fbpx

بين حجاب الرافض للأسد وشمس الخطيب المشرقة من موسكو

0 189

لا يختلف اثنان حول المكانة الاستثنائية التي يتمتع بها رئيس الحكومة السورية المنشق، رياض حجاب، على الصعيدين المحلي والدولي، بوصفه الشخصية ذات الدرجة الأعلى بحسب السلّم الوظيفي من بين باقي الثوار المنشقين.

ولعل تدرّج حجاب في شَغْل العديد من المناصب السياسية والتنفيذية داخل مؤسسات النظام منذ تسعينيات القرن الماضي وصولاً إلى انشقاقه في آب/أغسطس 2012؛ قد ساهم في اكتسابه خبرة ومعرفة يندر وجود مثيل لها لدى العديد من الشخصيات السياسية التي انشقت عن نظام الأسد.

السيرة الذاتية لحجاب، خلال تقلّده المناصب الحزبية والسياسية، لا تختلف كثيراً عن سيرة أيّ مدير دائرة أو وزير أو سفير عمل لدى نظام الأسد؛ بل ولا تصل لمرتبة أصغر سيرة ذاتية لضابط خدم في جيش الأسد، قبل إعلان انشقاقم عنه خلال الثورة، وغالبية السوريين يدركون جيداً ما معنى أن تكون مسؤولاً أو ضابطاً في نظامٍ كنظام الأسد.

ومن هذا المنطلق، من حق كل سوري ثائر أن يقارن ويفرّق بين مسؤولٍ ما يزال تابعاً لنظام الأسد القاتل وبين من أعلن انسلاخه عن تلك الطغمة وآثر الانضمام إلى صفوف الثورة. ومن الظلم بمكان أن نجد بين الحين والآخر من يتنطّع للطعن سواء بحجاب أو بغيره من شخصيات الثورة والمعارضة بذريعة تاريخهم الذي قضوه تحت سلطة الأسد.

وإذا ما رجعنا إلى تلك الحقبة، السابقة لثورة آذار 2011، وخاصة إلى الفترة التي شغل فيها حجاب منصب محافظ اللاذقية، ثم تسلّمه وزارة الزراعة وبعدها رئاسة الحكومة، للمسنا حجم الاحترام الكبير الذي ناله سواء من قبل أبناء محافظة اللاذقية أو من موظفي الحكومة الذين عملوا داخل إدارته. 

بعد رحلة هروبه مع أفراد أسرته، وخلاصه من دائرة العصابة، ألقى كلمة نشرتها إحدى الفضائيات، في السادس من آب 2012، قال فيها: “أنا الآن جندي من جنود هذه الثورة المباركة” فكانت هذه الجملة إعلاناً لانشقاقه عن نظام الأسد وانضمامه لصفوف الثوار.

ومنذ ذلك الحين لم يدخر حجاب جهداً إلا وبذله للمشاركة في تنظيم صفوف السوريين المهجّرين ابتداءً من إعلانه لـ “التجمع السوري للعاملين في الدولة” ثم اختياره لقيادة هيئة التفاوض التي استقال منها بعد يقينه أنها تسير في درب مسدود، وبعد رفضه إدخال ما أطلق عليها “منصة روسيا” إلى هيئة التفاوض، تلك المنصة التي أطلقت عليه وعلى المستقيلين من الهيئة تسمية (المتشددين).

بالمقابل، كان الشيخ “أحمد معاذ الخطيب”، قد نشر في نوفمبر 2014 مقالته المثيرة للجدل، والتي افترض فيها أن “الشمس ستشرق من موسكو” بحسب تعبيره.

الخطيب كتب تلك المقالة بعد زيارة أجراها إلى موسكو مع ضابطين منشقّين، بحسب ما جاء في مقالته، في وقت كانت روسيا قد استخدمت فيه حق النقض (الفيتو) أربع مرات لمنع صدور أي قرار يدين الأسد ويخضعه للمحاسبة، وآخر تلك (الفيتوات) رُفع في 22 أيار 2014، ضد مشروع قرار يحيل ملف نظام الأسد إلى الجنائية الدولية.

وبالرغم من ذلك، خرج الخطيب بنظريته حول “الشمس التي تشرق من موسكو”، دون أن يفكّر لو امتنعت موسكو عن استغلال حقها في النقض آنذاك لكنّا الآن في غنى عن كل ما يحصل اليوم، ولما شهدنا كل هذا الدمار الذي خلّفته “شمس موسكو” نتيجة التدخّل المباشر للروس الذي أعقب مقالته ببضع أشهر.

الفارق بين حجاب والخطيب شاسع جداً، من حيث الخبرة السياسية وإدراك أبعادها؛ فالأول خرج من داخل تعقيدات مؤسسة الأسد الأمنية والسياسية، كما يحظى في هذا الجانب بقبول دولي من جهة وشعبي من جهة أخرى، وهو ما يعلل طرح اسمه بين الفينة والأخرى كمرشح محتمل لتولي مسؤولية إدارة البلاد، في حال حصول التغيير.

بينما خرج الخطيب من داخل مؤسسة دينية هي أبعد ما تكون عن فهم ذهنية النظام، وأكثر ما تعرفه عن الأخير هو الهامش الذي كان يمنحه لها ولسائر المؤسسات الدينية للتحرك ضمن مجال يحدده لها ذلك النظام.

وبينما يشكّل حجاب حالة عامة بين السوريين، منذ ما قبل الثورة وخلالها، يحظى الخطيب بتأييد شريحة محدودة من داخل الوسط الدمشقي وبعض المؤسسات الدينية فيه، والتي لا يعارض جزء منها حصول تغيير سياسي يتضمّن تمثيلاً لنظام الأسد، ويتضح ذلك جلياً من خلال “مبادرة” الخطيب التي طرحها عبر تسجيل مصوّر في نيسان/أبريل 2019، وخاطب فيها بشار الأسد بوصفه “رئيساً للدولة” لا مجرماً بحق أهلها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني