fbpx

الليرة والنفق المظلم

0 499

أثار طرح طباعة عملة ورقية نقدية من فئة 5000 ليرة، لغطاً في الشارع الموالي، فضلاً عن الوسط اﻷكاديمي المختص، لكنها بالمجمل تشي بحالة تفسخ اقتصادي قريب يزيد “الطين بلة” في اقتصادٍ مشلول.
تمهيد سيكولوجي:
ورغم نفي أحد مدراء القطاع المصرفي العام لموقع صحيفة “الوطن” الموالية، خبر طرح ورقة نقدية من فئة 5000 ليرة، واعتبره شائعة ليس لها أي أساس من الصحة؛ إﻻ أنّها ليست المرة الأولى التي يثار فيها الملف؛ ما يرجح أنها محاولة لجس النبض، اعتاد عليها النظام، ويمهد لها، وفق قاعدة معروفة في التمهيد الذي دل عليه كتاب “سيكولوجية الجماهير”.
الليرة والنفق المظلم:
وتتذرع حكومة اﻷسد، في تقديم هذا الطرح بأنه؛ بات حاجة ضرورية، حيث يخفف من نفقات الطباعة، والنقل للأوراق النقدية، إضافة إلى تحقيق سعة أكبر لدى الصرافات الآلية!!.
وشهدت الليرة السورية تراجعاً كبيراً أدخلها في “نفقٍ مظلم”، ﻻ سيما أمام الدوﻻر اﻷمريكي، وبلغت ذروتها بداية العام الجاري، مع توقعاتٍ بانهياراتٍ جديدة، وبطبيعة الحال ستنعكس على أوضاع الناس المعيشية.
ولم تنكر بعض اﻷصوات الموالية، والمختصة، اﻷثر السلبي لتلك العملية، والتي تأتي متزامنةً مع حالة التراجع الكبير الذي سجلته القوة الشرائية للمواطنين في الفترة الأخيرة.
وكان من المتوقع أن يبلغ حجم الأوراق المالية التي سيتم طرحها للتداول 500 مليون ليرة.
والملفت دائماً؛ إصرار النظام على التعاطي مع الوضع اﻻقتصادي، بعيداً عن اﻻحتكام لقواعد اقتصادية بديهية، وبدل إعادة عجلة اﻹنتاج، في حال صدقنا نظرية السيطرة التامة للأسد على مقدرات البلاد، نجده يراوغ باتجاه “طباعة فئة نقدية أقسى ما ستحققه تاريخياً، إبراز عائلة اﻷخير كاملة”.
وكما أسلفنا، فقد سبق أن تمت مقابلة الطرح بالرفض، في أيار/مايو 2018، إذ إنّ القانون الناظم لعمل مصرف سورية المركزي لا يسمح بإصدار هذه الفئة كما أن أعلى فئة سمح بها هي الـ 2000 ليرة التي وضعت مؤخراً في التداول.
لبننة الليرة السورية!
ومن المرجح في حال اتخاذ تلك الخطوة وطباعة الورقة النقدية، تسريع جديد لعملية اﻻنهيار في قيمة الليرة السورية، على غرار نظيرتها “اللبنانية”.
رغم ما قد نسمعه من تطمينات من طرف حكومة اﻷسد، على غرار ما حدث إبان طباعة ورقة نقدية من فئة 200 ليرة، وما تلاها من تغيير في شكل العملة، التي لم تحصد إﻻ إضافة صورة اﻷسدين اﻷب على الورقة من فئة ألف ليرة، واﻻبن على الورقة من فئة ألفي ليرة!!
وﻻ توجد أدنى المؤشرات على تحسن اﻻقتصاد، في دولةٍ رهنت قرارها السيادي والسياسي واﻻقتصادي للخارج، فضلاً عن توقف عملية اﻹنتاج، فالبديهي، أنّ زيادة حجم الورقة النقدية ولونها وعدد أصفارها لن يغير من حقيقة تعطل اﻹنتاج وبالتالي توقف التصدير.
وسبق أن كتب أحد الموالين على ذات الطرح بالقول: “الدولة بدها يصير فينا متل لبنان الواحد ينزل معه شنتاية مصاري كرمال يشتري شوية خضرة ومواد غذائية.. لوين رايح البلد؟”.
ناقوس الخطر:
ويعني طرح فئة نقدية ورقية بقيمة 5000 ليرة، أنّ ناقوس الخطر يدق، ودلالة على نزيف الاقتصاد السوري، مع كل مرةٍ يتم فيها الترويج لمثل تلك الطروحات.
وتدخل بذلك البلاد، في مرحلة تعيد إلى اﻷذهان “الحالة اللبنانية”، مروراً بالقول إنّ اﻻقتصاد السوري، بات أقرب من نظيره اللبناني، من جهة الهبوط المستمر لليرة، وصولاً إلى مرحلة تعويمها بصورةٍ كاملة.
الليرة في العناية:
بالمحصلة؛ اﻻقتصاد السوري، في مرحلة الدخول إلى “غرفة العناية المركزة”، إذا أخذنا بعين اﻻعتبار، الخسائر التي عانى منها النظام بسبب الحرب على معارضيه، وتحمله ﻻحقاً التكلفة لتمويل مقاتليه ومليشياته وآليات، فضلاً عن تحمله الديون الخارجية التي حصل عليه ودفع مقابلها ما يعرف بـ “السندات السيادية” لحليفيه الإيراني والروسي.
مثل الليرة: وغالب الظن أنّ مسألة طرح الورقة الجديدة ممكنة، وسيصدق بعدها المثل القائل؛ “صحتك مثل الليرة”، لكن هذه المرة على سبيل الضعف والانهيار، ﻻ على سبيل القوة والصلابة كما كان سائداً قبل اعتلاء اﻷسد اﻷب للسلطة، ووراثة ابنه لها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني