البصاق هو عادةٌ سيّئةٌ أصابَتْني.. كيف ومتى لم أعدْ أذكرُ بالضبط.. كلّ الذي أذكرُه أنني كلما رأيتُ شيئاً أو صادفتُ أحداً ما أبصقُ..
أبصقُ دون أن أنتبهَ إلى نفسي..
البارحة قرأتُ شيئاً عن الأديانِ والمعتقدات وحين انتهيتُ لم أستطعْ أن أبتسمَ.. اكتفيت بالبصاقِ..
اليوم أحدهم قال لي بأنّ الحربَ لم تنتهِ بعد.. ابتسمت ومن ثمّ بصقتُ..
الطبيبُ الذي يشرفُ على حالتي النفسيّةِ قال لي إنني سأتخطى الأزمةَ..
بصقتُ بوجههِ ومضيتُ..
في البيتِ وبدلاً من قضاءِ بعضَ الوقتِ مع عائلتي، أجلسُ في الغرفة وحيداً..
وحيداً أتأمّلُ سقفَها لبعض الوقت.. أما جدرانها فأرسمُ عليها أشكالاً عدّة والكثيرَ من الوجوه..
كل هذا أفعله بالبصاق..
أفتحُ التلفازَ وبدلاً من متابعةِ آخر الأخبار أملأُ الشاشةَ بالبصاق..
في الشارع وبدلاً من أن أرمي السلامَ على المارة، أرشقهم بالبصاقِ لدرجة أنهم أصبحوا ينادونني بـ البصّاق..
في العمل.. معظم الوقت أقضيه بالبصاق على العمّالِ وعلى ربّ العمل..
ولهذا سرعانَ ما يطردونني..
في الباص وحين أذهبُ إلى مكانٍ ما أتأمّلُ جميعَ الركّاب وقبل أن أنزلَ أبصقُ في وجوههم..
وأبصقُ في وجه السائقِ أيضاً..
إحدى الجرائد وجدتها ملقاة على جانب الطريق وفيها وعلى ما يبدو أخبار مهمّة عن الوطن وبدلاً من قراءتها أشبعتها بصاقاً وأعدتها إلى مكانها..
إحدى الجمعيات الخيرية هنا أبلغني أحدُهم سراً أن جلّ موظفيها من الشرفاء..
ذهبتُ إليها وحين وصلتُ ودون أن أشعر ملأتُ وجوهَهم بالبصاق..
في أحدِ الأزقّةِ الضيّقةِ وقبل ساعتين من الآن صادفْتُ طفلاً كان يجلس القرفصاءَ وبجانبه عربة ثقيلة مليئة بالخردة.. كان يبصقُ بشراهة.. وحين اقتربتُ منه وسألته لماذا تبصق بهذا الشكل..؟
رفع رأسَه وبصقَ في وجهي..
هكذا بكلّ بساطة..
الأمر جعلني أتساءلُ هل البصاق عادة سيئة..؟
والآن وحين انتهيتُ من كتابةِ هذا النص رميتُ القلمَ جانباً..
تأمّلته..
تأمّلته كثيراً وبصقت..
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”