بايدن وزيارته للشرق الأوسط
توجد اعتبارات عدة لزيارة بايدن للشرق الأوسط، كما أن لها جذور شائكة تعود لفترة توليه مهام نائب الرئيس في عهد أوباما واصطدامه مع نتنياهو حول موضوع المستوطنات المرفوض دولياً.
الآن أصبحت لزاماً عليه هذه الزيارة، نظراً للمأزق الذي يعيشه هو والديمقراطيين داخلياً، والانتخابات النصفية على الأبواب بعد أربعة أشهر، حيث كل المؤشرات تقول بأنهم سوف يخسرون مقاعد عدة، من هنا كانت الزيارة، لأن 75% من أموالهم هي من يهود أمريكا، أضف إلى ذلك، أن الديمقراطيين يعتمدون في قوة إدارتهم على التحالفات الاستراتيجية إقليمياً ودولياً وتستطيع ملاحظة ذلك في التحالف (الأسترالي/البريطاني/الياباني/الهندي) ضد الصين وكذلك الكوري الجنوبي ضد الشمالي.
هناك عدة محاور هي هدف الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط
أهمها محور المحافظة على الشريك الأقوى والأقدم والأغنى، وهو الشريك السعودي الذي تزيد شراكته في عمرها على ثمانية عقود، والذي لم يعد ذلك الحمل الوديع الذي تعتقده الإدارة الأمريكية، إنه الرقم الصعب الآن في المعادلة، ويحتاج للكثير من التفكير والتخطيط عندما تريد التعامل معه، إن تصريحات ولي العهد السعودي التي أعقبت تصريحات بايدن، الذي قال إنه سيتعامل معها كدولة منبوذة، أدت إلى انهيار كل تلك التصريحات الغبية التي أطلقتها الإدارة الأمريكية وأظهرت حنكة القيادة السعودية في تعاملها مع الموقف سياسياً، وبكل بساطة جعل الإدارة الأمريكية تحاول على مدى سنة كاملة رتق الفجوة وإصلاح ذلك الخطأ المدمر، خصوصاً بعد الزيارات غير المسبوقة التي قام بها ولي العهد السعودي لموسكو وبيجين، التي افقدت الأمريكان لذيذ نومهم، حيث أن فقدانهم للتحالف مع السعودية يعني خروجهم من الشرق الأوسط.
الأمر الثاني هو أيضاً استجداء السعودية لزيادة إنتاج النفط لتخفيض الأسعار في محطات الوقود وإعادة التوازن بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، والتسبب في نقص إمدادات الغاز لأوروبا، وهذا أمر ربما لن يتحقق بشكل كبير لارتباط السعودية بأوبك، وكما هو معلوم أن روسيا عضو بأوبك ستتشاور معها السعودية بهذا الشأن.
بايدن ربما يستعمل مواد فوق دستورية، لتخطي رفض مجلسي النواب والشيوخ لمذكرة بيل يوم قبل يومين، التي طالبت بتزويد السعودية بأسلحة فتاكة لمواجهة الحوثيين ويمرر الموافقة، هذا أمر تتبعه عادة إدارة البيت الأبيض فيما يخص التحالفات الاستراتيجية والأمن القومي.
المحور الثالث حضور القمة الخليجية +3 التي تضم الأردن والعراق ومصر لتعزيز التعاون ودعم عدم التوجه لتحالفات الشرق الأقصى، إضافة إلى محاولة تقريب موضوع التطبيع مع الدولة اليهودية التي أكد خلال لقاءه لبينيت بأنه يدعم وجودها وازدهارها وأمنها الذي يعتبر من أولويات الاهتمام الأمريكي.
سيحاول الحديث عن حل الدولتين وسيطالب بتخفيض حدة الحديث الصادر من السعودية حول هذا الأمر، حيث يعلم الجميع أن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا مساومة عليها لدى السعودية مطلقاً.
هناك محور ربما لن يطرح علناً وهو تشكيل قوة شرق أوسطية على غرار حلف الناتو، تضم دول المنطقة بما فيها الدولة العبرية لمواجهة أي تعديات، خصوصاً من إيران كما يدعون أنهم على عداء معها، بدل نقل قوات أمريكية أثبتت عدم نجاحها، بل تكبدت خسائر فادحة ابتداءً من الحرب الفيتنامية مروراً بأفغانستان وانتهاء بالعراق واسترضاء للرأي العام الداخلي.
يجب القول إن زيارة بايدن التي جاءت بعد سنة ونصف من توليه المنصب، وبعد سيل التصريحات المتناقضة التي أطلقها هو وإدارته التي حاول أن يكسب منها جماهيرياً آنذاك، أعطت مردوداً عكسياً بشكل قاتل وهاهو يستجدي من استعداه بالأمس.