fbpx

العنف ضد المرأة. إلى متى؟

0 419

يمثّل العنف الممارس ضد المرأة أحد المشكلات الصحية العمومية الكبرى وأحد انتهاكات حقوق الإنسان.

وتشير التقديرات العالمية التي نشرت من قبل منظمة الصـحـة العـالـمـيـة إلى أن واحــدة مـن كل 3 نساء (35%) من النساء في أنحاء العالم كافة يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميمين أو على يد غير الشركاء.

ولـمـعـرفة عـوامل ازديـاد هذه الظـاهرة والـوقوف على الـحـلول للـحـد منها. التقينا بالسيدة (بشرى كنجو) التي تعمل كمنسق مشروع ميداني في مجال الحماية والتي أكدت على أن المرأة مازالت حتى وقتنا الحالي تتعرض للعنف سواء الجسدي أو النفسي أو حرمانها من الموارد والفرص. وتـُـرجع بشرى أسباب ازدياد وانتشار العنف ضد المرأة إلى حالة الحرب والفقر والنزوح التي تمر بها البلاد حيث أن الضغط النفسي الذي يتعرض له المجتمع جراء هذه الأوضاع ينعكس بالدرجة الأولى على المرأة فهي الحلقة الأضعف، والتي تكون وسيلة لتفريغ الغضب بالنسبة لبعض الرجال أو المجتمع بشكل عام. 

إلا أن مؤسسات المجتمع المدني ساهمت بشكل كبير بتقديم خدمات خاصة للنساء المعنفات، ما ساعد على الحد من ظاهرة العنف المنتشرة في ظل الأوضاع الراهنة. كما تسعى المنظمات من خلال أنشطتها المختلفة لرفع الوعي لدى المجتمع حول الآثار السلبية للعنف الذي يمارس ضد النساء وتعمل على تمكين النساء وبناء قدراتهن ليكون لهن دور فاعل في المجتمع.

تضيف بشرى: 

نقوم أيضاً بتزويد العمال الإنسانيين غير المختصين بتدريبات حول المفاهيم الأساسية للعنف المبني على الفروقات المحددة اجتماعياً وإجراءات التشغيل القياسية التي اعتمدتها اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات.

كما يتم توفير مساحة آمنة للنساء يشعرن من خلالها بالراحة والطمأنينة بعيداً عن العنف الممارس عليهن. تمكنهم هذه المساحة من تبادل الأفكار والآراء وإجراء جلسات نقاش مع قريناتهن.

ومن خلال هذه المساحة الآمنة نقوم أيضاً بتوفير تدريبات مهنية للناجيات وتزويدهن بمهارات حياتية تتناسب مع رغباتهن.

إذ إن الدراسات أثبتت أن التمكين يساهم بشكل كبير بتحسين الصحة النفسية لدى النساء.

وعن الخطوات المتبعة مع الناجية تقول: 

بعد وصول الناجية لمركز المساحة الآمنة يتم ربطها بمسؤول إدارة الحالة الذي يقوم بدوره بإجراء تقييم أولي سريع لوضعها. وفي حال كان الوضع طارئاً تحال الناجية إلى تقديم خدمة طبية لها ومن ثم يتم إجراء تقييم شامل ودراسة تفصيلية لحالتها وتوفير الخدمة المناسبة لها بناء على حالتها ومن ثم نقدم لها الدعم والتثقيف النفسي. بعد ذلك يتم وضع خطة العمل الخاصة بها.

وتختم بشرى حديثها بالقول: 

لكن بالرغم من انتشار هذه المؤسسات والمراكز، لا تزال بعض النساء تتعرض للعنف بشكل يومي ما قد يؤدي بهن في كثير من الأحيان إلى أمور لا تحمد عقباها كمحاولات الانتحار وغيرها.

تقول السيدة (ابتسام اسبرو) التي تعمل كمشرفة GPV أنه طوال فترة الحرب السورية ازدادت حالات العنف ضد النساء بأنواعها كافة سواء العنف الجسدي أو النفسي وذلك بسبب تردي الوضع الاقتصادي للبلد وانتشار البطالة وغياب الأمن والقانون.

إلا أن انتشار مؤسسات حماية المرأة والمنظمات الداعمة لها عمل على تقليل الآثار السلبية للعنف. إذ إن المرأة المعنّفة قد تلجأ إلى هذه المراكز لتفريغ الضغوطات النفسية ولطلب المساعدة. وتتلقى المرأة بشكل عام في تلك المراكز التوعية حول مفهوم العنف وأسبابه وكيفية التقليل منه. بالإضافة لحضورها دورات بالتمكين وتعلم بعض المهن. ما يساعدها على تخفيف الآثار السلبية للعنف عليها.

وتضيف: نحاول من خلال مركزنا اتباع بعض الإجراءات للحد أو التقليل من حالات العنف قبل حدوثها وذلك من خلال وجود فريق مختص بجلسات رفع الوعي وفريق آخر متخصص بتقديم خدمات الاستشارات وخاصة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما أننا نعمل على وضع خطة السلامة للناجية ومتابعتها.

وفي حال وصول حالة معنفة للمركز يتم اتباع الخطوات اللازمة والاستماع لها وتقييم السلامة والاحتياج ثم وضع خطة الأهداف بالاعتماد على النهج المرتكز على الناجية مع أخذ الموافقة المستنيرة لإحالتها لتلقي المساعدة اللازمة.

وتختم ابتسام اسبرو حديثها بقولها: لم تصل المرأة بعد للمرحلة التي تستطيع من خلالها أن تعرف جميع حقوقها وتدافع عنها وذلك لعدة أسباب من أهمها سيطرة العادات والتقاليد وغياب القانون والوضع الأمني غير المستقر وليس نهاية بالجهل وغياب التعليم.

وللحديث عن الآثار النفسية للعنف على المرأة تحدثنا إلى الاخصائية النفسية (لمى رمضان) التي قالت لنا: يعد العنف من أكثر الأمور التي تؤثر سلباً على الصحة النفسية لدى النساء. وقد تلاحظ آثاره من خلال عدة أبعاد تنعكس على الجوانب الثلاثة للإنسان المعرفي والعاطفي والجسمي “السلوكي”.

ومن أهم هذه الآثار: مشاعر النقص وانعدام الثقة بالنفس، الشعور بالسلبية والعجز، الشعور المستمر بالتهديد وانعدام الأمن النفسي، مشاعر الوحدة والاغتراب النفسي، اضطرابات النوم، القلق. وأثره على الصحة الجسمية كالتعب والإرهاق والإحساس بالوهن العام، أعراض جسدية متنوعة، وصولاً للأعراض الاكتئابية الأكثر شدة وأهمها حسب الدراسات: 

– اليأس وانخفاض الروح المعنوية، الحزن العميق والبكاء دون سبب مع التشاؤم والتبرم بأوضاع الحياة عامة.

– بطء التفكير والاستجابة ومن ثم الانطواء والوحدة والانعزال والصمت والشرود.

– عدم الاهتمام واللامبالاة بالمحيط من حولها وقصور الدوافع والميول. 

– الشعور بعدم القيمة واحتقار الذات والإحساس بالذنب وطلب العقاب.

– أفكار تمني الموت وقد تصل لمحاولات الانتحار.

– الشعور بالضيق وانقباض النفس وفقدان الشهية للطعام.

– توهم المرض والانشغال بالصحة العامة.

– اللجوء لبعض عادات التكيف السلبي كالتدخين أو إدمان الكحوليات وغيرها.

ولا ننسى أن العنف ضد المرأة سلوك لا يقع أثره فقط على من تم الاعتداء عليه من النساء بل يلحق الضرر بالأسرة والمجتمع بأكمله لأن صحة وحياة المرأة جزء من سلامة الأسرة والمجتمع.

ومن المؤكد أن مظاهر العنف الذي يمارس على الأمهات ينعكس بشكل مباشر على الأطفال بما يسببه من مشاعر انزعاج وخوف وقلق عام قد يتجلى لدى بعضهم من خلال التبول الليلي أو صعوبات في النوم والكوابيس كما قد يلاحظ لدى بعضهم اللجوء للعنف لحل خلافاتهم والميل للعناد وغيرها من السلوكيات التي تزداد سوءاً بتزايد العمر، فعلى المدى البعيد قد يلجأ الأطفال الذكور إلى تعنيف الإناث متخذين من والديهم قدوة وقد تعتقد الفتاة أن الأذى الذي وقع على والدتها هو مصيرها الحتمي في المستقبل. 

وكنتيجة عامة نستطيع أن نتوقع أن الأطفال الذين نشؤوا في منازل يتخللها العنف يكون طابع شخصيتهم العام هو القلق والاكتئاب وصعوبة الاندماج مع المجتمع.

وتتنوع البرامج التي يقدمها المرشد النفسي للمرأة المعنفة. فهناك برامج تربوية تهدف إلى بناء شخصية الفتيات ومنحها الثقة بالنفس واحترام ذاتها، وبعضها برامج للإرشاد الأسري لمساندة النساء اللواتي تعرضن للعنف بكل أشكاله، ومنها برامج علاجية تهدف للتخلص من الآثار النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها النساء نتيجة العنف الواقع عليها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني