المصالحة الوطنية في المنظور السوري
يبدو أن القرار الأممي 2254 الصادر عام 2015 والقاضي بتحقيق بنود عدّت منصفة للشعب السوري، لم يلق تطبيقاً حقيقياً على الأرض وكل ما دون ذلك مجرد كلام.
مجرد الحديث عن المصالحة الوطنية السورية يشق الصف بين الراغب والرافض ولكل منهم علة وسبب تنطلق من هيكلية موضوعية تعود لطريقة فهمهم وممارستهم للقضية السورية وما مرت به، فما الذي سيحدث لو استبعدنا المعارضة الحالية برموزها المعروفة و كذا نظام الأسد و أجرينا حواراً حول مصالحة وطنية سورية؟ وما هي أسسها وثوابتها؟ الإجابة على الطرح موجودة خارج الصندوق.
اتفاقية سورية/سورية لا أوسلو ثانية
ماجد حمدون
رئيس الكتلة الوطنية الجامعة
مؤتمر وطني مقدمة لمؤتمر دولي هكذا يقرأ ماجد حمدون رئيس الكتلة الوطنية الجامعة فكرة المصالحة الوطنية السورية على أن تضم جميع مكونات المجتمع السوري ومرجعياته الفكرية وقواه السياسية الشريفة قائم على قاعدة تحرير سورية من المحتلين الروسي والإيراني وأداته العميلة في دمشق، ليكون وفق تصوره بمثابة مقدمة للمشاركة في مؤتمر دولي قوامه الالتزام بوثيقة جنيڤ للعام 2012 من قِبل الدول الموقعة عليها والمستندة أساساً إلى تشكيل هيئة حاكمة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة تتولى مهمة تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة حسب تسلسل إصدارها التاريخي وتعاقب فقراتها دون أي انتقائية من قِبل أي جهة كانت.
بينما يرى حمدون أن القرار 2254 ليس كل الحل؛ وإنما هو جزء تنفيذي من الحل الشامل، وعليه فإن وثيقة جنيڤ تأتي أولاً وقبل تنفيذ القرار المذكور أو أي قرارات أخرى؛ وحيث هو مسار جنيڤ الحقيقي وليس وفق مسار الآستانيون والسوتشيون وهيئة التفاوض الأخيرة أو اللجنة الدستورية طبقاً لرغبات المحتل الروسي؛ وهم مَنْ يجب استبعادهم من أي مؤتمر وطني أو دولي برأيه، نتيجة فشلهم الذريع في إدارة ملف الثورة من جهة وكونهم خيار أجنبي خارجي لا خيار شعبي داخلي من جهة أخرى.
رئيس الكتلة الوطنية الجامعة يؤكد وفق عدد من الشروط اللازم تحقيقها وعلى رأسها قرارات جنيف والقرارات الدولية الأخرى إضافة إلى جدولة خروج القوات العسكرية الأجنبية كافة من أرض سورية وسمائها ومياهها الإقليمية بضمان هيئة الأمم المتحدة، رحيل رأس السلطة؛ إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية؛ حل الميليشيات العسكرية؛ محاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب؛ إطلاق سراح المعتقلين؛ الكشف عن مصير المفقودين؛ عودة النازحين واللاجئين؛ البدء بإعادة الإعمار؛ تفكيك الأجهزة الأمنية القمعية؛ وإطلاق الحريات كافةً، حزمة الاجراءات هذه يجب أن تُفعّل دفعة واحدة لوضع البلد على السكة الصحيحة وحتى لا نقع بما وقع به الفلسطينيون في اتفاقية أوسلو مع الاسرائيليين عام 1993 حيث تم تأجيل القضايا الأساسية وعلى رأسها القدس وعودة اللاجئين والمياه والتي حالت إسرائيل دون تنفيذها حتى الآن.
الحرب بين نظام مجرم وشعب
أنور البني
محامي سوري
لا شيء اسمه مصالحة وطنية في سوريا أول ما قاله المحامي أنور البني معللاً السبب أننا لسنا بحاجة لها
فلا يوجد حرب بين مكونات الشعب السوري أو كراهية حتى تتم مصالحة، وأردف قائلاً: أرفض إجراء مصالحة مع مجرمين أو مصالحة بين أطراف جَميعها ارتكب جرائم.
المحامي أكد أن الذي في سوريا جهة مجرمة دائماً وهي الأسد ونظامه وداعميه وجهة ضحية دائماً وهي الشعب ولا يمكن إجراء مصالحة بين المجرم والضحية لأن ذلك لن يبني بلداً ديمقراطياً ولا أي شكل آخر من أشكال الدولة والحكم.
بينما يؤمن البني أن العدالة الانتقالية هي حجر الأساس ببناء سوريا، فعندما يحاكم المجرمون من وجهة نظره، لا يوجد مبرر لأي مصالحة فالشعب متصالح مع بعضه لأن الجميع ضحايا.
أما شكل الدولة بالنسبة للبني في النهاية سيكون دولة ديمقراطية مدنية، الوصول لها يمر عبر مسارات ربما قصيرة وربما طويلة، هذا يعتمد بقوله ليس على رغبة الشعب السوري وإنما على إرادات الدول التي ستقرر بداية الحل.
يمكن في فترة ما أن تتسع قاعدة المشاركة
عقاب يحيى
نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض
نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض عقاب يحيى قال: إن محاولات سورية كثيرة جرت خلال الأعوام المنصرمة لعمل شيء مختلف عن الهيئات القائمة، كالدعوة لمؤتمر وطني (متعدد الأشكال والجهات الداعية له) وتشكيل لجان تحضيرية هنا وهناك، إضافة لمحاولات روسيا في بداية لقاءات أستانة باعتماد ممثلي الفصائل كبديل للقوى والهيئات السياسية، يرى أن جميعها فشلت لأسباب متداخلة، ويعتقد يحيى أن أي شكل جديد لا يمكن له النجاح بعيداً عن مواقف الهيئة الأممية والجهات الدولية.
أضاف يحيى أن القرار 2254 حدد شكل الحل السياسي مستنداً في البداية إلى بيان جنيف 1 / 2012/ رغم حدوث انزياحات كبيرة عنه، خاصة ما يتعلق بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية (برضا الطرفين)، ومراحل أخرى، ثم حدثت انتقالات فيما يعرف باقتراحات الوسيط الدولي: ديمستورا حول السلال الأربعة.
لا يستنكر يحيى قيام مصالحة وطنية سورية مشترطاً إبعاد من تلوثت أيديهم بالدماء عن المشاركة، وفي مقدمتهم رأس النظام وكبار المسؤولين، والذين هم برأيه مجموعة ليست كبيرة ويمكن الاتفاق عليها، وجوهر أية مصالحة قادمة هو تطبيق العدالة الانتقالية، وهناك دراسات جاهزة تتناول طبيعة العدالة الانتقالية وماهياتها وبنودها، وإن جرائم الإبادة، لا تموت بالتقادم، وهي ركن رئيس لأية تسوية سياسية، بينما على أرض الواقع رغم كثرة الحكايا حسب تعبيره عن تحضيرات، ونشر قوائم.. لكن الخط العام الذي تعمل به القوى الدولية، والأمم المتحدة هو اعتماد ثلاثة أطراف: هيئة المفاوضات، النظام، هيئات المجتمع المدني.. ويمكن في فترة ما أن تتسع قاعدة المشاركة.
كل ذلك يراه نائب رئيس الائتلاف مقدمة الدولة المدنية الديمقراطية، الدولة التعددية التي يتساوى فيها الجميع على أساس المواطنة، هي بيت القصيد، وهي الهدف الرئيس لأغلبية الشعب السوري.
السوريون لا يحتاجون إلى مؤتمر للمصالحة
سميرة مسالمة
صحفية سورية
الصحفية سميرة مسالمة ترى أن المصالحات المجتمعية لا تحتاج إلى مؤتمرات بل تراها بحاجة إلى قوة القانون لتنفيذ العدالة الانتقالية التي تمنح كل السوريين الإحساس بالأمان وتمهد لمناخ عيش مشترك آمن.
المسالمة أكدت أن الحل متضمن في القرار 2254 من خلال مرجعيته إلى بيان جنيف1 وتنفيذ قرارات بناء الثقة، التي تحتاج إلى إرادة دولية مفقودة حالياً وإلى أن تتوفر تلك الإرادة ويبدأ العمل الجاد لتنفيذ القرار الدولي على السوريين جميعهم أن يدركوا أنهم مجرد أدوات محلية يشكلون السلاح والضحايا بآن معاً وهذا ينطبق على الجميع مهما كانت الجهة التي ينتمون إليها أو يعملون لصالحها.
وأضافت المسالمة أن الانتقال السياسي بما يعنيه إنهاء حالة التسلط والاستعانة بالسلاح لحكم المواطنين هو خطوة باتجاه الحل السياسي، والذي قد يمر برأيها بمرحلة الحكم العسكري المشترك بين مجموعات الأمر الواقع لكنه إذا لم يؤد إلى انتقال السلطة إلى هيئة منتخبة خلال فترة محددة زمنياً غير قابلة للتمديد فإنه سيكون مجرد واجهة جديدة لنظام يقوم جوهره على تقاسم السلطة بين أدوات محلية تحركها جهات دولية.
مسالمة تجد أن السوريين لا يحتاجون إلى مؤتمر مصالحة بل إلى نبذ المجتمع الدولي لسلطات القمع والقهر التي تحكمهم من أي جهة كانت سواء النظام أم “المعارضة” وبالتالي السماح لدولة القانون والمواطنة والمؤسسات أن تقوم.
دولة الديمقراطية والقانون تحتاج عملاً لسنين طويلة
عصام خوري
باحث
نفى الباحث عصام خوري أن يكون الائتلاف المعارض وهيئة التفاوض الممثلين الوحيدين الرسميين في المعادلة السياسية السورية والسبب يعود برأيه إلى أنهم قبلوا الدخول في اتفاق الأستانة والذي لم يكونوا فيه الممثل الوحيد للشعب السوري وإنما شاركتهم أطراف أخرى، وهذا أسقط عنهم بحسب وصفه سمة الشرعية الأحادية للمعارضة، ما يجعل الأمر بتصوره متروك على عاتق شخصيات لها ثقلها الوطني ومكانتها الثقافية والأكاديمية، لتكون ممثلاً شرعياً حقيقياً عن الشعب السوري سواء مع سلطة النظام أو مع أطراف المعارضة الأخرى.
ولم يستثن خوري الائتلاف أو هيئة التفاوض من دورهما كما قال في الصراع المسلح حتى لو لم يحملوا السلاح ويقاتلوا، لكنهم أيدو فصيلاً ما أو تياراً أو جهة مقاتلة ما سواء الجيش الحر أو كتائب أخرى وبرروا له عمله وعلى رأس المحاسبين رأس النظام بشار الأسد الذي أدخل ميلشيات طائفية شيعية وأخرى مصنفة إرهابية على القوائم الدولية مثل حزب الله.
خوري طالب بالعدالة الانتقالية لكل السوريين على الأطراف كافة ومحاسبة الجميع بدءاً من جيش النظام وصولا للكتائب المقاتلة والمليشيات الإرهابية، وكل شخص تلطخت يديه بالدماء، أما دولة الديمقراطية والقانون و دولة المواطنة يرى أنها بحاجة لسنين طويلة وليست عهداً يكتب على ورق، إنه أمر يحتاج لتهدئة نفوس وحوارات مطولة ومصالحات بين مختلف الأطراف التي تم جرها للحرب الأهلية بشكل أو بآخر وهو أمر ليس سهلاً، لذلك أشار خوري إلى أن العدالة الانتقالية يجب تحقيقها من خلال مشروع جامع مخطط له بشكل سليم في المرحلة التي تلي الإطاحة ببشار الأسد.
لا ضمانة لأحد من مجرمي الحرب
هند بوظو
صحفية السورية
تستند الصحفية السورية هند بوظو إلى مبدأ أن المصالحة الوطنية لن تتحقق بدون محاسبة شاملة لكل من ساهم بقتل وتشريد واعتقال السوريين، وترى أن الأمر ينطبق بالتساوي على كل من أجهزة الجيش والمخابرات واللجان الشعبية التابعة لنظام الأسد، والفصائل العسكرية من المعارضة بكل أجنداتها وانتماءاتها الدينية والعسكرية.
بينما ترجح بوظو عدم حدوث هذه المصالحة بوجود المسبب الأول للمقتلة السورية، والاحتلالات المتعددة التي استجلبها الأسد لحماية نفسه وحاشيته من القتلة والفاسدين مهما كانت انتماءاتهم ومن كل المكونات السورية بلا استثناء.
لكن تؤكد الصحفية السورية بوظو أن الشرط الأول لأي مبادرة يندرج تحت بندين هما لا ضمانة لأحد من مجرمي الحرب، والعدالة الانتقالية الكاملة.
وتضيف أيضاً، لا يمكن أن يتم السلم الأهلي والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بوجود نظام أمني يسيطر على كل مفاصل الدولة السورية، بمعنى حل الأجهزة الأمنية، وإعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية لا طائفية ولا مذهبية ولا قومية.
ويبقى برأيها كل سوري حر يحلم بدولة مدنية دولة مواطنة هو مصدر أي تشريع وغايته وهدفه أما خارج ذلك سنكون أمام حرب استنزاف طويلة الأجل، تبعاتها تدمير النسيج السوري، وتفتيت سوريا العظيمة.
في غياب قطب وطني قوي لن تنجح أية عملية سياسية
هيثم مناع
مؤسس تيار قمح
هيثم مناع مؤسس تيار قمح يرى أن المصالحة الوطنية مبدأ أساسي للخروج من حالات النزاع المسلح المستعصية ولها قواعدها وأسسها التي تقوم على مبادئ عامة واستشرافات وابتكارات تنسجم مع كل حالة خاصة في هذا البلد أو ذاك.
كما يعزي مناع وجود الهيئات الممثلة للمعارضة الحالية إلى تنصيب “أصدقاء الشعب السوري” لها واعتبارها ممثلاً وحيداً للثورة والشعب والمعارضة، الأمر الذي أسقطنا – حسب رأيه – في مبدأ الإبعاد والاستئصال لمن هو مرضي عنه ومن هو غير ثوري، لذا قلنا منذ نهاية 2012 بأن هذا الجسم قد حفر قبره بيديه.
وأشار مناع إلى أنه وبعد تسع سنوات وصل الناس والدول إلى نفس الاستنتاج.. الأمر الذي يعني أن مهمة الوطنيين السوريين تكمن في بناء جسم تمثيلي حقاً مستقل فعلاً لغياب من يمثل الأغلبية السورية الساحقة في أي خطوات تطبيقية لقرار مجلس الأمن 2254.
مؤسس تيار قمح قال : ليوم وفي ظل تفكك ما سمي بالوفد التفاوضي المنبثق عن مؤتمري الرياض، أظن أن من الضروري الدعوة لمؤتمر دولي من أجل سوريا كالذي التئم في فيينا فتحقيق توافق دولي على خارطة طريق لتنفيذ القرارات الأممية أمر أساسي وفي حال حدوثه تكون مهمة كل الوطنيين السوريين أن يكونوا على أهبة الاستعداد للمشاركة في خارطة الطريق هذه، لأن النظام يتحدث بصوت واحد، أما المعارضات فكل يغني على هواه أو هوى من يموله، ففي غياب قطب وطني قوي، لن تنجح أية عملية سياسية.
وختاماً أكد د. مناع أن قرار مجلس الأمن واضح في مدنية الدولة لا طائفيتها واضح في ضرورة بناء مؤسسات وطنية تحترم حقوق كل مواطن، واضح فيما يتعلق بوحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة، واضح في مسألة المحاسبة على الجرائم الجسيمة ولا يوجد إلا تفسير واحد له.
الواضح من خلال هذا التحقيق أن محور المطالب السورية جميعها لا خلاف عليه، إنما اختلاف المسميات وطبيعة فرزها وآلية الوصول لها والعمل بها، ما يجعل الاختلاف حسنة طبيعية ودليلاً على بداية نشوء فكر مجتمعي سوري جمعي وشامل ثابت على غاية أساسية وهي إسقاط نظام الأسد وبناء الدولة السورية الديمقراطية دولة المواطنة والتعددية.
صار بدها ثورة من جديد حتى نحاسب جميع المجرمين يلي شاركو بقتل السوريين و على رأسهم المجرم بشار أسد
صار بدها ثورة من جديد حتى نحاسب جميع المجرمين يلي شاركو بقتل السوريين و على رأسهم المجرم بشار أسد
عاشت سوريا حرة ابية