fbpx

الوحدة الوطنية.. ضرورة لبناء دولة الحقوق والواجبات المتساوية

0 16

تُعد الوحدة الوطنية حجر الأساس لأي مجتمع يسعى إلى تحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة. فهي الركيزة التي تبنى عليها دولة الحقوق والواجبات، الدولة التي تساوي بين جميع مواطنيها دون تمييز أو إقصاء. وفي عالم يموج بالصراعات والتحديات، تصبح الوحدة الوطنية ضرورة لا غنى عنها لضمان التماسك الداخلي والسير نحو مستقبل أفضل.

فالوحدة الوطنية هي حالة من الانسجام والارتباط بين أبناء الوطن الواحد، رغم تعدد انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو المذهبية أو السياسية. وهي شعور جماعي بالانتماء إلى كيان واحد، تتجسد فيه قيم التضامن، والتسامح، والعمل المشترك من أجل تحقيق المصلحة العامة. تقوم الوحدة الوطنية على الاعتراف بالتنوع واحترامه، وعلى تأسيس قاعدة مشتركة من الحقوق والواجبات التي تضمن لكل فرد مكانته الكريمة في المجتمع.

حيث تكتمل الوحدة الوطنية عندما يشعر كل فرد أو جماعة داخل المجتمع بأن حقوقهم مصانة، وأنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني. لا تتحقق الوحدة الوطنية بالشعارات وحدها، بل تتجسد عبر سياسات عادلة، ومؤسسات قوية، وقوانين تضمن المساواة وعدم التمييز.

كما تكتمل الوحدة حين يغيب الإقصاء والتهميش، وحين تسود ثقافة الاعتراف بالآخر، ويتحقق العيش المشترك في ظل قيم المواطنة، بحيث تكون الهوية الوطنية هي الإطار الأوسع الذي يستوعب الجميع دون محو لخصوصياتهم أو مصادر تميزهم الثقافي والاجتماعي

إن الدستور هو العقد الاجتماعي الأعلى الذي يحدد شكل العلاقة بين المواطن والدولة. ومن هنا، فإن تضمين الدستور نصوصًا صريحة تضمن الحقوق والواجبات لجميع مكونات المجتمع، هو أمر أساسي لترسيخ الوحدة الوطنية.

حين ينص الدستور على مبدأ المواطنة المتساوية، وعلى حرية الدين والمعتقد، وعلى حماية الأقليات، وعلى تكافؤ الفرص، فإنه يؤسس لإطار قانوني يكفل لكل فرد الشعور بالأمان والانتماء، ويحول دون نشوء مشاعر التمييز أو الظلم أو التهميش.

وفي المجتمعات المتعددة ثقافيًا أو عرقيًا، يصبح الدستور الضامن الرئيسي لتوازن العلاقات المجتمعية، ولحماية التنوع باعتباره عنصر قوة لا مصدر خلاف.

لا يمكن أن يتحقق السلم الاجتماعي أو التنمية المستدامة إذا استمرت مظاهر الغبن والتمييز بين فئات المجتمع. إن الحقوق المتساوية ترفع الظلم عن الفئات المهمشة، وتعزز الشعور بالعدالة لدى الجميع.

وحين يشعر المواطن، أيًا كانت خلفيته أو انتماؤه، أن له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات كسائر أبناء وطنه، فإنه يكون أكثر استعدادًا للمشاركة في بناء الدولة والدفاع عنها. أما الإقصاء والتهميش فهما وصفة مؤكدة لإضعاف النسيج الوطني وزرع بذور الفتنة والانقسام.

من هنا، فإن ضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية بشكل متساوٍ، يسهم في تحقيق وحدة وطنية راسخة قادرة على مقاومة التحديات الداخلية والخارجية.

إن الوحدة الوطنية ليست خيارًا تكتيكيًا ولا هدفًا مرحليًا، بل هي مشروع مستمر يتطلب الإرادة السياسية والثقافية والاجتماعية لترسيخه. وهي تتطلب مساواة حقيقية أمام القانون، واحترامًا للتنوع، وإدارة عادلة للاختلافات.

إن بناء دولة الحقوق والواجبات المتساوية يبدأ من الاعتراف الكامل بالمواطنة الشاملة كأساس للانتماء، ويُترجم عبر نصوص دستورية واضحة وممارسات يومية عادلة.

ففي وحدة المجتمع تتجسد قوة الدولة، وفي الحقوق المتساوية يتحقق استقرارها الدائم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني