fbpx

المرأة السورية بين التمكين والتعطيل

0 2٬153

المرأة السورية بين التمكين والتعطيل:

إذا المرأة أرادت، كان لها ما أرادت. فإرادة المرأة قوة لا يستهان بها
دورك قوي إذا عرفتِ كيفَ تفعّلينه، إذا عرفتِ كيف تمارسينه، دورك قوي وفعّال جداً إذا عرفتِ كيف تلغين ما تعرضت له من برمجة سابقة، وفق نظرتهم إليك كضلعٍ قاصر.
فكيف تمكنين ذاتك؟ وكيف تصنعين التمكين ليكون جزءاً من شخصيتك وملكةً عندك؟
التمكين، التأهيل، التمثيل، كلها مصطلحات تعبّر عن مفاهيم، تمنح المرأة القوة، ومزيداً من القدرة على الابتكار والتعبير. والمزيد من الحقوق، للتأثير في قرارات المجتمع، (التأثير الفعّال والمفيد). ففي معاجم اللغة العربية نقول: مكّن، أي صار ذا منزلة ورِفعة وشأن.
أما في اللغة الانكليزية فإن (Empowerment) تقابل مصطلح مكّن في اللغة العربية. أي وسائل تعزيز دور العاملين في اتخاذ القرارات في مكان العمل، لزيادة كفاءتهم، ورفع قدراتهم وفعاليتهم.
فالتمكين، هو زيادة القدرة الروحية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات.
وتمكين المرأة (women empowerment) يشير كمصطلحٍ إلى تقوية النساء في المجتمعات المعاصرة، ويشير إلى مجالات التنمية الإنسانية والاقتصادية ضمن سياق اجتماعي/سياسي. إذاً، لغوياً، هو التقوية والتعزي، وإجرائياً، هو منح القوة والسلطة للأفراد أو المؤسسات.
وكان عالم النفس الأمريكي جوليان رابابورت، هو من طرح هذا المفهوم (التمكين) لاستخدامه في عالم العمل الاجتماعي، والطب النفسي الاجتماعي.
ولطالما ارتبط ظهور هذا المفهوم بالحركات الاجتماعية، التي تنادي بالحقوق المدنية والاجتماعية للمواطنين. فهل تمكين المرأة هو حبر على ورق؟ وهل تكتمل نتائج التمكين، إذا كان الأمر يتعلق بالنسق الاقتصادي أو بالنسق السياسي أو بالنسق الاجتماعي وحتى بالنسق القانوني، إلا إذا ترافق أحدهم مع الآخر، وتضافرت جميع الجهود ضمن استراتييجية وتوجهات مدروسة؟.
هذه الجهود يجب أن تلبي احتياجات ومتطلبات النساء والرجال في مجتمع متساوي الحقوق، وقائم على أسس العدالة الاجتماعية، وعلى تكافؤ الفرص.

التمكين الاجتماعي: 

هو الخطوة الأولى لوجود أنواع التمكين الأخرى، فإذا كانت المرأة مهمشة ومبعدة وفاقدة للحقوق الاجتماعية، فكل أنواع التمكين تصبح بلا جدوى.
إذاً، التمكين هو إعادة إنتاج وعي المجتمع بالمرأة، خارج مفاهيم تتعلق بذهنية مجتمعية، تنظر إليها كضلعٍ قاصر. وهو أيضاً، المرحلة التحضيرية والتمهيدية، لإثبات حضورها الإنساني أولاً، واعتبارها عنصراً فاعلاً، لها ما للرجل من حقوق وواجبات. فآليات تحقيق التمكين الاجتماعي تنفي أن تكون المرأة مجرد آلة للإنجاب، أو لإمتاع الرجل وتحسين ظروفه.
إن القضاء على العنف الأسري هو أهم خطوات التعافي النفسي والجسدي للمرأة، وهنا يتداخل التمكين الاجتماعي مع التمكين القانوني، بضرورة وضع قوانين صارمة، تجرّم الجاني، للحد من انتشار هذه الظواهر، التي تعبّر عن استعباد اجتماعي للمرأة، وتعرضها للعنف والإقصاء، وتحييدها اجتماعياً، وانتهاك خصوصيتها الجسدية أيضاً، كتعرضها للتحرش والاغتصاب، والعنف الزوجي، والاستغلال الجنسي.
وبالتالي، لن ننسى أو نتغاضى عن مقولة أن المرأة نصف المجتمع، ونصف طاقته، ونصف نهضته وتقدمه.
ويكون من الضروري تحريرها من التبعية المالية، ومساعدتها على الاستقلال الاقتصادي، لتكون أكثر قوة وقدرة على التطور. لهذا يمكننا القول، إنها بحاجة للتمكين الاقتصادي، ولكن ما هو التمكين الاقتصادي؟

التمكين الاقتصادي:

هو بناء قدرات النساء، لامتلاك مهارات العمل والتخطيط والإدارة والتفكير الإبداعي، لمشاركة فاعلة في المجتمع ومكافحة الفقر بين النساء، لتحصل على استقلالها الاقتصادي عن الرجل، وتكون قادرة على تأسيس مشاريع اقتصادية، فهذا يمنحها فرصة للنمو والتطور.
التمكين الاقتصادي، هو التوزيع النسبي للرجل والمرأة في الوظائف كافة، الإدارية، والتنظيمية، والمهنية، وتوزيع الأجور.
وهو قدرتها على النجاح وتطورها اقتصادياً، وقدرتها على صناعة القرارات الاقتصادية، وهذا حق إنساني أساسي.
فقد صدّقت جميع دول المنطقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ومع ذلك، تحفظ بعضهم على المادة المتعلقة بالمساواة في حقوق المرأة، في إبرام العقود وإدارة الممتلكات.
وعلى المادة المتعلقة بحق المرأة المتزوجة في حيازة الممتلكات وإدارتها، والتصرف فيها، على قدم المساواة مع الرجل. فلكم أن تتخيلوا انعكاس هذا الأمر، وتأثيره على وصول المرأة، وتمكينها اقتصادياً. فهل بدأت المرأة في المجتمع بالانتقال من مرحلة التمكين إلى التمّكن؟

التمكين السياسي:

هو مرحلة طبيعية، تأتي بعد مراحل التمكين الأولية، فإذا كانت المرأة تتمتع بالعيش في وسط اجتماعي إيجابي، وقانون يحميها، وبيئة جيدة، فإن حصولها على مواقع سياسية أمر سهل للغاية.
وتبعاً لما سبق، فإن المساواة هي تجسيدٌ حقيقيٌ لمفهوم المشاركة، والأساس للممارسة الديمقراطية الحقيقية، وتكريس لحقوق الإنسان.
فالتمكين السياسي، هو المشاركة السياسية والفعالة للمرأة في صنع القرار، وما تبقى من أمور سيكون تحصيل حاصل. فتستطيع المرأة المشاركة في تخطيط السياسات، وتوجيهها بشكل يخدم المساواة والإنصاف، ليس بين الجنسين فحسب، بل بين جميع المواطنين والمواطنات بشكل عام.
فمن حقها صناعة حاضرها والمشاركة في التخطيط لمستقبلها.
إن العمل في الشأن السياسي، هو أحد الحقوق التي اعتمدتها اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة في عام 1952، والتي نصت على منحهنّ حق التصويت والترشيح، والتعيين في البعثات والهيئات الرسمية والدبلوماسية.
مع ذلك، أصبح لزاماً علينا التأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات، والقضاء على كل أشكال التمييز، إلا أن الدعم المقدم للمرأة أقل من المطلوب، مما لا يمكنها أن تدعم نفسها، في اتخاذ قرارات ممكّنة. وكل ما تقدمه المرأة خارج تثبيت تمكينها الطبيعي، لن يحقق شيئاً على الإطلاق. لهذا يمكن القول، إن دور المرأة يجب أن تأخذه، وتقوم به، ودون ذلك فلن تُعطى إياه.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني