بعد هزيمة العدو
الهزيمة حدثت وهي هزيمة نكراء مدوية بحق” الجيش الذي لا يقهر” الذي عاش عدة عقود مضت وهو يتباهى بقوته، والقوة الضاربة الفلسطينية نجحت نجاحا باهرا في المعركة منذ اليوم الأول لبدأ المعركة، أما وقت الانتهاء وتوقف المواجهة بين الطرفين، فلا وقت معلن لأن هذا الصراع لن ينتهي إلا بعد حل حقيقي وواقعي ومناسب للقضية الفلسطينية يرضي كل الأطراف الفلسطينية دون استثناء، وماهو مطروح حالياً، حلول هزيلة وتافهة وأثبتت السنوات الماضية عدم فائدتها، وعلى رأسها “حل الدولتين” الذي جلب لنا الويلات والندم.
الكرة الآن عند الطرف الفلسطيني وتحديداً “القوة الضاربة ” التي تمسك الأرض وتتحكم بزمام المعركة بما تملكه من تكتيك عسكري رائع ومتميز، فعليها أن تفكر بسيناريوهات كثيرة وأن تسعى لتحقيق مكاسب لصالحها ليس فقط “إطلاق سراح الأسرى” و”إدخال المساعدات الإنسانية” رغم أن هذين الأمرين لا يستهان بهما بتاتاً، لأن العدو خائف ومذعور وهو في أتعس الظروف ويحسب لـ “القوة الضاربة” ألف حساب بعد أن تلقى ضربات مؤلمة لم يتلقاها من قبل، لهذا عليها أن تتوسع بمطالبها فهي في موقف “القوي” والعدو في موقف “الضعيف المنهزم” الذي يريد النجاة لكنه يرفض قبول ما يجري من حوله رغم حالة الجنون والسخط في صفوفه فمنذ بدأ المعركة وحياة مواطنيه باتت جحيماً وانقلبت رأساً على عقب واقتصاده ينهار وجيشه يعود أفراده جثثا هامدة، فبإمكانها الآن التوسع وأخذ مساحات أكبر من العدو مثل “شريط قطاع غزة الحدودي” وهي مساحة لا يستهان بها، وتلقى هذا الشريط حصة الأسد من الضربات الصاروخية المدوية ودخلته “القوة الضاربة” وأزالت الحواجز بوقت قياسي قصير ومعها “المعابر” وبواباته المتينة.
الخاسر الأكبر بعد العدو وقد يستغرب الكثيرين مما سوف أذكره، وأنا حزين جدا لهذا، هي “السلطة الفلسطينية” وكل مكونات “منظمة التحرير الفلسطينية” وعلى رأسها “حركة فتح”، فلقد كان دورها منذ البداية معدوم ويختصر على البيانات المكررة الهزيلة التي اعتدنا على سماعها منذ وقت طويل، والشعب الفلسطيني بعد هذه الأحداث سوف يتصرف بطريقة مختلفة مع سلطته ومكوناتها بطريقته الخاصة، فمن المستحيل أن يقبل بـ “سلطة” تقف موقف المتفرج وسط الكم الهائل من الأحداث المتسارعة.
و”مختصر الكلام” بعد ما يجري الآن سوف تحدث أمور كثيرة، جميعها بالنسبة لي لصالح “القضية الفلسطينية”، لأن هناك “أسود مفترسة” قد ظهرت، ومن يقترب من هذه “الأسود” يدرك ما الذي سوف يتعرض له، ومن يريد أن يتشبث بـ “السراب والوهم” فحاله كحال “السلطة الفلسطينية ومكوناتها” التي “لا حول ولا قوة لها”، وكلما أتابع ما تفعله أشعر بالحزن على حالها وعلى ما وصلت إليه.