fbpx

بيدرسون في إحاطته الأخيرة
الخطوط العريضة للحل السياسي للنزاع معروفة جيداً

0 220

إحاطة بيدرسون الأخيرة بتاريخ 26 مايو/أيار، تشي بأن موعد انعقاد الجولة السادسة للجنة الدستورية، لايزال قيد المحاولة، وفق قواعد جديدة لانعقاده، فلا قيمة لجلسة سادسة، إذا لم يبدأ التفاوض جدياً وفق جدول زمني، حول مواد دستورية بشكل ملموس.
إحاطة بيدرسون أتت في يومٍ، كان النظام السوري وبدعم روسي وإيراني، يقوم بمسرحية انتخاباته الهزلية، التي رفضها الغرب مسبقاً ودولٌ كثيرة. وهي إحاطة تكشف واقع حال الوضع العام في سوريا، في كل جنباتها.
لقد قال بيدرسون: “هناك وضع خطير للسوريين العاديين، مع استمرار المعاناة الهائلة والمتزايدة للشعب السوري، (تدهور اقتصادي جائحة كورونا، تهجير، اعتقال، اختطاف، انتهاك حقوق الإنسان)”.
مضيفاً: “إن الخطوة العريضة للحل السياسي للنزاع معروفة جيداً للأطراف الرئيسية كافة، ومع ذلك لا يوجد طرف على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى”.
إحاطة بيدرسون لاتزال خارج حدود مربع تفاهمات دولية حول الصراع في سوريا، وهو يدرك ذلك، ولهذا طالب بـ “ديبلوماسية دولية بناءة”. هذه الديبلوماسية، تقتضي سلخ القضية السورية عن قضايا صراعية دولية أخرى، كما تقتضي، تغيير تناول هذه القضية، عبر صيغة مفاوضات يعطّلها النظام السوري والروس، لأنهما يعرفان حق المعرفة، أن نجاح المفاوضات في جنيف، وإقرار وثيقة دستورية، يعني عملياً وقانونياً بناء الجدار الأخير من مرحلة الحكم الاستبدادي.
ولكن الديبلوماسية البناءة ممكنة في شروط محددة، أن تكون مثلاً كمخرج للتعنت الروسي من تنفيذ 2254 وفق رغبة الغرب، فمؤتمر دولي سيتم الإعداد له قبل ولوجه، والاتفاق على كل جوانب مخرجاته، وهذا ما يريده الروس، لأنهم عبره يمكنهم المحافظة على استثمارهم في سوريا عسكريا وسياسياً واقتصادياً.
لكن الغرب لا يرى حتى اللحظة أي مصلحة له بمؤتمر دولي حول سوريا، فهم يريدون تنفيذ القرار 2254، لأنه لا يعطي الروس مساحة مصالح أوسع.
إن تحذيرات بيدرسون لن يكون لها صدى بدون ضغوط سياسية داخلية في البلدان المنخرطة في الصراع السوري، فالولايات المتحدة عبر إدارة بايدن، بدأت تتلقى انتقادات صريحة حول عدم ممارستها الضغوط على النظام السوري، ومن يتعاون معه، بموجب قانون قيصر، وقد اتهم مشرعون أمريكيون من الجمهوريين جو بايدن، بأنه لا يفعل شيئاً حيال حلّ المسألة السورية، واتهموه بربطها بالحوار مع إيران.
إن تحذيرات بيدرسون لمجلس الأمن التي قال فيها: “إذا استمررنا على هذا النحو، وإذا ظلّت الأطراف الرئيسية أكثر استثماراً في إدارة الصراع، بدلاً من حلّه، فإنني أخشى أن يتحول الصراع في سوريا إلى صراعٍ آخر طويل الأمد، يستمرّ لأجيال”. هي تحذيرات تعني أن عدم حلّ الصراع السوري، سيفتح صراعات أخرى، لن تسلم منها باقي دول المنطقة على الأقل.
محاولات بيدرسون بإعادة اللجنة الدستورية إلى مسارها الصحيح، تدفعه للاعتقاد أن تنفيذ القرار 2254 قد لا يكون ممكناً بصيغته الموجودة، ولهذا طالب بيدرسون بضرورة تضييق الخلافات بين طرفي التفاوض.
لم يحدّد بيدرسون، كيف يمكن تضييق الخلافات بين النظام وقوى الثورة والمعارضة، ولم يقل لنا ما طبيعة هذا التضييق، وهل هو تضييق يراد منه إغماض العين عما جرى من جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، التي ارتكبتها قوى النظام وحلفه الإيراني/الروسي؟.
إن قوى الثورة والمعارضة لا يمكنها تقديم أخفض من سقف 2254، فهي إذا ما أقدمت على ذلك، تكون تهدر حقوقاً ليس من حقها أن تهدرها، وتضحي بمصالح سوريين، أضرتهم حرب النظام عليهم كسلميين، ولذلك لن يكون هناك مخرج حقيقي، بغير تطبيق حقيقي، للقرار الدولي المذكور، وبغير تشكيل هيئة حاكمة انتقالية، لا يكون الأسد وزمرته في تشكيلها.
إن عدم تشكيل رؤية استراتيجية أمريكية لحل الصراع في سوريا، من شأنه أن يعقّد هذا الصراع، وإن هذا التعقيد الذي يتزايد يوماً وراء يوم، سينعكس حتماً بصورة سلبية في المرحلة القادمة على مصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائها الدوليين والإقليميين.
فهل يلتقط الروس والأمريكيون رأس خيط مقترحات بيدرسون بعقد مؤتمر دولي حول سوريا، وفق ديبلوماسية بناءة، أم أنهم لا يزالون خارج فضاء هذا المقترح؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني