القامشلي والحسكة توترات أمنية مستمرة، وتدخل روسي ودعوات أهلية لوأد الفتنة
التوترات الأمنية التي شهدتها مدينتي القامشلي والحسكة شمال شرق سوريا، الخاضعة لقوات قسد، بين قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، وقوات الأسايش، في المربعات الأمنية في القامشلي والحسكة وحيي طي وحلكو، وفرض الحصار على تلك المناطق، ومنع دخول المواد الغذائية، والمساعدات إليها، وقطع الطرقات المؤدية إليها. أدى إلى التصعيد، وخروج تظاهرات واعتصامات ومجابهات بين الطرفين المسلحين، لتعيش المنطقة برمتها حالة رعب من احتمال تفجر حرب أهلية بين مكونات المنطقة وتدهور الأوضاع الأمنية فيها، وخاصة بعد سقوط قتيل وعدد من الجرحى، وإعلان بعض العشائر العربية دعمها للنظام والمطالبة بالثأر من قوات قسد ونعتها بـ بالعميلة للقوات الأمريكية.
من جهتها بررت قسد بأن حصار مناطق الحكومة في القامشلي والحسكة يهدف للضغط على حكومة دمشق التي تحاصر بلدات وقرى ضمن منطقة الشهباء في ريف حلب الشمالي وفافين والمسلمية في أطراف حلب وحيي الشيخ مقصود والأشرفية ضمن المدينة وتمنع دخول وخروج المواد الطبية والغذائية والمحروقات منذ أشهر طويلة، وفرض حاجز الفرقة الرابعة في منطقة المسلمية مبالغ مالية طائلة على أهالي المناطق الراغبين بالانتقال إلى حلب من ريفها الشمالي ولاسيما أبناء عفرين”.
وتسيطر الحكومة السورية على المربع الأمني وهو منطقة جغرافية صغيرة في الحسكة وأجزاء من مناطق أخرى بالمدينة، أما في القامشلي فتوجد قوات الحكومة في مناطق أوسع ضمن حي حلكو وحي الطي والمطار والمشفى الوطني ومنطقة خلف السكة والمربع الأمني وأحياء أخرى فيها، سواء بصورة تامة أو بالتعاون مع الأمن الداخلي في كثير من تلك المناطق.
وقد عقدت قوات قسد اجتماعاً مغلقاً مع ضباط من الشرطة العسكرية الروسية، يوم الإثنين، في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، وذلك ضمن سلسلة اجتماعات لحل الخلاف بين قسد والنظام السوري في المنطقة.
وطالبت “قسد” الجانب الروسي بفك الحصار عن مناطق سيطرتها في مدينة حلب، التي تشهد حصاراً خانقاً من قبل قوات النظام السوري.
كما طالبت بالإفراج عن المعتقلين المحتجزين لدى قوات النظام السوري كافة في مدينتي الحسكة والقامشلي وريفها بالإضافة إلى الرد المباشر على الاستهدافات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها “الجيش الوطني” التي تشن بين الحين والآخر هجمات على المنطقة عبر قذائف المدفعية.
ومن جهتها طالبت القوات الروسية بفك الحصار الخانق المفروض على قوات النظام السوري في مدينتي الحسكة والقامشلي، مع تعهدها بحماية المنطقة من الهجمات التركية المتوقعة وتعزيز وجودها فيها.
كما طالب الروس من قوات “قسد” السماح بإدخال شحنة مساعدات غذائية وطبية لمناطق سيطرة النظام السوري، على أن يتم ذلك تحت إشراف روسي مباشر، كما قدمت القوات الروسية وعوداً لـ “قسد” بسحب مجموعات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري من مدينة الحسكة، والإبقاء فقط على عناصر قوات النظام. وقد أمهل الروس قوات “قسد” 72 ساعة للتشاور مع قيادات المجالس العسكرية التابعة للإدارة الذاتية في المنطقة، ومن ثم عقد اجتماع ثانوي مع القوات الروسية لإبلاغهم بما اتفقوا عليه.
إلا أن المقترح الروسي قوبل بالرفض من قبل قوات “قسد”، على الرغم من منح الأخيرة وقتاً للمشاورة بين قياداتهم العسكرية.
