fbpx

بضع كلمات لو أُضيفت أو عُدِّلت لكان الإعلان الدستوري أكثر شمولاً وتمثيلاً للسوريين

0 149

يُعد الإعلان الدستوري وثيقة تأسيسية تمثل خطوة أساسية في صياغة مستقبل سوريا السياسي والاجتماعي، وهو بمثابة إطار قانوني مؤقت يُحدد المبادئ العامة التي تحكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية. وبالنظر إلى محتوى هذا الإعلان، يتضح أنه يتضمن العديد من المواد التي تكرس مبادئ المساواة، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، وحقوق المرأة، مما يجعله خطوة مهمة نحو بناء دولة القانون والمؤسسات.

ومع ذلك، وكأي وثيقة دستورية، يبقى هناك مجال للتحسين لضمان استيعاب جميع أطياف المجتمع السوري وتمثيل هواجسهم وتطلعاتهم بشكل أكثر وضوحاً. فهناك بعض التعديلات أو الإضافات التي، لو أُدخلت، كان يمكن أن تجعل الإعلان أكثر شمولاً وتعزيزاً للثقة بين مكونات المجتمع السوري.

1- تعزيز الضمانات الدستورية للحريات والحقوق

يتضمن الإعلان الدستوري مواداً واضحة تنص على صون حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المادة 12)، وحماية حرية التعبير والإعلام والنشر (المادة 13). كما ينص على ضمان الحريات السياسية وحق المشاركة في الحياة العامة (المادة 14). ومع ذلك، فإن بعض العبارات الإضافية التي تؤكد الالتزام الصارم بهذه المبادئ دون استثناءات فضفاضة كان من شأنها أن تُحصّن هذه الحقوق بشكل أقوى.

على سبيل المثال، يُمكن أن يُضاف نص يؤكد على أن “لا يجوز تقييد أي من الحقوق والحريات الأساسية إلا بقانون، وبما لا يتعارض مع المبادئ الديمقراطية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، وذلك لضمان عدم إساءة استخدام السلطة التشريعية أو التنفيذية في تقييد الحريات العامة تحت أي ذريعة.

2- توضيح مفهوم المساواة وعدم التمييز

تنص المادة 10 بوضوح على المساواة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو النسب، وهو أمر أساسي في أي دستور عصري. لكن كان من الممكن أن يُعزَّز هذا المبدأ بإضافة نص يُلزم الدولة باتخاذ إجراءات فعالة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع، بما في ذلك تمثيل جميع المكونات في المؤسسات العامة، وتعزيز سياسات العدالة الانتقالية.

3- تأكيد مبدأ الفصل بين السلطات ومساءلة السلطة التنفيذية

يُعد التوازن بين السلطات وضمان استقلاليتها أحد الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي. ومن النقاط التي يمكن أن تعزز فاعلية النظام السياسي في سوريا هو دور المجلس التشريعي في المساءلة السياسية. ففي الإعلان الدستوري، لم يتم التأكيد بشكل كافٍ على صلاحيات المجلس التشريعي في مساءلة الرئيس والوزراء عن أفعالهم. في الأنظمة الديمقراطية، تُعتبر المساءلة ركيزة أساسية لضمان نزاهة السلطة التنفيذية وحمايتها من الانحرافات أو التجاوزات. كما أن تأكيد الحق في المحاسبة السياسية من قبل المجلس التشريعي يعكس التزاماً حقيقياً بمبادئ الحكم الرشيد.

وبناءً على ذلك، كان من الممكن إضافة نص مثل: “يحق للمجلس التشريعي مساءلة رئيس الجمهورية والوزراء على تصرفاتهم وتطبيق الإجراءات القانونية المناسبة في حال خرقهم للدستور أو القوانين المعمول بها.” إضافة هذا النص كانت ستزيد من المصداقية وتمنح الشعب السوري ضمانات أكبر بخصوص الرقابة على السلطة التنفيذية.

4- تعزيز حقوق المرأة بمزيد من الضمانات العملية

أقر الإعلان الدستوري في المادة 21 بحقوق المرأة في التعليم والعمل وحمايتها من العنف، لكن إضافة نصوص أكثر تفصيلاً حول التزامات الدولة في تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً كان سيعزز هذه الحقوق. على سبيل المثال، كان يمكن إدراج مادة تنص على “العمل على تحقيق التوازن بين الجنسين في المناصب القيادية”، أو “اتخاذ التدابير الكفيلة بمنع التمييز ضد المرأة في المجالات كافة”.

5- توضيح آليات تنفيذ المبادئ الدستورية

على الرغم من أن الإعلان يتضمن مبادئ هامة، إلا أنه لا يتناول بشكل كافٍ الآليات التي سيتم من خلالها تنفيذ هذه المبادئ. فمثلاً، كيف سيتم ضمان استقلال القضاء؟ وكيف سيتم تطبيق مواد حقوق الإنسان فعلياً؟ إضافة نصوص تُلزم بوضع قوانين تفصيلية خلال فترة زمنية محددة كان من الممكن أن يعزز من مصداقية هذا الإعلان.

خاتمة

إن الإعلان الدستوري هو خطوة هامة نحو تأسيس دولة القانون في سوريا بعد سنوات من الفوضى والصراع. إلا أن إضافة أو تعديل بعض العبارات المتعلقة بالمساواة، والرقابة السياسية، والحقوق الأساسية، والحقوق الاجتماعية كانت ستساهم في تعزيز القبول الشعبي، وتخلق قاعدة أوسع من الثقة بين الشعب والدولة. إن التعديلات الطفيفة التي تم اقتراحها لا تمثل سوى تفاصيل، لكنها تفاصيل يمكن أن تُحدث فرقاً جوهرياً في المسار السياسي لسوريا المستقبلية، وتؤكد على التزام الدولة بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني