع

الأزمة الكارثيّة التي تتعرض لها سوريا منذ قرابة عقد من الزمن طالت كلّ شرائح وفئات المجتمع بلا استثناء وانعكست عليها جميعاً بأشكال فظيعة جداً، وعانت المرأة السوريّة قبل هذه الأزمة ما عاناه الرجل من الظلم والاستبداد من رموز السلطة الحاكمة، بالإضافة لتحكم المؤسسات السياسية والمجتمعية والدينية، وقصور قوانين الأحوال الشخصية، كقوانين الطلاق وتعدد الزوجات والإرث والولاية والوصاية والجنسية وغيرها، وحرمانها أو الانتقاص من دورها السياسي كما عانت من الموروث الذّكوري التاريخي المُتجذّر، الذي تحميه كلٌّ من المعتقدات الدينيّة والتقاليد العرفيّة، حيث ساهم الاستبداد والفساد في حمايته من التغيير التقدميّ عبر عرقلتهما الشديدة لحركة تطور وتقدم المجتمع ككل.

وقد تضمنت القوانين السورية الكثير من البنود التمييزية على أساسي جندري، كقانون حق النساء بمنح الجنسية لأولادهن، أو قوانين الأحوال الشخصية أو قانون التملك أو قانون العقوبات أو قوانين العمل وغيرها.

بالإضافة إلى أن القوانين العرفية في سورية المجحفة بحق النساء لها الأسبقية على القوانين الوضعية ولطالما وظف النظام هذا التناقض بين القوانين الوضعية على هشاشتها وبين الأعراف والتقاليد للمحافظة على الولاء السياسي للبنى الطائفية والعشائرية، “وجعل مشاركة النساء السياسية أداة مساومة بين قيادات المجتمع المحلي الذكورية وبنية الحكومة”

أما مشكلة حرمان المرأة من الميراث في سوريا، فقبل اندلاع الأزمة مثلاً كانت الكثيرات من النساء يفضّلن السكوت على حرمانهنّ من حقهنّ في الميراث كي لا يخسرن أخوتهنّ بسبب ذلك، فالموروث الذكوريّ السائد المتحدّر من أصل عشائريّ، لا يقبل بتوريث المرأة، ويعتبر أنّ ما ترثه سوف يذهب إلى الصّهر، أي إلى غريب لا يحقّ له الإرث، والإرث يجب أن يُحصر في الأبناء الذكور فقط، الذين يحافظون على النسب العائليّ واسم ودم العائلة.

إن الدستور السوري لعام 2012 لم ينص على المساواة بين النساء والرجال، ولا على مادة تحظر التميیز ضد النساء، ولا على تجريم العنف ضد النساء، لافتة إلى أن قوانين الأحوال الشخصية التي تحكم الأسر السورية ماتزال تحتكم إلى الشرائع، ولذلك مايزال تشريع العنف بين الرجال والنساء موجوداً في القوانين وفي الدستور

المرأة السورية أثناء الصراع

في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام: أعطى النظام الصلاحيات المطلقة للعسكر والأجهزة الأمنية لترهيب المواطنين والمواطنات ومنعهم/هن من المطالبة بحقوقهم/هن وتغييب أي شكل من المساءلة القانونية عن استخدام هذه الأجهزة جميع الأدوات القمعية ضد الناشطين/ات بما فيها التحرش الجنسي والعنف الجندري والاغتصاب، ولم يتوان عن استخدام العنف والسجن وحتى القتل.

وفي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، تغيب سلطة القانون ويزداد نفوذ الفصائل العسكرية التي تحكمها العشائرية والأعراف والمرجعيات الطائفية المتسترة بشعارات إسلامية التي تتحكم بالمعابر ومقدرات المنطقة اقتصادياً، كتوجيه المساعدات التنموية والإغاثية، ما يجعل المعيقات أمام النساء مضاعفة للوصول إلى الموارد والخدمات وتفرض في اغلب المناطق قيود على تنقل المرأة في منطقتها او السفر بدون محرم.

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنَّ المجتمع السوري عانى من وطأة الانتهاكات التي وقعت ضده، وكان الرجال في معظم الأحيان يشكلون النسبة الأعظم من ضحايا الانتهاكات، لكن بعض أنماط الانتهاكات التي وقعت بحق المرأة السورية لها أثر خاص على المرأة وجنسها ومركزها في المجتمع، كما أنه، ونظراً لحجم الانتهاكات التي وقعت بحق الرجال بما فيها القتل والاعتقال والاختفاء القسري، فقد لوحظَ تغيير جذري في أدوار المرأة، التي أصبحت تحمل مهام الرجل والمرأة معاً في أسرتها، كما أن المرأة نفسها قد تعرضت للانتهاكات الفظيعة.

التبدلات في الأدوار المجتمعية والأسرية للمرأة السورية

ازدادت آثار الحرب السورية تباعاً مع السنوات، وشملت شرائح المجتمع وفئاته كافة، وفرضت واقعاً جديداً على أفراد المجتمع رجالاً ونساء، وتغيّرت كثير من الأدوار المرتبطة بفئات المجتمع، وبرزت أدوار مختلفة للمرأة بشكل خاص في هذه الحرب؛ حيث أدّت الحرب دوراً كبيراً في تغيير القيم والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع، استناداً إلى الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي السائد في كل منطقة، فتغيّرت معها كثير من أدوار المرأة في تلك المناطق.

حيث أثقلت الحرب كاهل المرأة بمسؤوليات وأعباء جديدة كالتشريد القسري، واستهداف النساء واعتقالهن، والدفع نحو الزواج المبكر أو الزواج بالإكراه أو زواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار، وافتقار الفتيات والشابات إلى الأمن. ما يؤدي إلى زيادة العنف الأسري والعنف الجنسي على يد المدنيين، والافتقار إلى فرصة الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، وانقطاع التعليم، والإتجار بالنساء واستغلالهن لأغراض جنسية.

وانتعش سوق العمل بالنسبة إلى المرأة، وقت الحرب (إذا استثنينا النساء اللواتي كنّ تحت حكم تنظيم الدولة داعش) وخاصة النساء اللواتي فقدن أزواجهن أو اعتقلوا أو أصبحوا في حكم العاطلين عن العمل، بسبب مرض أو نتيجة حادث في الحرب، بالإضافة للنساء المطلقات أو الفتيات اللواتي أجبرن على الزواج في سن مبكرة.

لكن هذا العمل اكتنفته عدة معوقات، منها المحسوبيات والوساطات وصعوبات التنقل نظراً للأوضاع الأمنية، وفي بعض المناطق كانت هناك سيطرة لأفكار تتعلق بالفصل بين الجنسين.

وأشارت الدراسة التي أجرتها شبكة المرأة السورية عن تغير الأدوار الاجتماعية للمرأة خلال النزاعات المسلحة إلى علاقة تغير أدوار للمرأة بدخولها سوق العمل، فهناك أدوار اجتماعية جديدة للمرأة السورية تغيرت إيجابياً خلال فترة الحرب، بالمقابل كانت هناك مشاركات فعالة، لدى كثير من النساء، في ميدان التطوع بأشكاله كافة، بحسب ما يسمح به المجتمع المحلي من جهة، وتداعيات ظروف الحرب من جهة أخرى. ويبدو واضحاً أن الشريك والأسرة هما داعمان أساسيان لتغير دور المرأة، وردة فعل المجتمع تشير إلى انحسار دوره بشكل كبير وهو في طريقه إلى تقبل الأدوار الجديدة للمرأة، كما أن هناك منظور إيجابي في تقييم المرأة لنفسها وشريكها وأسرتها، نتيجة تغير أدوارها الاجتماعية.

العنف ضد النساء

تُعرّف الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة “العُنف ضدّ النساء” على أنّه “أيّ اعتداء ضدّ المرأة مبنيّ على أساس الجنس، والذي يتسبّب بإحداث إيذاء أو ألم جسديّ، جنسيّ أو نفسيّ للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضّغط أو الحرمان التّعسفيّ للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامّة أو الخاصّة.

قسم صندوق الأمم المتحدة للسكّان UNFPA العنفَ القائم على النوع الاجتماعي إلى خمس فئات:

العنف الجسدي: وهو استعمال القوّة البدنيّة لفرض سلطة قويّ على ضعيف، وتكون نتائجه الإصابة أو الانزعاج، كالضرب.

العنف الجنسي: هو أيّ فعلٍ أو محاولة أو مبادرة أو تعليق ذات دلالات جنسيّة، أو ممارسات إتجار أو فعلٍ جنسيّ بالإكراه.

العنف الاقتصادي: هو الحرمان من الموارد والفرص والخدمات (كالصحة والتعليم). أي بمعنى الحرمان من الحقوق الاقتصاديّة، كالحِرمان من العمل، التحكّم في أمواله/ها الشخصيّة رغماً عنه/ها، التمييز في فرص التوظيف، والحرمان من الميراث وغيرها.

العنف النفسي/العاطفي: وهو إيقاع الألم أو الأذى النفسي والعاطفي، مثل: التهديد، إساءة المعاملة، الإهانة الشفهيّة، الإقصاء الاجتماعي، التنمّر، السخريّة، التهديد بالهجر، وغيرها.

1- العُنف المُسلّح

تسبّبت الحرب في سوريا في مقتل مئات آلاف الأشخاص وإصابة عدد مماثل بإعاقات دائمة وتشريد الملايين، وقد ذكر “المرصد السوريّ لحقوق الإنسان”، في 4 كانون الثاني 2020 أنّه وثّق منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 وحتى ذلك التاريخ مقتل 380 ألفاً و636 شخصاً بينهم أكثر من 115 ألف مدنيّ، موضحاً أن بين القتلى المدنيّين نحو 22 ألف طفل، وأكثر من 13 ألف امرأة.

أما “الشبكة السوريّة لحقوق الإنسان”، فقد وثَّقت في تقريرها الصادر بمناسبة “اليوم العالميّ للقضاء على العُنف ضدّ المرأة” حصيلة لأبرز الانتهاكات الواقعة بحق المرأة بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار 2011 حتى آذار 2021، حيث سجل مقتل ما لا يقل عن 16104 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا. قُتلنَ بسبب التعذيب على أيدي تلك الأطراف، وأنّ 10363 امرأة ما تزال قيد الاعتقال أو الاختفاء القسريّ.

2- العنف القائم على النوع الاجتماعي

يعرّف العنفُ القائم على النوع الاجتماعي أنّه “أيّ فعل مؤذٍ يُرتكب ضدّ إرادة الشخص. وهو مبنيٌّ على الفروق بين الذكور والإناث التي يُعزى وجودها لأسباب اجتماعية” – توجيهات اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات من أجل دمج التدخلات في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في العمل الإنساني، 2015.

إذن؛ هو عنفٌ قائم على الأدوار الاجتماعية بين الذكر والأنثى، كما تراها الثقافة المحلية، ورغم أنّ الغالبيّة العُظمى من ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في مختلف الثقافات هم الفتيات والنساء؛ إلا أنّه ليس منحصراً بالإناث فقط، بل يشمل الذكور أيضاً، وهذا هو جوهر اختلافه عن مصطلح العنف ضد المرأة.

واليافعون والأولاد على وجه الخصوص معرضون أيضاً إلى درجة كبيرة للعمالة القسرية والمبكرة بسبب النظرة العامة لهم منذ طفولتهم على أنهم مصدر لتوفير الدخل للأسرة، وهذا الأمر بحد ذاته نوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

ما يزال المجتمع السوريّ مجتمعاً تتفشّى فيه بحدّة التقاليد الذكوريّة القاسيّة المجحفة بحقّ المرأة بأشكالها المختلفة، ومنها العُنف الأسريّ وعدم التوريث والطّلاق التعسفيّ وحتى الزّواج القسريّ، وسوى ذلك.

هذه المظاهر تعود إلى موروث اجتماعيّ تاريخيّ عميق الجُذور، وهي ليست من إنتاج الأزمة الراهنة أو مرحلة الاستبداد والفساد السابقة لهذه الأزمة التي أنتجت بدورها هذه الأزمة، لكن هذه المرحلة رسّخت هذه المظاهر، التي ضخّمتها أكثر الأزمة المتفجّرة.

النوع الاجتماعي “الجندر”

تعرّف منظمة الصحّة العالمية النوع الاجتماعي/الجندر (Gender) بأنّه: “الخصائص المبنيّة اجتماعيّاً للنساء والرجال، مثل الأعراف والأدوار والعلاقات بين الذكر والأنثى. كما تختلف من مجتمع إلى آخر ويمكن تغييرها”.

أيّ أنّ مفهوم النوع الاجتماعي متعلّق – بالدرجة الأولى – بالأدوار الاجتماعيّة للذكر والأنثى في المجتمع، وكيف تنظر لهما الثقافة المحلية. بمعنى: هي الفروقات التي يشكّلها المجتمع بين الجنسين، وما الذي يسمح به وما الذي يمنعه، لكلّ منهما.

وكلمة (اجتماعي) هي المدخل لمفهوم الجندر. أيّ أنّ النوع الاجتماعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع وأعرافه وتقاليده وكيف ينظر إلى الذكر والأنثى. لذلك تمّ ترجمة كلمة Gender في الإنجليزيّة، إلى نوع اجتماعي.

العنفُ القائم على النوع الاجتماعي، له علاقة بالدور الاجتماعي للذكر والأنثى، وتصوّر المجتمع لهما ودورهما وعلاقتهما ببعضهما، كما أنّه مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالهيكليّة الاجتماعية من أعراف وتقاليد قد تكون ظالمة ومجحفة.

والوضع الحالي الذي تمرّ به البلاد، من حروب متقطّعة وعدم استقرار ونزوح وغياب تطبيق القانون، يزيد من احتماليّة وقوع العنف القائم على النوع الاجْتماعي.

على سبيل المثال: دور المرأة العاملة في المجتمع وخياراتها، مهام المنزل وربطها بالمرأة، الرجل لا يبكي، المرأة تحكمها العاطفة، من حقّ الرجل أن يضرب المرأة، وغير ذلك من الفروقات والتصوّرات التي يضعها المجتمع.

وإذا كان مصطلح (اجتماعي) هو المفتاح الأهمّ لفهم الجندر/النوع الاجتماعي المتعلق بالأدوار الاجتماعية للذكر والأنثى (وبالمناسبة هذه الأدوار ليست ثابتة)؛ فإنّ مصطلح (بيولوجي) هو المفتاح لفهم الجنس (Sex). فالجنس متعلقٌ بالفروق البيولوجية بين الجنسين؛ كالأعضاء التناسليّة والوظائف الفسيولوجية والصفات الوراثيّة، ولا علاقة له بالأدوار الاجتماعية لهما.

واليوم تدفع المرأة في مجتمعنا السوريّ ثمناً باهظاً استثنائيّاً لما كان وما يزال في هذا المجتمع من آفات مستفحلة، وكثير منها أنتجتها أو نمّتها أو فاقمتها سياسة الاستبداد والفساد القائمة.

الفجوة الجنسية في سوريا

ووفقاً لتقرير الفجوة بين الجنسين العالميّ السنويّ الصادر عن “المنتدى الاقتصاديّ العالميّ” عام 2019 الذي يركّز على 4 محاور رئيسة هي: المشاركة الاقتصاديّة، والتحصيل التعليميّ، والصّحة والاستمراريّة، والتمكين السياسيّ، حلّت سوريا في المرتبة 150 من بين 153 دولة شملها التصنيف، وتلاها على التوالي كل من باكستان والعراق واليمن، في التحصيل العلميّ جاءت سوريا في المرتبة 101، في التّمكين السياسيّ جاءت في المرتبة 126، في المشاركة الاقتصاديّة في المرتبة الأخيرة 142، وفي التصنيف الكلّي جاءت في المرتبة 139 من أصل 142.

المرأة والعمل السياسي

أصبحـت مطالب النساء السوريات أكثـر وضوحـاً بالإسهام في السياسـات على صعيد المؤسسات السياسـية والاقتصادية والمجتمعية للنهـوض بحقـوق النسـاء وتحقيـق العدالـة ومـع الثـورة توسـع فضاء المجتمع المدني والمجال السياسي نسبياً وخرج عن مركزيته، وأصبح خارج حدود كل من الدولة والمعارضة الأكثر تنظيماً وخارج العديـد مـن الطبقـات السياسـية التقليدية والمثقفين.

من ناحية أخرى كان هـدف الثـورة الرئيسي تحقيـق العدالـة، والعدالـة لا تتحقـق إلا بوقـف التمييـز ضـد النسـاء، بدايـة مـن النسـاء أنفسـهن وانتهـاءً بجميـع المواطنين السـوريين علـى الأراضي السـورية كافـة، مثل سيادة القانون وحقوق المواطنة المتساوية لجميع السوريين، وحرية التعبير، وتكافؤ الفـرص الاقتصادية بيـن جميـع المواطنين، وإنهـاء التمييـز علـى أسـاس الديـن أو الطائفـة أو العـرق. وبالتالـي تقاطعت أهـداف الحـركات النسـائية مـع أهـداف الثـورة، لكـن الحـركات النسـوية نظـرت إلـى الثـورة مـن منظـور جنـدري نقـدي لإحداث تغييـر جـذري فـي المجتمع.

وكانت اللامساواة بيـن الجنسـين حافزاً للنساء للمشاركة في الثورة وتنظيم المظاهرات والتنسيقيات وأصبح للحـركات النسوية قاعـدة شـعبية واجتماعيـة أكبـر مقارنـة بسـابقاتها، التـي كانـت ممثلـة بناشـطات مـن نخبـة الطبقتيـن الوسـطى والعليـا. وبفضـل مشـاركة النسـاء الفاعلة وصلـت العديد من النساء إلـى مناصـب صنـع القـرار، في المؤسسات السياسية التقليدية والمستجدة مثل مؤسسـات الحكم المحلية والمركزية والأحزاب السياسـية فـي حيـن كانـت معظـم هـذه المناصب بيـد الرجـال، الذيـن منحـوا بعـض النسـاء مناصب شكلية. وتطور النضال السياسي للنسويات والناشطات اللاتي يتحدين النظـام الأبوي والأعراف الجندريـة في الحياة اليومية ضمـن الأوساط الخاصـة، مثـل الأسرة والبيـت والحي وتطورت آليات مواجهة اللامساواة الاقتصادية والثقافيـة والاجتماعية وأصبح الاستقلال الاقتصادي هو أحد القضايا الرئيسـية للحركات النسوية اليوم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني