الفساد ينخر جامعة تشرين
مع بداية انطلاق الثورة وموجة الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد، أجبر الكثير من الطلاب ممن انخرط في صفوف الثورة أو شارك بالمظاهرات على ترك دراستهم الجامعية خصوصاً في جامعة تشرين والتي تضم نسبة كبيرة من الموالين للنظام، لذلك فضل الطلاب خوفاً من الاعتقال الهرب وترك الجامعة على عجل دون أخذ معظمهم أوراقهم الجامعية، أو توقيف دوامهم فيها.
دفع الأموال:
لكن مع خروج عدد كبير من هؤلاء الطلاب نحو دول أخرى كتركيا والأردن ولبنان أو حتى تقديم اللجوء في الدول الأوربية احتاجوا إلى أوراقهم من أجل متابعة دراستهم في جامعات هذه الدول، فكان الخيار الوحيد أمامهم هو دفع الأموال مقابل الحصول على ما يحتاجونه من أوراق.
الطالبة إيمان بكري كانت تدرس الحقوق في جامعة تشرين أجبرت على ترك دراستها والهرب نحو المناطق المحررة وبعدها إلى تركيا بعد أن كانت قد ترفعت للسنة الثالثة، تحدثت لموقع نينار برس، أنها اليوم تتابع دراسة الحقوق في جامعة أضنة في تركيا بعد أن قامت بجلب أوراقها من جامعة تشرين مقابل دفع مبلغ 350 دولار أمريكي لأحد السماسرة في تركيا الذي يعمل بهذا الأمر، مشيرة أنها احتاجت إلى كشف علامات من جامعة تشرين وأوراق عن سيرة حياتها الجامعية، بعدها عملت هي على ترجمتها وتصديقها في تركيا ومن ثم التقديم على الجامعات لاستكمال دراستها بالفرع ذاته وتمكنت من تحصيل مقعد لها.
تابعت: إن الفساد في جامعة تشرين وفي مناطق النظام وتمكن الأشخاص من الحصول على كل ما يحتاجونه من أوراق مقابل دفع الأموال هو أمر جيد خدم الكثير ممن خرج من مناطق النظام ويحتاجون إلى أي ورقة من هناك.
صعوبات عديدة
يواجه العاملون في مجال استخراج الأوراق من جامعة تشرين صعوبات عديدة، أبرزها موضوع النقل وتوصيل الأوراق إلى الدول التي يوجد بها الطلاب فضلاً عن دفع الكثير من الأموال التي يأخذونها للعاملين في الجامعة.
يوضح فراس العلي صاحب أحد المكاتب في تركيا والذي يعمل على جلب شهادات التخرج والأوراق من جامعة تشرين لـ نينار برس، أنه يقوم باستخراج الأوراق عن طريق المحامين باللاذقية الذين يتعاملون مع العاملين ضمن الجامعة، مشيراً أنه لا يمكن التعامل مع موظف واحد ضمن الجامعة لأن الأوراق تحتاج إلى تصديق وتوقيع من عدة جهات فيها، منوهاً أنهم يقومون بشحنها عن طريق شركات الشحن العادية DHL وآرامكس، وهو يحصل على مبلغ جيد كربح من خلال كل ورقة يستخرجها.
اعتبر العلي أن الصعوبات كثيرة لكن لا يوجد أي خطورة في التعامل مع الموظفين رغم أن معظم الأوراق التي يستخرجونها هي لطلاب مطلوبين للنظام لكن الأموال تحل أي مشكلة في هذه المناطق التي يحكمها الفساد، منوهاً أن الصعوبات تتمثل بالمدة الزمنية لوصول الأوراق وبطريقة الشحن فضلاً عن التطورات الأمنية في مناطق سيطرة الأسد.
أوضاع الجامعة
يسود الفساد ضمن جامعة تشرين في مختلف الكليات وضمن معظم موظفيها، ما يتيح الفرصة أمام الطلاب كافة للحصول على حاجاتهم من أوراق وتواقيع وصولاً إلى النجاح في المواد من خلال تسريب الأسئلة أو الدفع للمدرسين.
يشرح الموظف في جامعة تشرين عبد السلام (اسم مستعار)؛ لـ نينار برس، إٔن معظم الطلاب في الجامعة يعانون جراء أوضاع البلاد، منهم من ترك الجامعة وآخرون يصعب وصولهم إليها، لذلك يحتاجون إلى تأمين أوراقهم عن طريق بدائل ويصعب الاستخراج لبعضهم لأسباب أمنية، لكن موضوع الرشوة ودفع مبالغ مالية يساعد ويسهل بشكل كبير في تسيير أمورهم، موضحاً أن نسبة الفساد زادت بشكل كبير بعد الحرب بسبب الغلاء وقلة رواتب الموظفين الذين باتوا يقبلون بشكل كبير على تسهيل الحصول على الأوراق مقابل المال، إضافة إلى حاجة الطلاب للدفع بسبب البعد أو الملاحقة الأمنية وعجزهم عن الوصول الى الجامعة.
كما أنه لا يوجد أي ضوابط أو محاسبة تحد من موضوع الفساد أو أي ملاحقة للموظفين الذين يتعاملون بالرشاوى وهو أمر بات طبيعياً وسائداً من رئيس الجامعة وصولاً إلى أصغر موظف فيها.
يشار إلى أن جامعة تشرين قامت بفصل عدد كبير من الطلاب الذين تركوا الجامعة وانقطعوا عن الدوام فيها دون توقيف للدوام، وذلك بعد أن قامت بإنذار الطلاب بالعودة إلى الدوام خلال فترة محددة ومن لم يقم بالالتحاق تم فصله بتهم مختلفة، إضافة إلى فصل الطلاب الملاحقين أمنياً ممن خرجوا إلى المناطق المحررة وقاموا بالعمل ضد النظام أو شاركوا في المظاهرات ضده.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”