أعادت قوى الأمن الداخلي “الأسايش” تمركز حواجزها في محيط المربع الأمني بمدينة القامشلي في وقتٍ متأخر من ليلة الثلاثاء/الأربعاء. وذلك عقب ساعات من أنباء عن التوصل لاتفاق مع الحكومة السورية.
وبحسب مصدر مطلع لم تلتزم الحكومة بتنفيذ بنود الاتفاق.
وكانت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا، أعلنت عودة الحياة إلى طبيعتها، عبر السماح بدخول المواد كافة إلى مناطق وجود قوات الحكومة السورية في مدينتي القامشلي والحسكة.
وقالت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي، في بيانها “شهدت مدينتي القامشلي والحسكة، خلال الفترة الماضية حالات توتر أمنية خلقتها قوات النظام السوري، في محاولة لضرب الاستقرار في مناطقنا التي نتجت عن التآخي بين المكونات كافة”.
وأضافت، “إننا في قوى الأمن الداخلي ملتزمون بوحدة الدم السوري ونعمل لإنهاء حالة التوتر التي تخلقها قوات النظام السوري، وكبادرة حسن نية وحفاظاً على وحدة التراب والأرض السورية وحفظ دماء السوريين، فإننا نؤكد عودة الحياة الطبيعية والسماح بدخول المواد كافة إلى مناطق وجود قوات النظام السوري في مدينتي القامشلي والحسكة”.
من جانبها دعت أطراف كردية شمال شرق سوريا، إلى التهدئة، وضبط النفس، والوقوف معاً ضد كل محاولة لإثارة الفتن أو اللجوء إلى السلاح في الصراع بين السوريين تحت أية حجة أو ذريعة.
وخلال بيانٍ مشترك، لأحزاب (الإرادة الشعبية، الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا “يكيتي”، الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا الثلاثاء 2 شباط 2021)، دعت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، إلى ضبط النفس والتحلي بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه أبناء المحافظة، وحل القضايا الخلافية عبر الحوار للوصول إلى توافقات ريثما تُحل جميع القضايا في إطار الحل السياسي.
وجاء في بيانها “تشهد مدينتي القامشلي والحسكة منذ أيام وضعاً متوتراً على خلفية خلافات بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، تصعيد المواقف قد يؤدي إلى منزلقات خطيرة ينتج عنها كوارث إنسانية جديدة في ظل وضعٍ لم يعد يطاق أصلاً بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسوريين”.
كما دعت المبادرة الوطنية للكورد السوريين جميع الأطراف إلى تغليب لغة الحوار والعقل ونبذ لغة السلاح، والتحلي بأقصى حالات ضبط النفس وبروح المسؤولية الوطنية والحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وحياة أبنائها والتآخي الوطني بين جميع مكوناتها. كما دعا البيان، شعب الجزيرة، وقواه السياسية والاجتماعية والدينية الفاعلة من عرب وكرد ومسيحيين ويزيديين ومن جميع المكونات، إلى بذل المزيد من الجهود لنزع فتيل الأزمة الحالية وحل كل المشاكل عبر طاولة الحوار وقطع الطريق أمام مثيري الفتن ودعاة الحرب الأهلية.
هيئة أعيان شمال وشرق سوريا، من جانبها دعت الحكومة السورية إلى الحوار وتغليب الحكمة والعقلانية في معالجة الأمور، وعدم دفعها إلى التأزم، حفاظاً على أرواح المواطنين.
وقالت الهيئة في بيانها “ندعو أبناء العشائر العربية، لعدم الانجرار إلى الفتنة وضرب السلم الأهلي، وندعو للوحدة الوطنية كونها حاجة ملحة وضرورية للعيش المشترك ووحدة الشعوب”.
بدوره، قال ممثل عشائر بني سبعة وعضو هيئة أعيان العشائر في شمال شرق سوريا حسين السبع إن “هناك من يحاولون اللعب على خيوط الفتنة لإحداث مشاكل في المنطقة”،
وفي هذه الأثناء، تتواصل المباحثات بين قوات سوريا الديمقراطية والجانب الروسي الحليف لدمشق، حول الحصار المفروض منذ أسابيع، دون التوصل لنتيجة حاسمة. ويعيش الأهالي حرب أعصاب فوق كل معاناتهم المستمرة والخوف من القادم الأسوأ.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”