اللاذقية مدينة للمخدرات.. بفعل شبيحة النظام
بشكل يومي تكرر الصفحات الموالية للنظام المحلية في اللاذقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً الفيسبوك أخباراً حول إلقاء قوى الأمن أو فرع مكافحة المخدرات في المدينة القبض على مروجي وبائعي المواد المخدرة في اللاذقية ويتم الإعلان عن كميات كبيرة وأنواع مختلفة من المخدرات تكون بحوزتهم، هذا الأمر بات عادياً بالنسبة لسكان اللاذقية التي تعاني أساساً من فلتان أمني، وفساد جنائي، فمن يلقى القبض عليهم في قضايا الإتجار وغيرها يمكن أن يخرجوا من الحجز خلال ساعات، خصوصاً وأن جميع هذه المواد والتجارة تعود إلى الشبيحة والعصابات التي تحكم المدينة التي بيدها كل السلطات فلكل منهم قيادي في ميليشيا معينة يقوم بإنقاذه، بسلطته أو بماله، كما أن الكميات التي تصادر يمكن أيضاً فك حجزها وإعادة نشرها في السوق بمبالغ مالية ليست ضخمة جداً.
بسطات في الشوارع:
لا يصعب أبداً الحصول على المخدرات أو الحشيش لمن يرغب بالتعاطي في مدينة اللاذقية فهي تتوفر في مختلف المحلات التجارية التي يبدو في واجهتها أنها محترمة وتبيع مواداً غذائية أو ألبسة، إضافة إلى أنها تتوفر على البسطات الفقيرة التي تنتشر بكثافة في الشوارع، يكفي أن تسأل عنها حتى تعرف مكانها، فالأمر ليس بالصعب أو الخفي.
يبين “س.ح” أحد سكان حي الصليبة في المدينة لـ نينار برس، أن أسباباً كثيرة تساعد على رواج هذا الأمر منها وجود المرفأ الذي يسهل عمليات النقل والتجارة وهذا ما نسمع عنه في بعض دول العالم من ضبط كميات كبيرة من الحبوب المخدرة تكون قادمة من مرفأ اللاذقية، إضافة إلى أن من يحكتر هذه التجارة ويعمل بها منذ سنوات طويلة هم الشبيحة وعصابات الأسد وجميعهم يقيمون في اللاذقية ويتخذونها معقلاً لأعمالهم هذه، ورجالهم موجودون في كل مكان فيها، فضلاً عن السلطة التي يتمتعون بها ضمن المدينة التي تخولهم في تسهيل عمليات النقل والتجارة، إضافة إلى الأمر الأهم وهو العلاقة مع عناصر حزب الله ولبنان التي تعتبر مصدراً أساسياً لهذه المواد.
تابع: إن الوضع ليس بالسهل، خصوصاً في ظل عدم التجانس الاجتماعي مع وجود عدد كبير من الغرباء الذين دخلوا المدينة خلال سنوات الحرب الذين لا تعرف خلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية، ومعظهم يعمل بهذا الأمر أو يتعاطى بأبسط الحالات، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي السيء وغياب فرص العمل يلعبان دوراً كبيراً أيضاً، ما يدفع حتى النساء للعمل بالمخدرات، فمن الملاحظ أنه في السنة الأخيرة لم يتم الإعلان عن القبض على أي مجموعة أو مداهمة اي مكان توجد فيه مخدرات إلا وكانت هناك مجموعة من النساء فيه.
من جانبه قال الشاب “أ و” وهو من طلاب جامعة تشرين، إن اللاذقية ليست فقط بيئة جيدة لهذا العمل بل تشكل أيضاً سوقاً واسعة للتصريف بين طلاب الجامعة وفي السكن الجامعي إذ تشكل جامعة تشرين مكاناً هاماً لتصريف الحبوب المخدرة والحشيش، إضافة إلى عناصر الشبيحة والعصابات المرادفة لقوات النظام فمعظمهم يتعاطى هذه المواد وهم يتركزون بكثرة في اللاذقية من قوات الدفاع الوطني لمليشيا صقور الصحراء وغيرها.
أضاف لنينار برس أن الوضع خطير جداً لكن لا يوجد أي مانع لدى النظام من فساد المجتمع ووصوله إلى هذه الحال بل على العكس هو يشجع الأمر ويعمل على تسهيله ويعتبر هذا مكافأة لعناصر الشبيحة الذين يقاتلون إلى جانبه في معاركه ضد المعارضة سامحاً لهم بجني المال والانشغال عن موضوع السلطة وغيرها والعيش برفاهية من وراء المخدرات في زمن يموت فيه معظم الأهالي جوعاً.
عمليات شكلية:
أمس أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على شخصين بتهمة سرقة هواتف محمولة في اللاذقية ليتم الكشف بعد التحقيق معهم أنهما يعملان بتجارة المخدرات أيضاً ولديهم عدد من النساء يجنون أموالاً عبرهم من خلال الدعارة، قبلها بأيام تم تناقل أخبار عن مداهمة منزل يحوي على كميات كبيرة من المخدرات وأسلحة لتاجر مخدرات كبير في اللاذقية وجاءت العملية بعد مراقبة طويلة وقام هو بالمقاومة وإطلاق الرصاص على الدورية واستخدم زوجته كدرع بشري لمنع إلقاء القبض عليه.
لكن جميع هذه الحوادث التي يتم الحديث عنها لم تشكل أي رادع أو سبب لتوقف انتشار المخدرات في المدينة بل على العكس تتضاعف وتزداد مع مرور الوقت.
يتحدث الناشط المدني المعارض أحمد بكري من أبناء اللاذقية لنينار برس أن الوضع في هذه المدينة يختلف عن باقي المناطق السورية فهذه العمليات تتم للحديث عنها فقط ولكي تقدم بعض الأمان والهدوء للأهالي الذين باتوا يخشون الخروج من منازلهم في مدينة يحكمها الخوف والفساد والتشبيح والمخدرات، لكن بأفضل الحالات لا يبقى من يتم القبض عليهم في السجن أكثر من عدة ساعات ويتم إطلاق سراحهم بسرية ليعودوا لأعمالهم.
نوه إلى أن القوى الفعلية والحاكمة فيها هي من تقوم بهذه الأعمال وهذا أمر معروف لكل السوريين لكن ليس لأحد قدرة على المواجهة أو الحديث لذلك يصمت الأهالي ويخشون من مواجهة أي منهم رغم ما يشعرون به من خطر يحدق بأبنائهم فمن لم يشارك ببيع المخدرات سوف يقوم بشرائها في ظل توفرها بكثرة وضغوط الحياة.
أكد أنه لا يوجد أي أرقام أو توقعات دقيقة عن كمية المخدرات التي تباع في المدينة أو عن عدد العاملين بها لكن تعتبر الأحياء الشعبية السوق الأكبر لتصريفها كحي قنينص والرمل الجنوبي، مشيراً إلى أن فرع مكافحة المخدرات في اللاذقية كان قد اعترف بأن عدد متعاطي المواد المخدرة المقبوض عليهم خلال سبعة أشهر من العام الماضي قد تجاوز 750 شخصاً، لكن هذا الرقم قليل جداً ولا يمكن أن يكون حقيقياً في ظل ما يراه الأهالي ويعرفونه عن نسبة انتشار المخدرات.
يذكر أن الساحل السوري بشكل عام يتميز دائماً في قضية انتشار المخدرات ومدينة اللاذقية بشكل خاص، فهي معقل العصابات التي تعمل بهذه التجارة، لكن هذه العصابات تعاظم دورها وسطوتها خلال سني الحرب ما فتح المجال أمام زيادة انتشار أعمالهم وتوسعها وربط اسم اللاذقية بها.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”