الموال حزين
ربما يبدو العنوان غريباً بعض الشيء ولكن العنوان في رأيي أصدق ما يكون للتعبير عن فن الموال.
نعم… الموال حزين واخترت هذا العنوان لمدلوله على ديمومة الحزن، فالموال نشأ من حزن وعاش حزيناً وسيظل حزيناً إلى ما شاء الله.
وهناك روايات متعددة عن نشأة الموال ورغم اختلافها إلا أنها جميعا أكدت على نشأته الحزينه، كذلك أضفت شيئاً من التأكيد – وليس الجزم – على أن نشأة الموال عراقية (بلاد الحزن الدائم).
الرواية الأولى تقول أنه ظهر بين طبقة العمال والعبيد الكادحين في مدينة واسط التي أنشاها الحجاج بن يوسف الثقفي، فكانوا يترنمون به أثناء العمل مرددين في نهاية كل شطر كلمة وامواليا وهي كلمة فارسية الأصل بمعنى سيدي.
والرواية الثانية تقول إنه ظهر بعد نكبة البرامكة على يد هارون الرشيد، وقد منع رثائهم، وكانت ليحي بن جعفر البرمكي جارية فأنشدت تقول:
يا دار أين مولوك الأرض أين الفرس وامواليا
أين الذين حموها بالقنا الترس وامواليا
قالت تراهم رمم تحت الأراضي الدرس وامواليا
سكوت بعد فصاحة ألسنتهم خرس وامواليا
أما الرأي الثالث فكان للعلماء والدارسين المحدثين فقد رأوا أن نشأة الموال ترجع إلى انقسام الشعر إلى فصحى وملحون (أي غير المعرب) وإن لفظة موال مشتقة من كلمة ولولة.
وإذا ما نظرنا إلى الروايات السابقة لرأينا أن جميعها تؤكد على حزن الموال فالأولى ظهرت عند المتعبين الكادحين من الناس في فترة الحجاج بن يوسف ذلك الرجل غليظ القلب.
والثانية ظهوره لرثاء عزيز قوم ذل، والثالثة قالوا إنه اشتقاق من الولولة وهي شدة الحزن.
وهكذا نجد أن الموال نشأ وترعرع في تربة الحزن الخصبة.
والآن لنتعرف على الموال
الموال نوع من الغناء الشعبي لا يلزم في تأليفه الإعراب والفصاحة بل تدخله الألفاظ الدارجة
وكان هذا في القدم، أما الآن ومنذ أكثر من قرن ونصف أصبح الموال غالباً في اللهجة الدارجة لبلد المنشأ. وقد بدأ الموال بشطرين متحدي القافية وكان يسمى الدوبيت ثم توالت ظهور أنواعه الأخرى وهي:
المربع وهو مكون من أربعة شطرات متحدة القافية
الأعرج وهو من خمسة شطرات الثلاثة الأولى في قافية واحدة والرابع مختلف والخامس مثل قافية الثلاثة الأول.
الموال النعماني أو المسبع ويتكون من سبعة شطرات الثلاثة الأولى متحدة القافية، والثالثة التي تليها متحدة القافية أيضاً ولكن مغايرة للأولى ثم يعود للقافية الأولى مع الشطر الأخير.
وكذلك تتعدد أغراض الموال وتصبغ ببعض الألوان فمثلاً نقول موال أحمر فنعني التحدث عن الأمجاد، والأخضر يعني التحدث عن الحب ولوعته، كذلك نجد الموال الحكمي وهو الأوسع انتشاراً على الاطلاق.
فنرى الشاعر الشعبي يقول:
ولا حد خالي من الهم
حتى قلوع المراكب
أوعى تقول للندل يا عم
لو كان على السرج راكب
والموال في العادة يغنى كاستهلال للأغاني، ويعتمد الموال على الارتجال الآني أو اللحظي للحن لذلك يجب أن يتمتع مغني الموال بصوت قوي وجميل وقدرة فائقة على التجول بين المقامات العربية المتنوعة.
وللموال أسماء مختلفة في الدول العربية فهو عتابا في لبنان، أما في الكويت والبحرين يسمى موال الصوت، في الأردن يسمى التهليلة، في السعودية يسمى المجس، في المغرب العربي يسمى العروبي، وفي موريتانيا يسمى اتهيدين.
وهكذا نكون قد تعرفنا على نشأة وتاريخ الموال، وكذلك أنواعه وأغراضه الشعرية، وسنوالي في المقالات القادمة التحدث عن الموال في مختلف العالم العربي فمن الصعب رصده في مقال واحد، ربما أمكننا أن نتعرف كيف يكون الحزن في بلادنا العربية من خلال الموال.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”