الكراهية نقيض السلام
ما أحوجنا اليوم في سورية الحبيبة لنبذ خطاب الكراهية ، لأن الكراهية هي نقيض السلام و ليس كما هو متعارف عليه أنها نقيض الحب فنقيض الحب هو الخوف و ليس الكره ، فلذلك حتى يتحقق السلام و يعم كل أرجاء سورية الحبيبة لا بد من التصدي لكل ما يمت للكره و الكراهية بصلة ، و ذلك حسب رأيي المتواضع يتم من الداخل ، أي من داخل كل فرد منا ، و أعني بالداخل هو ما يحتويه اللاوعي أو العقل الباطن لكل منا ، فهذا اللاوعي تشكل في السنين السبع الأولى لكل فرد و قد تشكل نتيجة التربية سواء في البيت أو الأسرة أو في المدرسة و من ثم أصبح عقلاً جمعياً يشكل بدوره ما يسمى بالثقافة بعد الاحتكاك بالمجتمع ، و بما أن الكراهية مجال حركتها هو الإجتماع السوري إذاً هي عبارة عن حركة تدور في فلك الثقافة السورية أو سمة ثقافية لدى السوريين تجاه بعضهم البعض ، و هذا ناتج كما ذكرت آنفاً للتربية و المحيط الإجتماعي ،
و عليه نستطيع القول أن نبذ الكراهية يبدأ من بداية تشكل الثقافة ، و هنا لا بد للمثقف و المثقفة أن يلعبوا دوراً أساسياً في تشكل و تشكيل هذه الثقافة ، أو في تغيير الثقافة ، و هذا طبعا لا يأتي بشكل سريع و إنما بحاجة إلى عمل و جهد و صبر ..
و لكن ما هو مطلوب في هذه الآونة من المثقفين و المثقفات السوريين إعتماد خطاب السلام و المحبة بدلاً من خطاب الكراهية و الخوف ، و ذلك يبدأ من اللغة التي يتكلمون بها مع أنفسهم أولاً و من ثم مع أسرهم و من ثم محيطهم و من ثم مع المحيط الجديد اليوم أو الذي لم يعد بجديد و الذي له أكبر تأثير و أثر في تشكل الثقافة أو الوعي الجمعي لدى الناس ألا و هو الفضاء الافتراضي ( الانترنت و وسائل التواصل الاجتماعي ) بكل أشكالها ، و ذلك إذا ما استطعنا تسخير هذه الوسائل لبناء عقل جمعي أو ثقافة عامة يسودها السلام و الحب و كل ما يتعلق بذلك ، و التصدي لأي خطاب يقف عائق في وجه هذا الخطاب من خلال الحوار الذي يتسيده لغة المنطق و العلم ..
طبعا هذا كما ذكرت سابقاً يحتاج إلى وقت و جهد كبيران و لكن أعتقد هذه الوسائل اليوم التي بين أيدينا ستسهل علينا الوصول إلى العقل السوري عمودياً و أفقياً بوقت أقصر و في حال تضافر الجهود بجهد أقل ،
فليبدأ كل واحد منا من الآن بالانتباه إلى كلامه مع نفسه و مع أسرته و محيطه و من خلال ما يكتب و يتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي ، و ليجعل صفحته الخاصة منبراً لنشر ثقافة السلام و الحب ،
و أظن أننا بذلك سنجد أنفسنا بعد زمن ليس بالبعيد و قد احرزنا تقدماً ملحوظاً و ملفتاً ، و بالتالي سيمتد محيط كل فرد ليؤثر بمحيط أوسع محيط به فأوسع فأوسع و هكذا ، و كلما كانت اللغة رفيعة المستوى و الأفكار صادقة و قوية سيكون لها تأثير أشبه بالانشطار النووي الذي سيُحدث انتشاراً مذهلاً بزمن و جهد أقل ..
فلن يعم السلام و ينعم السوريون بالخير و الحب إلا من خلال تغيير هذه الذبذبات من ذبذبات كره إلى ذبذبات سلام و حب ، و بهذه الطريقة سنرسل للعالم و سيرسل لنا العالم بأسره ذبذبات مشابهة لذبذباتنا ليغطي فضاءسورية سحابة من ذبذبات السلام و الخير و المحبة و بالتالي سيسمع العالم صوتنا و سيرى ما نحن فيه بعين و أذن مختلفين عما سبق و من ثم سيُسخر طاقاته المشابهة لطاقاتنا لخدمتنا و لتحقيق مصالحنا و ما نصبو إليه.
مساهمة الأستاذ عبدالرحمن حمدان العلي في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية”, التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي وتمّ نشرها في صحيفة نينار برس بالاتفاق مع الأستاذ عبدالرحمن حمدان العلي
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”