fbpx

الفرصة الثانية والثورة السورية.. حول كيفية دعم الحراك في السويداء

0 299

عندما بدأت ثورة سوريا في عام 2011، كانت هناك آمال عظيمة وتطلعات كبيرة نحو تغيير جذري وديمقراطية حقيقية، ومع ذلك، بمرور السنوات، ووجهت الثورة بتحديات هائلة وتضاربات داخلية، ما أدى إلى فقدان الاتجاه والبوصلة في بعض الأحيان.

في هذا السياق، يجب علينا أن نعيد ضبط البوصلة ونعيد توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف الثورة الأصلية “ثورة الحرية والكرامة”، ينبغي علينا أن نتذكر الأسباب التي دفعت السوريين إلى الانتفاضة، ونستلهم من روح الثورة السورية الأصيلة والإرادة القوية لتحقيق التغيير الحقيقي.

ولليوم، كثير من الأحزاب والنخب السياسية الديمقراطية المعارضة لنظام أسد مازالت متخندقة في أيديولوجيا ثابتة لا تتزحزح، وأيضاً العديد من الكتاب المحسوبين على الثورة السورية في مقالاتهم ودراستهم مع احترامنا لمضامينها فهي شبه خالية عن مسألة الحراك في السويداء ومشاكله، حيث تشكل مدينة السويداء نقطة تحول مضيئة وحيوية في المشهد الثوري السوري، وتستحق بالتأكيد اهتماماً خاصاً من الكتاب والمفكرين لتطوير استراتيجيات دعم الحراك واستمراره في هذه المنطقة الحساسة. يتعين على الباحثين والمفكرين استكشاف التحديات والفرص التي تواجه الحراك في السويداء، وتحليل العوامل التي يمكن أن تسهم في تعزيز جهود الثورة هناك خصوصا وفي سوريا عموماً.

أولاً، يجب على الباحثين والمفكرين أن ينظروا عن كثب إلى الديناميات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في السويداء، وذلك من خلال دراسة تفصيلية للمجتمع المحلي وهويته وتاريخه. هذا يساعدهم على فهم تماماً لتحولات الحراك الثوري في المنطقة وتحديد الاحتياجات والمطالب الأساسية التي يجب تلبيتها.

من ثم، ينبغي للباحثين والمفكرين أن يدرسوا بعناية التأثيرات السياسية والأمنية على الحراك في السويداء. فالظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية تلعب دوراً حاسماً في قدرة الناس على التنظيم والتحرك بحرية، وتشكل عاملاً هاماً في تشكيل الاستجابة الشعبية للظروف الراهنة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الباحثين والمفكرين أن يقوموا بتقييم الجهود الدولية والإقليمية في دعم الحراك في السويداء. ينبغي تحليل فعالية هذه الجهود والتعرف على الفجوات والتحديات التي تواجهها، وتقديم توصيات لتعزيز الدعم وتحقيق أقصى قدر من الفعالية.

ومن المهم أيضاً دراسة الأدوات والتكتيكات التي يستخدمها الحراك المحلي في السويداء، وتحليل فعالية هذه الأدوات في تحقيق الأهداف المطلوبة. يمكن أن تتضمن هذه الأدوات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتنظيم الفعاليات الثقافية والاجتماعية، وإقامة حملات توعية وتثقيفية.

ومن الضروري التعرية الكاملة لكل القوى المتطرفة الأصولية الدينية التي تعمل بجد واجتهاد كبيرين على تقويض الحراك الثوري والمدني في السويداء، والتي لا تتوافق مع اجنداتها العقائدية، وتتبع سياسية دينية تهدف إلى تحقيق مآربها على حساب حرية وكرامة الشعب السوري. وترفض التنوع الثقافي والفكري، وتمنع مساهمة السوريين في المناطق الاخرى تحت ذريعة التفرقة الدينية بالتضامن مع الحراك في السويداء.

ثانياً، يجب على الأحزاب والنخب السياسية المعارضة أن تترفع عن بعض من أيديولوجياتها وتتبنى مواقف مرنة ومتطورة تتسم بالواقعية والعملية. ينبغي لها أن تتبنى نهجاً مبتكراً ومستقبلياً يتيح لها التكيف مع التغيرات في الساحة السورية وتحقيق التوافق مع باقي الأطراف المعارضة وعلى رأسها الحراك في السويداء.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على هذه الأحزاب والنخب السياسية أن تركز على تعزيز قدراتها وتنظيمها الداخلي، وتطوير استراتيجياتها السياسية والإعلامية، وتوسيع قاعدة دعمها الشعبي. إن البناء على أسس ديمقراطية حقيقية وتشجيع التواصل والحوار البناء بين جميع الأطراف المعارضة يمثل أساساً لتحقيق التغيير المطلوب في سوريا.

ومن المهم أيضاً أن تعمل الأحزاب والنخب السياسية المعارضة بجدية على بناء جسور الثقة مع المجتمع المدني والفعاليات السياسية الأخرى، وتعزيز التعاون والتنسيق المشترك الدائم واليومي مع الحراك في السويداء لتحقيق استمرارية هذا الحراك وأهداف الثورة. إن الوحدة والتضامن بين كافة القوى المعارضة ستعزز من قوتها وتجعلها أكثر فعالية في مواجهة تحديات النظام السوري وتحقيق النجاح في المرحلة المقبلة.

وأخيراً، يتوجب على جميع القوى سياسية، والأحزاب والباحثين والمفكرين أن يغتنموا هذه الفرصة الذهبية، ويقدموا توصيات محددة وعملية لتعزيز الحراك في السويداء، يجب أن تتضمن هذه التوصيات خططاً عملية وموارد محددة وتحديد أولويات قابلة للتنفيذ لتعزيز الدعم للحراك وصموده، التي يمكن أن تسهم في أن تكون رافعة للثورة وتحقيق النجاح في هذه المنطقة الحساسة من سوريا.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني