fbpx

بيدرسون وسباق جولة ما “قبل الفشل” الأخيرة

0 304

ليس واضحاً بعد، أن المجتمع الدولي، قد وصل حدود تذمره، من سوء وضع الصراع في سوريا، فلا يبدو أن الأمريكيين وحلفهم الغربي، في حالة استعجال للحل السياسي في هذا البلد، طالما أن الروس، لا يزالون يراهنون على تمرير أجندتهم بالحل الخاص بهم، القائم على تعويم نظام الأسد، وتقديمه بصورة تتسم ببعض الرتوش “التزينية”، مثل مسرحية التنافس في انتخابات الرئاسة، التي ستنتهي في ظل حكم أجهزة النظام الأمنية والعسكرية إلى إعادة التجديد للأسد لفترة جديدة.
الروس، يعرفون أن هذه الرتوش التزينية، لا تفيد بغير إطالة عمر الأزمة السورية، في انتظار تغييرات قد تحدث في الموقف الغربي لمصلحتهم، ولكنهم، وفي مقدمتهم، عميد ديبلوماسيتهم المحنك لافروف، يعرفون تماماً، أن الغرب ليسوا في وارد العجلة لحلٍ لا يلبي شروطهم المعلنة على الأقل، هذه الشروط تتمثل بضرورة تنفيذ القرار الدولي 2254، الذي يؤدي إلى انتقال سياسي جدي، ونشوء حكم سياسي وفق عقد جديد.
وفق هذا المنظور، يمكن قراءة إحاطة جير بيدرسون الجديدة في مجلس الأمن، بتاريخ 28 نيسان/إبريل 2021.
بيدرسون أطلق تحذيراً قال فيه: “يجب إعطاء الأولوية للبحث الاستباقي عن تسوية للصراع السوري”. مبيّناً أنه: “هناك احتمال بزيادة تفكك الوضع أو تدهوره”. معتقداً: “أن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 أمر ضروري، كذلك النهج التعاوني للقضاء على الجماعات الإرهابية المدرجة في القائمة”.
الحديث عن “بحث استباقي” للصراع السوري من قبل بيدرسون، يوحي بمحاولة إيجاد مربعات تقاطع، يمكن اشتقاقها من جوهر القرار الدولي 2254، بين القوى الدولية المنخرطة بهذا الصراع، هذا البحث الاستباقي لا يعني الالتزام بحرفية هذا القرار، بل بوضع تصور جديد يمكن من خلاله النفاذ إلى عتبة حلٍ سياسي، يمكن للروس قبول صيغتها.
إن الموقف الدولي من الوضع في سوريا لا يزال خارج مربع التفاهم الأمريكي/الروسي، ولذلك ذهب الروس إلى السماح لنظام الأسد بتمرير انتخابات رئاسية، سيجريها النظام، رغم معرفة الروس، أنها انتخابات لا تتسم بالشرعية، فالنظام في حالة صراع مع شعبه، وهناك قرارات دولية وقع الروس عليها، ولحسوا توقيعهم قبل أن يجف حبره.
لهذا قال بيدرسون “إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، هي ليست جزءاً من العملية السياسية، التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254، ولا تشارك الأمم المتحدة في هذه الانتخابات، وليس لديها تفويض للقيام بذلك، وتواصل التأكيد على أهمية التوصل إلى حلٍ سياسي تفاوضي للصراع في سوريا”.
الروس بتأييدهم انتخابات زائفة يجريها نظام الأسد، يعني بالنسبة لهم، أنهم في انتظار تفاهمات لم تتم بعد، ولكن يمكن للروس إيجاد مثل هذه التفاهمات، من خلال فك ارتباط المسألة السورية، كحلقة صراع مع الغرب عن باقي حلقات صراعهم في قضايا ومناطق أخرى، فهذا الربط بين حلقات صراعهم يعقّد الحل السياسي في سوريا، ويضعهم في موقع استنزاف من قبل الغرب، جربوه من قبل في أفغانستان.
لهذا، لا يبدو أن بيدرسون سيذهب إلى أيما جلسة سادسة لمفاوضات اللجنة الدستورية، لمعرفته الأكيدة، أنها ستكون جلسة فشل تام، لمسار التفاوض حول صياغة مسودة دستور، وهو ما يجعله حريصاً على التحضير لها بهدوء وعناية وتوفير ضمانات دولية لنجاحها.
بيدرسون يدرك تماماً أن عدم نجاح جلسة المفاوضات السادسة، يعني انهياراً لوساطته، وفشلاً صريحاً للأمم المتحدة، التي تلعب دور الوسيط. ولهذا قال بعبارة صريحة: “يجب أن تكون الجولة السادسة مختلفة عما سبق، مع بعض الأهداف الواضحة، وأساليب العمل الموثوقة، والتعاون المعزز بين الرئيسين المشاركين (البحرة والكزبري) وخطة العمل المستقبلية”.
الاختلاف هنا ليس سراً يخفيه بيدرسون، بل هو بحث استباقي عن تقاطعات ممكنة للحل بين الطرفين الدوليين (الروس وحلفهم والغرب وحلفهم)، هذه التقاطعات يمكن لـ بيدرسون التوصل إليها، فيما لو وجد قبولاً من أطراف دولية تقبل بعقد مؤتمر دولي حول سوريا، هذا المؤتمر يجب أن تكون قراراته ملزمة، يصادق عليها مجلس الأمن.
عقد مؤتمر دولي حول سوريا، يعني وضع كل المشكلات والحلول على طاولة التفاوض المسبق، وتحديد اتجاهات الحل السياسي وفعاليته، فمثل هكذا مؤتمر، يشكّل فرصة لتقديم تنازلات متبادلة بين الأطراف الدولية، تنتهي بالتخلص من حرج التشبث بمواقف، لا أفق لها لدى كل الأطراف.
فهل ينجح بيدرسون باصطياد فرصة توافق على عقد مؤتمر دولي حول سوريا، أم سيقدم استقالته من مهمته، فليس أخلاقياً، أن يستمر في ذر رماد حلٍ غير قريب، في عيون السوريين المنهكين.
الجواب على هذا السؤال، مرتبط بحجم تأثير العقوبات الأمريكية والغربية، على النظام، وعلى الإيرانيين، والروس. فكل هؤلاء يستمر استنزافهم غربياً، وهو ما يضعهم أمام نقطة لا عودة، قد تحدث في حال تأخروا في التقاط إشارة مربع تقديم التنازلات.
فهل يفعلها الروس وهم المعنيون أولاً بهذه التفاهمات؟. الأمر متعلق بلقاء مرتقب غير ودي بين بايدن وبوتين، سيحصل في الأيام القريبة التالية، ويجري التحضير له سراً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني