fbpx

ببساطة

0 600

صديقي أحمد.. يا سنديانة في وطن تعصف فيه الرياح العاتية من كل الجهات. ويا نجمة بين غيوم داكنة دون مطر.
صديقي.. يرى بعض الفلاسفة والباحثين أن الإنسان بطبعه شرير، وأناني، ويحب السيطرة وتأكيد الذات، وتتحكم بسلوكه غرائز حيوانية بدائية. يقتل ويحب القتل، ويقتل ويقتل؛ ولكنه ذو عقل، واجتماعي. بتطوره وتطور وعيه، وامتلك تجربة اجتماعية؛ جعلته يفكر بحل لكبح ما يصدر عنه من أفعال طبيعته الشريرة، فوجد الحل بما يسمى العقد الاجتماعي أو الحل العقلي الاجتماعي. عقلي لأنه صادر عن العقل الواعي/التفكير. واجتماعي لأنه نتيجة تجربة اجتماعية طويلة، ونتيجة إجماع الناس عليه في المجتمع، ولأنه أهم أهدافه، وغاياته تحقيق الأمن والسلام في المجتمع، وتوّج ذلك الحل بما يسمى العقد الاجتماعي. ثم طوّر العقد الاجتماعي ليكون بينه وبين حاكم، فيقوم بتكليف حاكم يضمن السلم الأهلي وأمن المجتمع، وعليه واجبات أهمها، تنفيذ مضمون العقد الاجتماعي بالعدل والمساواة دون أي تمييز بين أفراد الشعب في الحقوق والواجبات.
وأمام الحاكم واجبان اثنان مهمان، الأول، حماية المجتمع من الصراعات الداخلية، وضبط التناقضات في المصالح، وتحقيق العدالة، والضرب على أيادي المجرمين والعصابات والخارجين على القانون الذين يخلّون بمبادئ العقد. والواجب الثاني خارجي، يتعلق بمهمة الحاكم، وواجبه، وهو منع أي اعتداء على المجتمع، وعلى الشعب، وعلى الدولة كي يضمن لهم تحقيق الذات، والكرامة، والحرية. وإذا أخلّ الحاكم بأحد هذين الواجبين يُعتبر حاكماً غيرَ شرعيّ، والعقد ملغى.
صديقي أحمد: لا يسعني إلّا أن أقول: لله درك يا وطن، القدر يحكم على شعبك الطيب بدون رحمة.
يا أحمد أنا إنسان يسعى جاهداً ليكون مواطناً.
يا صديقي أحمد، أنت بالنسبة لي شعاعُ نور في ظلام دامس، وحلمٌ لإنسان يعيش في كهف مهجور، وأملٌ بالنجاة لغريق يلفظ أنفاسه الأخيرة.
صديقي أحمد، يرى جان جاك روسو أن الإنسان يُولد على الفطرة خيّراً، ولكنّ الحياة الاجتماعية تفسده. فالإنسان يتميز بعاطفة نبيلة تجعله يتألم لألم الآخرين. ويمتلك الضمير الذي يميّزه عن باقي الكائنات. فإذا فقد الإنسان ضميره فقد إنسانيته. فالإنسان حسب رأيه أي حسب رأي جان جاك روسو. بذرة طيبه وحر. “يولد الإنسان حراً ليجد نفسه مكبلاً بكل مكان”. تقيده مجموعة من العادات والتقاليد، والأيديولوجيات، والسياسة، والاقتصاد، وتناقض المصالح بين البشر، و… ولذلك يرى روسو للخروج من حالة التناقضات، والصراع والفساد، وحماية المجتمعات من التصدع والموت، والخروج من انتهاكات تتعلق بكرامة الإنسان وحريته، أن الحل هو ما يسمى العقد الاجتماعي. والعقد الاجتماعي عنده، هو إجماع الشعب – بالمحبة – على سن قوانين تنظّم حياة الناس، والشعب لا يخضع إلا لقوانين يسنها بنفسه لنفسه، وينتهي أيضاً – بالمحبة وبالإجماع – بانتخاب حاكم مهمته تنفيذ بنود العقد، وإذا أخل ببند من بنوده يصبح حاكماً غيرَ شرعي لا سلطة له على الشعب. والشعب لا يخضع لأمره.
والسلطة الحقيقية للشعب سلطة ديمقراطية تحقق للفرد ذاته كمواطن يعرف حقوقه وواجباته، وبذلك تتحقق كرامة الإنسان، وحريته ليعيش في أمان وسلام بتطبيق القوانين التي سنها لنفسه، والامتثال لها، فهو جزء من كل. والكل هو مجموعة الأجزاء وهنا تكمن مسؤولية الدولة.
نعم يا صديقي أحمد، على ضوء ما سبق.
أنا إنسان أسعى جاهداً لأكون مواطناً واعياً ومسؤول ويسعى لتطوير مجتمعه ودولته ويشعر بحريته ويعتز بكرامته إنساني النزعة والهوى، يرتبط وجوده بوجود الآخرين، لذلك أؤمن بحرية الحوار واحترام الآخر لأنني أؤمن بأن الاختلاف طبيعي فذاتي وشعوري بهويتي وتميزي مرتبطٌ بالآخر وشعوري بذاته وتميزه، إذاً أنا وأنت معاً لنبني حياة أفضل تليق بالإنسان متوجةٌ بالمحبة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني