fbpx

بعد تحويل وتحريف بوصلة الثورة
محاولات “وأد” رئاتها الثقافية والإعلامية!

0 388

مازلت أكرِّر، ذكر، ما تم في – اجتماع الأمانة العامة – لرابطة الكتاب السوريين في القاهرة 2012، الذي كان لي فيه دور – كسواي قبل عقده – عن بعد، وذلك بالعمل على التعريف بين طرفين أعدا لهذا اللقاء: أحد الزملاء من نواة التأسيس وزميل كاتب، إذ يسر هذا الأخير أمور ترتيب الاجتماع. أو المؤتمر، وكان – بحق – تظاهرة ثقافية سورية كبرى، بالرغم من ملاحظاتي الكثيرة التي تمت عليها. لقد كان المؤتمر، أول ترجمة للقاء بين الكتاب السوريين، على مختلف أطيافهم، لطالما هم منحازون إلى الثورة السورية – إن لم أقل منخرطون – ولا أدري أيصح في الكتاب، الانخراط في ثورة ما، وإن على طريقة الكتاب: بالقلم أو القلب أو الموقف، وكان من بيننا من أعلن موقفه بعد بدء الثورة ببضعة أشهر، ومنهم من أعلنه منذ أن بدأت، ومنهم من أعلن موقفه من النظام قبل بدئها، وذاق مرارات السجن على أيدي زبانيته!

من بين أعضاء الأمانة العامة، والمكتب التنفيذي كان عدد مهم من الأسماء، أذكر منهم: صادق جلال العظم وحسين عودات وسليمان البوطي – رحمهم الله – ماعدا كوكبة من الكتاب الأحياء أطال الله أعمارهم، وهم أسماء معروفة، وكان من بينهم بضعة كتاب كرد وكنت أحدهم. ثمة تفاصيل كثيرة حول هذا الملتقى، أدع الخوض فيها، إلى مناسبات أخرى، إلا أن أمرين اثنين أريد طرحهما:

أولهما أنني كنت متفقاً مع من تواصل معي آنذاك، على شكل العلاقة بين الرابطتين: رابطة الكتاب السوريين، ورابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا التي كان لها سبق اتخاذ الموقف الثقافي، باعتبارها كانت – في الأصل – موجودة، وتم إعلان موقفها من الثورة، وثمة بيانات كثيرة صدرت تبين هذا الموقف، إلا أنه وبعد بدء الاجتماعات لاحظت أنه يتم تناسي النقطة المتفق عليها، وكنت أحد من عملوا على ضمِّ العشرات من الكتاب السوريين إلى الرابطة، ضمن أول قائمة لها، كما اللائحة التي قدمتها لاحقاً لرابطة الصحفيين السوريين التي لم أحضر مراحل تأسيسها، وكنا قد توزعنا أحمد حسو وأنا المهمات. إذ قال لي “على هامش أحد اجتماعات الكتلة الكردية للمجلس السوري”: سأتابع أمور رابطة الصحفيين وقلت له سأتابع تأسيس رابطة الكتاب، وإن حدث خلل تنسيقي بيننا، ومن جهته!

وقد ازداد، خلال السنوات الأولى من تأسيس الرابطة عدد الكتاب الكرد في رابطتي الكتاب والصحفيين، من خلال انضمامهم الذاتي أو عبر آخرين، وصار للكرد حضورهم اللافت في كلتا الرابطتين، عندما كانت الشعارات الأولى للثورة هي المؤمن بها، إلا أن انشداد الكاتب والصحفي الكردي إلى كلتا الرابطتين بات يتراجع بسبب مواقف غير لائقة، كانت تبدر من بعضهم، هنا وهناك.

ثاني هذين الأمرين، هو أنني وفي أول اجتماع للأمانة العامة لرابطة الكتاب طرحت ضرورة وجود – كوتا – للكتاب الكرد في رابطة الكتاب، فتم رفض المقترح، وأتذكر أنه تمت مشادة كلامية بيني وجورج صبرا الذي قال لي: وغداً، يطلب الأرمن حصتهم، أو كوتاهم، وكان لي ردي الصاعق عليه والذي أثر على علاقتنا، ضمن المجلس الوطني السوري الذي كنت في أمانته العامة في الوقت نفسه. وانهالت علي الردود: ليكن غداً رئيس الرابطة كردياً، وليكن كل المكتب التنفيذي كرداً إلخ!

وكشهادة، أكررها، فإن المكتب التنفيذي لرابطة الكتاب لم يبال البتة بالهوية الخاصة – ولتكن هنا الاثنية – للكاتب، وحدث أن كان عددنا ككرد الأكثر تقريباً في المكتب التنفيذي، من دون أي اعتراض، وإن كانت هناك إجراءات ستتخذ على أساس الموقف هنا أو هناك، وكان لي رأيي المدون الحاسم، فرداً، أو مع آخرين، من دون أية مساومة!

هذه المقدمة الطويلة، أوردتها – هنا – وأنا بصدد تناول – رابطة الصحفيين السوريين – التي لم أنخرط فيها، إلا كعضو قدم مجموعة أسماء زملاء – من بين أسماء المئة المؤسسين – وحاولت قدر الإمكان أن أكون بعيداً، لاعتبارات عدة، أولها كثرة انشغالاتي، إلا أنني منذ أول انطلاقة لها كانت لي ملاحظاتي على إداراتها، ولن أحاول إثارة – ملفات قديمة – تم الحديث عنها، من قبل من كانوا ضمن هذه المؤسسة، باعتبارها بعكس رابطة الكتاب ممولة من منظمات وجهات دولية، بينما كانت الرابطة تعاني من شح المساعدة، ولعل هذه ميزتها التي جعلتها الأبعد عن التجاذبات – قدر الإمكان – بل قلة التنافس، باعتبار أن بقرة الرابطة تدرُّ: ورشاً، ولقاءات، وكانت في غالبها، محصورة على بعض المقربين من الهيئات الإدارية السابقة، لاسيما الأخيرات منها، قبل مرحلة التعطيل النهائي لهذه المؤسسة.

ما أريد التركيز عليه، في السنوات الأخيرة، وبعد الضم العشوائي للأعضاء إلى رابطة الصحفيين، في زمن سرطنة الإعلام، وانفلاشه، والثورة المعلوماتية، فإنني كثيراً ما آثرت عدم متابعة حتى عن صفحة الأعضاء – الفيسبوكية – لما استخدم فيها من عنف، لاسيما تجاه الآخر المختلف، بل تجاه المكونات الأخرى، وكان ذلك يخرج حتى إلى فضاء صفحات بعض هؤلاء، بدعوى الموقف من: حزب العمال، وهو ما يمكن فهمه إن وضعنا بعين الاعتبار الدور الذي لعبته تركيا في الهيمنة على الإعلام السوري، والاستعداء على الكرد.

على امتداد دورات متتالية في السنوات الأخيرة، وثمة أكثر من مرشح كردي من بين مجموعة من المرشحين، لا يتم التصويت لهم، إذ يمكن تناول الظاهرة على النحو التالي: في بدايات التأسيس لم ينظر إلى الأمر، وكان يتم قبول عضو أو عضوين كرد في هذه الهيئة أو تلك، إلا أنه وفي السنوات الأخيرة بات يتم حجب الأصوات عن الأعضاء الكرد، بالرغم من – التحالفات العامة التي تتم ضمن قوائم “الترشيحات” – وهذه ظاهرة جد خطيرة، لابد من معالجتها، وهو مالا يمكن أن يتم إلا عبر – الكوتا – أجل: الكوتا، لتكون للكرد حصتهم في المكتب التنفيذي، وفي المجلس، وأذكر أن زميلاً مقرباً قال لي وهو في الهيئة الإدارية بعد أن وقف ضد قرار لهم:

سأترك هؤلاء، لأنهم يقومون بكذا وكذا من الانتهاكات بالرغم من موقفي في مواجهتهم!

إذ ثمة (شلليات) مشرعنة، كانت تتم ضمن هذه الرابطة، ويمكنني – هنا – أن أشير إلى أمر مهم، وهو أنني قلت لأحدهم اتصل بي عشية إحدى الدورات الانتخابية:

لقد اتصلت بي في الدورة الماضية ووعدت بكذا وكذا، ولكنك أخلفت وعدك، وللمفارقة فقد فاز هذا الزميل وكان في إدارة الدورة التالية – أيضاً – ولم ينفذ ما وعد به – بيني وبينه في أقل تقدير- لتحسين أحوال الرابطة في دورتها الجديدة؟

لقد لاحظت تراخياً في الإقبال مثلاً، على ” ترشيحات” – لجنة الشفافية – المفرغة من دورها، والتي يئس بعض من عمل في الدورات الماضية ضمنها، بسبب عدم وجود صلاحيات لهم، بل وتهميشهم، بينما يتم الإقبال على الهيئات الأخرى، ذلك لأن العمل فيها يمنح العضو بعض المفاتيح المهمة في العلاقات، وإن كنت أريد أن أسأل:

إذا كانت هذه المؤسسة قد مُوِّلت على امتداد سنوات بمبالغ مالية – ولا أتهم أحداً – ولكن، يبدو أن أكثر الصرف قد تم على ورش ما، يمكن أن يعوَّض عنها عبر لقاءات “الأونلاين” من دون تكبد أية مبالغ، لاسيما وإنه لابد من تجاوز أمرين: حضور الهيئات الإدارية في كل الورش، من جهة، وتكرار مشاركات أسماء محددة، ومن هنا: ماذا قدمت الرابطة للأعضاء حتى الآن؟ هل كانت للرابطة جريدة ما؟ هل كان لها موقع إلكتروني يستكتب الزملاء لاسيما الذين هم في كامبات اللجوء أو ضمن الوطن بلا عمل؟ هل استطاعت الرابطة أن تشتري شقة/مكتباً، ثم هل عرفت كعضو مؤسس: كم وصل الرابطة عبر الدورات الماضية، منذ التأسيس وحتى الآن، وما أوجه النفقات، لأن ما يرد هذه المؤسسة إنما هو لأعضائها جميعاً، وليس لأفراد محددين، إذ أرى، أن من حقنا – كأعضاء – أن نعرف: من أين جاءت موارد الرابطة – وإن كانت دولية – ثم ماذا عن الأرقام وأوجه الصرف، لا أقولها – هنا – من باب محاسبة أحد، فأنا أثق بكل الزملاء، لكي يدرك كل من يستلم دفة إدارة هذه الهيئة أن مسؤولية كبرى بين يديه، وعليه أن يكون في منتهى الحرص.

لا أحب تناول الصدع الذي يهدد وحدة الرابطة، بسبب الخلافات العاصفة التي تتم مؤخراً، بين “بعض” الأعضاء، ويراد تعميقه وتعميمه، فهو أمر داخلي، أتمنى أن يتم تجاوزه، عبر لحمة الرابطة، وذلك بالعودة إلى تطبيق – شروط العضوية الحقيقية – إذ إن بعض الأعضاء الحاليين لا يجيد كتابة – بوست واحد – دون أخطاء، وكان هناك صحفي “لامع” أو “ملمَّع” لا يستطيع كتابة خبر إن كان مدققه اللغوي – بل صائغ كتاباته – في إجازة، وفي هذا ما يدل على بؤس واقع الحال الذي وصل إليه إعلامنا، على أيدي بعضهم.

عود على بدء:

مناسبة كتابة هذا المقال، هو أنَّ مرشحاً كردياً، من أصل سبعة مرشحين سوريين، لم يفز في الانتخابات، بالرغم من أن تجربته الإعلامية أقدم، بسنوات من أكثر هؤلاء – وإن لم أقل أعمق – ناهيك عن موقفه المعلن من شركاء بلده، حتى وإن كان يمارس النقد الساخر، بخصوص بعض الظواهر المرضية المتفشية، التي باتت تظهر. من هنا، فإنني أكرر، وأشدد، على مسألة جد مهمة ألا وهي لا ضمان لأي حضور كردي – ضمن مشاريع الشراكة ولو الثقافية والإعلامية – إلا بأن تكون للكرد – حصتهم – في أية مؤسسة سورية، لاسيما في ظل التحولات الخطيرة التي طرأت على الثورة، وما قامت به جهات نافذة على استعداء السوريين على بعضهم بعضاً، حتى ضمن إطار صف المعارضة ذاتها، وللأسف، فإن كثيرين من العاملين في حقل الثقافة والإعلام بلعوا الطعم، ومنهم من كان المنظر على نطاق الاستعداء على الشريك الكردي. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني