اللاجئون السوريون وأسواق العمل
يُعتبر الحق في العمل من حقوق الإنسان الأساسيّة التي تُمكّنه من كسب رزقه عن طريق أداء عمل يختاره أو يرتضيه بحريّة ويُحقّق له حياة كريمة، وقد أقرّت كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهذا الحق من خلال توقيعها أو تصديقها أو انضمامها إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المادتين ’’7و8’’ منه.
كما وضعت الأمم المتحدة العديد من الاتفاقيات الدوليّة التي تنظّم احكام حماية وتعزيز حقوق العمّال ومنها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990 التي منحت العمال المهاجرون حق التمتّع بالمساواة في المعاملة مع رعايا دولة العمل.
كما فرّقت هذه الاتفاقية بين العامل المهاجر واللاجئ العامل من خلال تعريفها العامل المهاجر بأنّه: الشخص الذي سيزاول أو يزاول أو ما برح يزاول نشاطا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها.
أيضاً من خلال استثناء اللاجئين وعديمي الجنسية من أحكامها ما لم ينص على ذلك الانطباق في التشريع الوطني ذي الصلة للدولة الطرف المعنية أو في الصكوك الدولية السارية بالنسبة لها.
وقد وضعت معياراً للتفريق بين العامل المهاجر وبين غيره من العمّال وهو حيازة الوثائق اللازمة لتمتّعه بالوضع النظامي وتوفّر إذن بالدخول والإقامة ومزاولة نشاط مقابل أجر في دولة العمل بموجب قانون تلك الدولة وبموجب اتفاقات دولية تكون تلك الدولة طرفاً فيها.
وقد حظرت هذه الاتفاقية طرد العمال المهاجرين وأفراد أسرهم إلا للأسباب المحددة في التشريع الوطني لتلك الدولة وألّا يُلجأ إلى الطرد كوسيلة لحرمان أي عامل مهاجر أو فرد من أفراد أسرته من الحقوق الناشئة عن الإذن بالإقامة وتصريح العمل.
ويعزّز ويكمّل هذه الاتفاقية الدولية مجموعة النصوص التي تضمّنتها كلّاً من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيّة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.
أمّا بالنسبة لِلّاجئين الذين عرّفتهم الاتفاقيّة الدوليّة لحماية اللاجئين سنة 1951 بأنهم: كل شخص يوجد بنتيجة أحداث وقعت قبل تاريخ 1951/12/1 وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية خارج بلد جنسيته ولا يستطيع أولا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية ذلك البلد أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يعود إلى ذلك البلد.
وقد منحت هذه الاتفاقيّة اللاجئ الحق بالقيام بأعمال الكسب من خلال المواد ’’17و18 و19’’:
– حقّ ممارسة العمل المأجور. وعدم تطبيق التدابير التقييدية عليه المفروضة على الأجانب أو على استخدام الأجانب من أجل حماية سوق العمل الوطنية إذا كان قد أعفي منها قبل تاريخ بدء نفاذ هذه الاتفاقية إزاء الدولة المتعاقدة المعنية.
– حق ممارسة الأعمال لحسابهم الخاص في الزراعة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة، وكذلك في إنشاء شركات تجارية وصناعية.
– حق ممارسة المهن الحرّة للذين يحملون شهادات معترفا بها من قبل السلطات المختصة في الدولة.
أحكام تنظيم العمالة الأجنبيّة في القوانين الوطنيّة العربيّة:
عٌقِد المؤتمر الثالث لوزراء العمل العربية في الكويت في سنة 1967 وأسفر عن إنشاء اتفاقية متعددة الاطراف تتعهد بموجبها الدول المعنية بتسهيل تنقل الأيدي العاملة وتمتع العمال الذين ينتقلون وفقا لأحكام هذه الاتفاقية بالحقوق والمزايا التي يتمتع بها عمال الدولة التي ينتقلون يهاجرون إليها واقتصرت هذه الاتفاقيّة على تحقيق حماية كاملة للعامل المهاجر، فيما يتعلق بأوضاعهم الاجتماعية مثل جمع شمل الأسرة والمهنية مثل الحق في التدريب والمدنية والسياسية مثل الحق في تكوين النقابات والمفاوضات الجماعية. ثم توالت الاتفاقيات العربية فصدرت اتفاقية سنة 1975 واتفاقية سنة 1977 واتفاقية سنة 1981 جميعها تتعلّق بالهجرة بشكل عام والعامل المهاجر بشكل خاص ولكِنّها لم تُفعّل بسبب عدم التصديق أو المصادقة عليها من قِبل البلدان العربية المستوردة للأيدي العاملة.
قوانين العمل العربية:
القانون السوري: يخضع عمل غير العرب السوريين سواء أكانوا أصحاب عمل أم عمالاً في جميع جهات القطاع العام أو في إحدى الوزارات أو الإدارات أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو المنشآت العامة أو الوحدات الإدارية المحلية أو البلدية أو في أي من جهات القطاع العام الأخرى أو جهات القطاع الخاص أو التعاوني أو الأهلي أو المشترك أو في المنظمات الشعبية أو النقابات المهنية للأحكام الخاصة التالية:
– لا يجوز لأي شخص من غير العرب السوريين أن يعمل في الجمهورية العربية السورية إلا بعد الحصول على ترخيص بالعمل من الوزير أو من يفوضه بذلك.
– يخضع عمل غير العرب السوريين في جميع المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون إلى شرط المعاملة بالمثل.
يحدد الوزير بقرار منه:
– حالات إعفاء غير العرب السوريين من الشرط المشار إليه في الفقرة السابقة أو من شرط الحصول على الترخيص بالعمل أو الإعفاء منه.
– شروط الحصول على الترخيص وتمديده والبيانات التي يجب أن يتضمنها وإجراءات منحه وحالات إلغائه قبل انتهاء مدته والرسم الذي يحصل عنه.
– المهن والأعمال والحرف التي يحظر على غير العرب السوريين العمل فيها.
– النسب القصوى لاستخدام غير العرب السوريين في بعض المهن والأعمال والحرف الأخرى.
القانون اللبناني:
يتمتع الأجراء الاجانب بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون بشرط:
– المعاملة بالمثل.
– الحصول من وزارة العمل على اجازة العمل.
القانون العراقي:
– يحظر على الادارات واصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلاً على اجازة العمل التي تصدرها الوزارة مقابل رسم يحدد بتعليمات يصدرها الوزير.
– يحظر على العامل الاجنبي الالتحاق بأي عمل قبل الحصول على اجازة العمل.
– لا يعتبر العامل الأجنبي المقيم بشكل قانوني في العراق من أجل العمل، في وضع غير قانوني أو غير نظامي لمجرد إنه فقد وظيفته، ولا يتبع فقدان الوظيفة في حد ذاته سحب ترخيص الإقامة أو إذن العمل، ما لم يكن العامل قد قام بخرق القوانين العراقية.
القانون الأردني:
– لا يجوز استخدام اي عامل غير أردني الا بموافقة الوزير أو من يفوضه شريطة ان يتطلب العمل خبرة وكفاءة غير متوفرة لدى العمال الاردنيين أو كان العدد المتوفر منهم لا يفي بالحاجة وتعطى الاولوية للخبراء والفنيين والعمال العرب.
– يجب ان يحصل العامل غير الاردني على تصريح عمل من الوزير أو من يفوضه قبل استقدامه أو استخدامه ولا يجوز ان تزيد مدة التصريح على سنة واحدة قابلة للتجديد.
– يصدر الوزير قرارا بتسفير العامل المخالف لأحكام هذه المادة الى خارج المملكة على نفقة صاحب العمل أو مدير المؤسسة ويتم تنفيذ هذا القرار من قبل السلطات المختصة ولا يجوز اعادة استقدام أو استخدام العامل غير الاردني الذي تم تسفيره قبل مضي ثلاث سنوات على الاقل من تاريخ تنفيذ قرار التسفير.
القانون المصري:
– يخضع استخدام الأجانب في جميع منشآت القطاع الخاص ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات العامة والادارة المحلية والجهاز الإداري للدولة للأحكام الواردة في هذا الفصل ذلك مع مراعاة شروط المعاملة المثل.
– لا يجوز للأجانب ان يزاولوا عملاً إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة المختصة، وأن يكون مصرحاً لهم بدخول البلاد والاقامة بقصد العمل.
– يلتزم كل من يستخدم أجنبياً أعفي من شرط الحصول على الترخيص بأن يخطر الجهة الادارية المختصة بذلك الاستخدام خلال سبعة ايام من مزاولة الاجنبي للعمل، وكذلك عند انتهاء خدمته لديه.
– يحدد الوزير المختص بقرار من المهن والأعمال والحرف التي يحظر على الاجانب الاشتغال بها، كما يحدد النسبة القصوى لاستخدامهم في المنشآت والجهات المبينة في هذا القانون.
القانون التركي:
ينظم قانون القوى العاملة الدولي الذي سُن في عام 2016، الحقوق والالتزامات المتعلقة بالقوى العاملة الدولية في تركيا وفق الاحكام التالية:
– يمكن للأجانب العمل لحسابهم الخاص أو بموجب عقود عمل بعد الحصول على تصريح عمل من وزارة العمل.
– تسمح الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف التي تعتبر تركيا طرفًا فيها لمواطني بعض الدول بالعمل في تركيا دون تصريح عمل.
– تنظر وزارة العمل في طلبات تصاريح العمل بناءً على عدد من المعايير، بما في ذلك نوع العمل الذي يتعين القيام به وعوامل أخرى مثل الظروف الاقتصادية العامة في تركيا التي تؤثر على التوظيف.
كما حدّد القانون أنواع من تصاريح العمل بأربع وهي:
– تصريح محدود المدة، يصدر لمدة أقصاها سنة واحدة لعمل معين يتم القيام به في مكان عمل محدد مع صاحب عمل محدد، يمكن تمديد المدة لمدة عامين آخرين عند طلب التمديد الأول مع نفس صاحب العمل، يمكن تمديد المدة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أخرى في كل طلب تمديد لاحق بعد التمديد الأول، مرة أخرى مع نفس صاحب العمل.
– تصريح غير محدود المدة، يصدر للأجانب الذين يعيشون في تركيا بموجب تصريح إقامة طويل الأجل، أو يعملون بشكل قانوني في تركيا لمدة ثماني سنوات على الأقل. كقاعدة عامة، يتمتع حامل تصريح غير محدود المدة بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن التركي لكنه لا يمنح الحق في العمل في الخدمة العامة أو الحق في التصويت.
– تصريح عمل مستقل يصدر للأجانب الخبراء في المهنة المكتسبة أو المساهمين والمديرين التنفيذيين المسجلين في الشركات التركية.
– تصريح تركواز يُمنح للأجانب الذين يضيف وجودهم في تركيا قيمة للاقتصاد والتوظيف نظرًا لمستوى تعليمهم وخبراتهم المهنية ومساهماتهم في العلوم والتكنولوجيا والأنشطة أو الاستثمارات في تركيا، يمنح هذا التصريح لأجل غير مسمى ويشمل زوج وأبناء الأجنبي.
– في ظل ظروف استثنائية معينة، يجوز منح الأجانب أحد تصاريح العمل المذكورة أعلاه دون الخضوع للقيود الزمنية المذكورة أعلاه. تشمل هذه الظروف الاستثنائية، على سبيل المثال لا الحصر، الأجانب المتزوجين من مواطنين أتراك الذين يقيمون دون انقطاع في تركيا مع أزواجهم ومواطني الاتحاد الأوروبي ومواطني الجمهورية التركية لشمال قبرص والأفراد من أصل تركي والأفراد الذين يُعتبرون أن يكونوا موظفين مؤهلين أو مستثمرين مؤهلين.
قانون الحماية المؤقتة:
يتمتّع طالب الحماية الدولية في تركيا بحق العمل فيها شريطة تقديم المستندات التالية:
– بطاقة تعريف الحماية الدولية بما في ذلك رقم تعريف الأجنبي الذي يبدأ بـ “٩٩’” لصاحب البطاقة.
– صورة شخصية للفرد.
– العقد الموقع بين صاحب العمل والموظف.
– المستندات ذات الصلة بأنشطة العمل ورأس المال والشراكة الخاصة بالمنظمة والإقرار الضريبي والتوكيل الرسمي.
– يتم تقديم تصاريح العمل للعمل بأجر من قبل أرباب العمل بمجرد وصول العامل إلى اتفاق معين بشأن العمل مع صاحب العمل المحتمل.
– إذا كان العمل حرّاً يتطلّب وجود مشروع قانوني في تركيا يتم تأسيسه وتسجيله وفقًا للقانون التجاري التركي.
– إذا كان طالب العمل طبيبًا أو مدرسًا يجب عليه الحصول على تصريح عمل أولي من المديريات الإقليمية للوزارات ذات الصلة.
• المشاكل التي يواجهها العمّال سواء كانوا مهاجرين أو لاجئين أو أجانب:
– مشكلة التأقلم: التي تأتي من النظرة العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز ووضعهم في موضع الشُبهة في أي حادث أو طارئ الامر الذي أدّى إلى ربط الهجرة والمهاجرين بالإجرام، بالإضافة إلى خوف الأهل المحليين من أن المعايير التعليمية العامة ستتدهور مع قبول الأطفال المهاجرين مسألة حساسة في بعض الدول مما أوجدَ الأرضيّة الخصبة لممارسة العنف ضدهم.
– مشكلة الطرد التعسفي والعودة الطوعية: يعاني العمّال على اختلاف أوضاعهم القانونيّة من مشكلة الطرد التعسفي عند انتهاء عقود عملهم.
– مشكلة الهجرة غير النظامية وغير الشرعية: التي يفقد العامل حقوقه القانونيّة بسبب حظر القوانين الوطنيّة توظيف العمال المهاجرين في وضع غير نظامي الأمر الذي يؤدّي إلى استغلال العمّال واضطراهم للقبول بأي نوع من الوظائف وأي ظروف عمل ومعيشة.
لقد أوردنا هذه الاتفاقيّات والقوانين حتى يمكن للاجئين السوريين معرفة أوضاعهم القانونية في البلاد التي يقيمون فيها، ومعرفة الوضع القانوني الصحيح لوجودهم على أراضي تلك الدول والتفريق بين المهاجر واللاجئ وبين الهجرة واللجوء، ومعرفة أحكام قوانين العمل الناظمة لأعمالهم، ما يساعدهم في تجنّب المشاكل القانونيّة، وعدم الدخول في نشاطات وأعمال محظورة تؤدّي حتماً إلى إلغاء الحماية ومن ثم التسفير أو الترحيل، كما يمكن للقائمين على حملات المناصرة والحشد في قضايا العمّال السوريين في البلاد المستضيفة فهم الاحكام القانونيّة المذكورة ووضعها في عين الاعتبار في حملاتهم حتى تحقِّق أهدافها في حماية وتعزيز حقوق العمال السوريين.