الكابوس السوري في البيت الأبيض
الصين (تلقي القبض) على هونغ كونغ، والأمريكان يقتربون من تايوان بشكل أكثر. الصين تزحف نحو إيران، ما يجعل الأمريكان يستعيدون سيناريوهات الحرب الكورية التي خلفت خمسة ملايين قتيل، ولم يكن الأمريكان يتوقعون آنذاك تلك النتيجة. فالملالي في إيران مثل بشار الأسد، يهمهم البقاء فقط، فماذا لو كانت المعادلة الصينية هي تماماً ما تسرب عبر الإعلام عن توافق صيني إيراني على إنشاء قواعد عسكرية صينية في جزر إيرانية؟ وبصورة أوضح، إذا بقيت إيران في العراق وسوريا ولبنان، فهذا يعني أن مشهد الحرب الكورية قادم، ولو تحت سيناريو الحرب الباردة، وهذا يعني أن جلوس الصين على منابع النفط، إنما هو جلوس على شريان العالم الاقتصادي، خصوصاً وأن عين الحليف الإيراني على الممرات المائية من هرمز إلى باب المندب، وصولاً إلى ميناء بيروت الذي انفجر أخيراً في وجه الطامحين إلى التغيير السلمي في بيروت، كما انفجرت قبل ذلك ملايين القذائف في وجه أشقائهم السوريين.
لماذا بيروت؟
سريعاً وبشكل غير متوقع وصل الرئيس الفرنسي إلى بيروت عقب الانفجار، وسريعاً جاء مؤتمر المانحين لدعم لبنان، وهو أول مؤتمر في التاريخ يأتي التوصل إليه بهذه العجالة من الوقت، وكانت أهم رسائل المؤتمر الظاهرة والخفية، هي (الدعم سيأتي بعد طي ملف الفساد) وهي رسالة واضحة تماماً، عبر عنها الرئيس الفرنسي الذي عانق المتظاهرين، وتحدث إليهم دون استخدام الكمامة رغم خطورة الموقف، لكن الكاميرا أبت أن تلتقط صورة واحدة للرئيس الفرنسي وهو يصافح أي مسؤول لبناني، والسبب أنه لم يفعل.
لماذا بيروت الشرقية، فهل فجرها حزب الله كنوع من التطهير الديني باعتبارها تحتضن القسم الأكبر من مسيحيي لبنان منذ القرن الميلادي الأول، أم انها انفجرت لوحدها (أي متفجرات المرفأ) وفي كلا الحالتين، فإن اليد واحدة، والقاتل واحد، ولكن ثمة شريك آخر سربت وسائل الإعلام معادلة كيميائية وسياسية حوله، فالأمونيا لم تنفجر بالكامل، وثمة جزء منها منهوب، فهل ذهب إلى صواريخ حزب الله أم إلى براميل الأسد التي كانت تسقط على السوريين (وهذا وفق المسرب من وسائل الإعلام).
والسؤال الأهم، هل أرادها حزب الله أن تنفجر ليدفع أهل بيروت للهجرة، والسبب أنه عجز عن احتلال بيروت على شاكلة غزوة الحوثي الكبرى إبان احتلال العاصمة اليمنية، ويومها وللذكرى كانت مشكلة الحوثي حسب ما أعلنها هي تخفيض سعر أسطوانة الغاز، وما أسماها في حينه بــسعر (الجرعة) المرتفع.
هل تصبح أمريكا الصين:
ما يميز العقلية الإيرانية أنها غير قابلة للحوار، وأن فكرة الحلول السياسية لا تحدث بالأمر السهل، لأن العنصر البشري لدى إيران ليس له أي قيمة على الأرض، ومن الشواهد السابقة، حرب الخليج الأولى، التي قُتل فيها أثناء المفاوضات الطويلة أكثر ممن قتلوا قبل المفاوضات. وبهذه المعادلة السياسية المعقدة، خيارات الأمريكيين واحدة، هي أكبر من استمرار حظر السلاح، وهي الآن أكبر من الحصار الاقتصادي، نحو الاستجلاب الإيراني للصين.
من الناحية النظرية لا يبدو منطقياً أن تتمدد الصين عسكرياً نحو الخليج بعد الاتفاق الإيراني، ولكن من وجهة نظر استراتيجية، إن هذا بمثابة كارثة، لأن قواعد السياسة في المستقبل قد تكون خطيرة، وقد تجد أمريكا نفسها أمام خيار صعب، بحيث يبقى الوجود الإيراني غير القابل للحوار، يستند على الوجود الصيني الطامح لمزيد من التمدد.
الكابوس السوري:
بأقل من دقيقة واحدة اختصرت بيروت المأساة السورية بالكامل، ونالت حصتها من الموت والدمار ومئات آلاف المهجرين، نعم حدث ذلك بأقل من دقيقة من الزمن المرير ذاته الذي كان ولا يزال يمر على السوريين ببطء شديد، والسبب في سوريا ولبنان واحد، وهو حزب الله وإيران، فماذا لو كان لدى حزب الله في لبنان مزيداً من دقائق الموت، فكم سيحصد من اللبنانيين، من أجل إقامة دولة ولاية الفقيه، كما قال ذلك حسن نصر الله ذاته.
هذه المعادلة هي التي تستوجب الخروج نحو قرارات عاجلة وسريعة، تمس الوجود الإيراني، ولعل ما صرح به البنتاغون الأمريكي في الثالث عشر من الشهر الجاري بالقول (قواتنا باقية لفترة طويلة في العراق وسوريا للتصدي لنفوذ إيران). وجاءت هذه الرسالة على لسان العسكر، ولم تأت على لسان السياسيين ولهذه دلالتها أيضاً.
الصين وأمريكا ليست معادلة شركة هواوي، أو تطبيق تيك توك أو سرقة بيانات الاختبارات الصحية، إنما هي مزاحمة على إدارة المستقبل، وهنا يبرز السؤال الأهم، وهو: كم بقي من عمر نظام الأسد، إذا كانت هزيمة إيران، وإزاحة كابوس الحرب الكورية عن المنطقة تبدأ كلها من سوريا، ما دام الإيرانيون لا يريدونها سلماً.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”