انعدام وسائل التدفئة.. والغلاء يحرم مئات الأسر من الدفء في مدينة اللاذقية
تمضي مئات الأسر النازحة إضافة إلى سكان اللاذقية الأصليين الشتاء هذا العام دون أي مصدر للتدفئة معتمدين على الأغطية لتأمين القليل من الدفء لهم ولأطفالهم في ظل انعدام وسائل التدفئة، نظراً لارتفاع أسعار مواد التدفئة الذي تضاعف ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي. إذ استغنت النسبة الأكبر عن المدافئ الكهربائية بسبب وضع التقنين وعن مدافئ الحطب بسبب ارتفاع أسعاره والمازوت لعدم توفره وغلائه التي كانت أساس التدفئة لسكان المدينة خلال السنوات الفائتة.
أسعار المدافئ:
يعتبر تأمين المدفأة المرحلة الأولى لتأمين التدفئة في الشتاء. فبحسب “ع ش” سيدة نازحة من مناطق ريف اللاذقية تقيم في حي الرمل الجنوبي، فإن أسعار المدافئ من الأنواع متوسطة الجودة جنونية وخيالية، تتراوح بين مئة ألف وخمسمئة ألف ليرة سورية.
هذا بالنسبة للمدافئ التي تعمل بالحطب والمازوت، أما المدافئ التي تعمل بالغاز والكهرباء، خاصة صغيرة الحجم فأسعارها بحدود خمسين ألف ليرة سورية، لكن وجودها مثل عدمه في ظل عدم توفر الغاز وانقطاع الكهرباء، ومن الصعب على أي أسرة تأمين مدفأة جديدة، هناك من يملك مدفأة قديمة أو يستطيع شراء مدفأة مستعملة، وهذه الأخيرة سعرها مرتفع يتراوح بين خمسين ومئة ألف ليرة سورية حسب جودتها، فتأمين الدفء مكلف جداً، ويرتبط بعدة عوامل منها موقع المنزل ودرجة قساوة فصل الشتاء.
أسعار مواد التدفئة:
تختلف أسعار مواد التدفئة من منطقة لأخرى وبحسب عدد الأشخاص العائلة، بشكل وسطي تحتاج الأسرة إلى 600 لتر من المازوت لتخطي فصل الشتاء في حال الاعتماد على مدفأة تعمل بالمازوت، أما بالنسبة الحطب تحتاج العائلة وسطياً إلى ثلاثة أطنان منه.
“ع ح” أحد سكان حي قنينص في المدينة يتحدث لنينار برس عن أسعار المازوت هذا العام وعن أسباب العجز عن شرائه، موضحاً أن السبب الأساسي في عدم شرائه هو الغلاء الشديد في سعره فقد تراوح سعر الليتر الواحد في السوق السوداء بين 1000 و1200 ليرة سورية وفي حال استهلكت العائلة 500 ليتر خلال فصل الشتاء، تحتاج لمبلغ خمسمئة ألف ليرة سورية وهو مبلغ كبير جداً مقارنة بالدخل الشهري الذي لا يتجاوز 60000 ليرة سورية شهرياً في أفضل الحالات، إضافة إلى صعوبة في الحصول على المازوت حتى لو توفر ثمنه لدى بعض الأسر، بسبب قلة مخصصات المدن من المحروقات والقيود الكبيرة على البيع وتحديد الكميات في التعبئة حتى للسيارات.
أما بالحديث عن الحطب فسعر الطن الواحد يبدأ من مئة ألف ليرة سورية بحسب نوع الشجر ويصل إلى مئة وخمسين ألف ليرة سورية، وفي حال استهلكت الأسرة ثلاثة أطنان خلال فصل الشتاء فإنها تحتاج إلى أربعمئة وخمسين ألف ليرة سورية.
أضاف: هناك حلول بديلة كحرق الكرتون والألبسة لمن يملك مدفأة رغم ما يترتب على الموضوع من آثار صحية سيئة وأضرار على الأطفال، لكن تنعدم الحيلة والوسائل فالتقنين الكهربائي دائم عدا الأعطال في فصل الشتاء، التي تستمر عدة أيام، بالإضافة إلى صعوبة تسديد فاتورة الكهرباء في حال تم تشغيل مدافئ الكهرباء، أما الغاز فيعجز الناس عن تأمينه للطبخ وسعره عال جداً لذلك يجد الأهالي أنفسهم أمام أوضاع صعبة ما يدفعهم للاستغناء عن موضوع التدفئة.
مساعدات غائبة:
يقوم الأهالي في اللاذقية مع بداية كل شتاء بطلب المساعدات من قبل الجهات الرسمية وتوجيه نداءات بطرق مختلفة منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أمل أن يحصلوا عليها من أجل تأمين التدفئة سواء كانت مادية أو عبر توزيع المحروقات أو تقديم قروض لشراء المدافئ ومواد التدفئة وتتم المناشدة تحديداً باسم أسر الجرحى وقتلى النظام والأسر النازحة لكن جميعها تبقى دون أي رد، ليبقى جهد كل عائلة في تحصيل بعض الدفء لأطفالها من خلال ابتكار وسائل تدفئة لا تخطر على بال أحد.
في بعض الأحيان عبر قطع أشجار الشوارع والحدائق العامة أو حرق البلاستيك أو استعمال الملابس القديمة وجمع الكرتون من الشوارع وغيرها، ويقوم بعضهم باستخدام المدفأة لمدة شهرين فقط في كانون الأول والثاني والاستغناء عنها لبقية فصل الشتاء أو تشغيلها لفترات متقطعة، فضلاً عن موضوع تحصين المنازل ومحاولة إبقائها دافئة ليتم الاستغناء عن المدفأة بشكل نهائي.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”