fbpx

تآكل حزب الله: رهينة لإيران وصيد لإسرائيل

0 171

يعيش حزب الله اليوم في مواجهة ضغوط شديدة بين قوتين كبيرتين، إسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى. من جهة، تسعى إسرائيل بشكل مستمر إلى تقويض قدرة الحزب عبر العمليات العسكرية من خلال اغتيال قادته، واستهداف بنيته التحتية، خصوصاً في جنوب لبنان. ومن جهة أخرى، يجد الحزب نفسه تحت التوجيه المباشر لإيران، التي تستخدمه كورقة في مفاوضاتها مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة.

يواجه حزب الله حالياً ضغوطاً كبيرة من قوتين رئيسيتين: إسرائيل وإيران. من ناحية، تعمل إسرائيل بلا توقف على تقويض قدرات الحزب من خلال تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف اغتيال قادته واستهداف بنيته التحتية، خاصة في الضاحية الجنوبية من بيروت ومنطقة جنوب لبنان. من ناحية أخرى، يجد الحزب نفسه تحت ضغط مباشر من إيران، التي تستخدمه كأداة في مفاوضاتها مع القوى الغربية، لا سيما الولايات المتحدة.

حيث إيران تعتمد على حزب الله كأداة استراتيجية في المنطقة، سواء لضمان نفوذها أو للضغط على الدول الغربية، ولكن في الوقت ذاته، قد تصبح هذه العلاقة عبئاً على الحزب، إذ أن المصالح الإيرانية لا تتوافق دائماً مع الأولويات اللبنانية. هذا الوضع يجعل من حزب الله في موقف صعب، حيث يضطر للتوازن بين التصدي للتهديدات الإسرائيلية والحفاظ على ولائه لإيران في سياق استراتيجياتها الإقليمية.

ونتيجة الهجوم الإسرائيلي الساحق على حزب الله، شهدت لبنان حراكاً سياسياً مهماً تمثّل في اجتماع ثلاثي ضم نبيه بري “رئيس مجلس النواب”، نجيب ميقاتي “رئيس حكومة تصريف الأعمال”، ووليد جنبلاط “رئيس الحزب الاشتراكي السابق”، الذي عُقد في عين التينة في 2 أكتوبر 2024. هذا الاجتماع تناول مسألة إنهاء التصعيد في جنوب لبنان والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، بالإضافة إلى إرسال الجيش اللبناني إلى منطقة جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) تطبيقاً للقرار 1701. كما ناقشوا اختيار رئيس وفاقي جديد للجمهورية بهدف تخفيف التوترات الداخلية ​(الأخبار)​(الوكالة الوطنية للإعلام).

فأسرع خامنئي إلى إرسال وزير خارجيته عباس عرقجي إلى بيروت كعنصر مؤثر في المشهد، والذي أصر على وحدة الساحات وأكد على أهمية التنسيق بين مختلف القوى في لبنان، ما أدى إلى تعقيد جهود الثلاثي اللبناني الذي كان يسعى إلى وقف إطلاق النار. وقد أشار عرقجي إلى أن أي جهود لوقف إطلاق النار يجب أن تأخذ في الاعتبار جميع الساحات في المنطقة، وليس فقط الوضع في لبنان. ورفض اقتراح وقف إطلاق النار دون تأكيد وحدة الجهود بين جميع الأطراف، وهو ما يعكس تأثير إيران على حزب الله ودورها في تحديد السياسة الإقليمية. يبدو أن هذه الزيارة تهدف إلى تعطيل أي تسويات قد تؤدي إلى إضعاف حزب الله أو الحد من نفوذه في الصراع اللبناني الداخلي.

وفي خطاب نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، الذي تم تسجيله في غرفة مظلمة، بدا الخطاب مكرراً ولم يتضمن أي تحليل جديد أو رؤية واقعية حول الأوضاع الراهنة في لبنان أو الاستراتيجيات المستقبلية للحزب. قاسم أكد على تنفيذ حزب الله للسياسات الإيرانية، ما يعزز من تأثير إيران على القرارات اللبنانية، حيث وصف نبيه بري بـ “الأخ الأكبر”، في إشارة إلى دور بري في تعطيل العملية السياسية، وخاصة بما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بما يتماشى مع الأجندة الإيرانية، وبنفس الوقت تفويضه ليسعى إلى وقف إطلاق النار دون ربط الساحات، وانتخاب رئيساً للجمهورية. وفي السياق ذاته يعني ان اي اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان الخالية من رئيس وحكومة أصيلة هو غير ملزم للحزب.

كما شدد قاسم على أن حزب الله يدافع عن لبنان منذ 8 أكتوبر 2023، وليس فقط لدعم حماس أو القضية الفلسطينية، ما يعكس محاولة للتنصل من مسؤولية الحزب في الفوضى والدمار الذي يعاني منه لبنان.

الرسالة النهائية في الخطاب كانت واضحة: حزب الله مستعد للتضحية بمصالح اللبنانيين من أجل خدمة مصالح إيران.

في هذه البيئة المعقدة، يواجه حزب الله تحديات داخلية أيضاً، حيث بدأت قطاعات كبيرة من المجتمع اللبناني، بما في ذلك المسيحيين والسنة، بالتعبير عن استيائهم المتزايد من النفوذ المتزايد للحزب ودوره في جر البلاد إلى صراعات لا تخدم المصلحة الوطنية.

هذا الضغط الثلاثي: الإسرائيلي، الإيراني، والداخلي اللبناني، يجعل الحزب في موقف معقد وصعب، فهل يستطيع أن يظل قوياً كما كان، أم أن هذه الضغوط ستؤدي إلى تفككه أو ضعفه؟.

وبالتالي لم يعد لدى حزب الله سوى الخيار الشمشوني.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني