fbpx

انتشار فوضى السلاح والفلتان الأمني في إدلب

0 268

تشهد محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة السورية حالة انفلات أمني، في ظل انتشار عمليات الخطف والقتل والسرقات من قبل مسلحين مجهولين، فيما تقف الفصائل المسيطرة على المحافظة عاجزة عن ضبط عمليات الاغتيال، وعبوات الموت التي تحصد أرواح الأبرياء، تزامناً مع غياب السلطة القوية الفاعلة والأجهزة الأمنية المتخصصة في كشف المجرمين وملاحقتهم ومحاسبتهم، وانتشار السلاح واستغلال الوضع الحالي لتصفية الحسابات القديمة بين العوائل والأشخاص المنتسبين للفصائل.

حالة التخبط وانعدام الأمن أدت إلى ارتفاع وتيرة السرقة في محافظة إدلب، والتي تتركز في غالب الأحيان على الأشياء الثمينة، كمحلات المجوهرات والصرافة، والسيارات، والدراجات النارية، والمعدات الكهربائية، وهو ما يشكل قلقاً للسكان والنازحين على حد سواء، لا سيما في ظل الأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها غالب المدنيين.

أبو عمر من مدينة إدلب فقد مصدر رزقه الوحيد نتيجة سرقة سيارته من أمام باب منزله نهاية شهر أيار/مايو الفائت، دون أن يتمكن من معرفة السارقين، وعن ذلك يقول لـ نينار برس بحزن: “بعد عودتي من عملي كبائع متجول للخضار في مدينة إدلب ركنت سيارتي أمام باب منزلي، وعندما استيقظت صباحاً، تفاجأت بأنها قد سرقت، دون أن أتمكن من ملاحقة سارقيها جراء إهمال السلطات وعدم تعاون الجهات الأمنية في المدينة، حيث تقدمت بشكوى لمركز الشرطة التابع لحكومة الإنقاذ، وأخبروني أنهم قاموا بتعميم مواصفات السيارة، لكن دون نتيجة حتى الآن”.

يتابع أبو عمر: “ازدادت حالات السرقة جراء الاستهتار الأمني من قبل هيئة تحرير الشام التي تفرض سيطرتها بشكل كبير على مدينة إدلب، حيث تكثر سرقة السيارات الحديثة والدراجات النارية فيها، ويتم التركيز على القصّات من السيارات (السيارات التي تستورد على شكل قطع ويتم تجميعها في المناطق المحررة)، إذ تتشابه أقفالها كثيراً ويسهل اختراقها، وغالباً ما تكون السرقات بعد منتصف الليل.”

وفي حادثة أخرى روى رائد العبود، أحد أهالي مدينة حارم الواقعة بريف إدلب، والذي كاد أن يتعرّض لحادثة سرقة، في شهر شباط/فبراير من العام الحالي، بحسب ما روى لـ نينار برس قائلاً: “حوالي الساعة السابعة مساء، وبينما كنت في منزلي مع أسرتي، خرجت فجأة لأجد شخصاً ملثماً يحاول سرقة دراجتي النارية، حاولت اللحاق به، لكنه لاذ بالفرار وركب في سيارة من نوع فان كان سائقها بانتظاره على بعد عدة أمتار.”

ولا تقتصر الجرائم على السرقة فحسب، وإنما يقوم ملثمون أيضاً بالخطف بغرض طلب الفدية، وقتل المخطوف في حال عدم دفع المبلغ المالي المطلوب، إذ تكررت تلك الحوادث وازدادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة حتى وصلت للخطف من المنزل.

فقد قام ملثمون بخطف الشاب النازح جابر الصالح من بيته الكائن في مدينة سرمدا، حيث اعتقد الأهل في البداية أن الخاطفين يتبعون لتنظيم هيئة تحرير الشام الذي غالباً ما يعتقل المدنيين بتلك الطريقة، لكن ذوي الشاب علموا بعد أيام بأنهم مخطئون حين بدأ الخاطفون بالتفاوض مع الأهل، حيث طلبوا فدية قدرها 50 ألف دولار، وبعد تفاوض الأهل مع العصابة قاموا بدفع مبلغ 20 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه.

بينما استطاع الشاب جابر النجاة ما زال مصير عشرات المخطوفين مجهولاً حتى الآن؛ حيث تنتشر الأخبار بين الحين والآخر عن حالة خطف في إحدى مناطق إدلب، ومن ثم تشاع تفاصيل المفاوضات التي يطلب من خلالها الخاطفون أرقاماً خيالية تصل إلى 100 ألف دولار أمريكي أحياناً، ويمارسون على المخطوف التعذيب الجسدي والنفسي لابتزاز ذويه وإجبارهم على الاستجابة لطلباتهم.

من جهته الحقوقي والناشط عبد المعين أبو الخير من إدلب يتحدث لـ نينار برس عن أسباب الفوضى الأمنية بقوله: “تعدد الفصائل وتنافسها، فضلًا عن انتشار بؤر لخلايا أمنية سواء لتنظيم (داعش) أو للنظام في أرجاء المحافظة، ناهيك عن انتشار السلاح بشكل عشوائي دون مراقبة من فصائل المعارضة، كل ذلك أدى إلى تدهور الوضع الأمني بشكل عام في مدينة إدلب.”

ويؤكد أبو الخير أن الفلتان الأمني وانعدام الاستقرار الداخلي يتصدر الموقف في إدلب، بينما تنشغل فصائل المعارضة عن تحقيق الأمن بالاقتتال فيما بينها، حيث شهدت مناطق واقعة غرب إدلب اشتباكات عنيفة منذ أيام بين “تحرير الشام” وغرفة عمليات “فاثبتوا” التي تضم فصائل جهادية على رأسها تنظيم حراس الدين، وذلك على خلفية اعتقال الهيئة لأحد مؤسسي الغرفة، وتسببت الاشتباكات بقتل مدني في بلدة “مرتين” غرب إدلب وجرح آخرين، وقطع الطريق الرئيسي بين منطقة دركوش ومحافظة إدلب.

ويشير أبو الخير إلى ضرورة قيام الفصائل المسيطرة بواجباتها الأمنية في ضبط الأمن وحماية المدنيين، من خلال وضع كاميرات مراقبة في الأسواق والشوارع العامة، وتشديد المراقبة على مداخل ومخارج المدن والبلدات من الملثمين والسيارات المجهولة وخاصة (المفيمة)، ومعرفة هوية أي شخص مشبوه والتحري حوله ومراقبة تحركاته، مؤكداً ضرورة تضافر جهود الأهالي والمجالس المحلية في كل منطقة لحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم، ووضع حد لعصابات القتل والسرقة التي تهدد حياة الأهالي.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني