الطب البديل.. ملاذ أهالي إدلب في ظل الأزمة الدوائية الخانقة
يلجأ الكثير من أهالي إدلب لأطباء الأعشاب بهدف التداوي والحصول على نتائج عجزوا عنها في الطبّ الكيميائي المُغيّب عنهم، في ظل تردي القطاع الطبي وتدهور الأوضاع الصحية الناتجة عن غلاء الدواء ونقصها، بالإضافة لغياب الرقابة الصحية، وهجرة معظم الأطباء
إلى دول الجوار.
طبيب الأعشاب وائل الحامد نازح من بلدة تلمنس إلى مدينة إدلب، خصص غرفة في منزله لطب الأعشاب، وعن عمله يقول: “أثبت الطب العربي جدارة، وأفرز نتائج جيّدة ساعدت في الشفاء من العديد من الأمراض حسب شهادات لمرضى جربوا العلاج بأنفسهم.”ويبين الحامد أن المستحضرات التي يستخدمها كلها طبيعية ليس لها أي تأثيرات جانبية أثناء العلاج، حيث يقوم بجمع الأعشاب والأزهار من البراري والأرياف، أو شرائها من المحلات، ثم يصنع منها الخلطات والأدوية، لافتاً إلى أن هناك عدة طرق للاستفادة من الأعشاب منها الغلي أو النقع أو الزيوت أو الكمادات أو المراهم.ويعتمد الحامد على التحاليل الطبية التي يطلبها من مراجعيه لمراقبة آلية العلاج ومدى التحسن، ويستخدم الأعشاب والزيوت والعسل وأنواعاً من الحبوب في وصفاته، مؤكداً أن الأسعار التي يتقاضاها مناسبة، وقد ارتفعت في الآونة الأخيرة نتيجة غلاء أسعار المواد التي يحصل عليها من مناطق مختلفة.وعن الأمراض التي تمكن من علاجها يضيف: “تمكنت من علاج العقم وآلام المفاصل والبهاق والليشمانيا وتساقط الشعر والربو وارتفاع ضغط الدم وغيرها.”يجد بعض السكان في إدلب في طب الأعشاب حلاً مجدياً للعديد من الأمراض، مع ارتفاع أجور المعاينات الطبية وقلة الموارد المالية.أم ياسر نزحت مع أسرتها من مدينة سراقب وتقيم في أحد مخيمات سرمدا الحدودية مع تركيا، لجأت لطبيب أعشاب لمداواة ابنتها من مرض الليشمانيا، وعن ذلك تقول لنينار: “لجأت لطب الأعشاب نظراً لقلة تكاليفه ووضعنا المادي المتردي، وقد وجدت ابنتي بعض التحسن، ولكن لم تختفي آثار المرض من وجهها حتى الآن.”وتشير أم ياسر إلى أنها تلجأ لطب الأعشاب أيضاً لمعالجة أبنائها في فصل الشتاء من نزلات البرد والإنفلونزا والسعال وغيرها من الأمراض، لأن الأدوية المتوفرة في الصيدليات باهظة الثمن ولا قدرة لها على شرائها.أما علي المسحر من مدينة معرة مصرين فقد لجأ مع زوجته لطب الأعشاب للعلاج من العقم، وحقق الفائدة المرجوة، وعن ذلك يقول لنينار برس: “تزوجنا منذ خمس سنوات، ولم نرزق بأطفال، وراجعنا عدداً من الأطباء دون جدوى، لذلك لجأنا في النهاية لطب الأعشاب، وبعد علاج ما يقارب سنة حملت زوجتي بطفلنا الأول والحمد لله.”الطبيب إبراهيم العبس يتحدث عن طب الأعشاب بقوله: “رغم أن الأعشاب هي المثال الواضح للرجوع للطبيعة إلا أنها من الممكن أن تسبب بعض أعراض الحساسية أو التسمم عند أخذها بجرعات زائدة، حيث يؤدي استعمال الأعشاب بشكل مغلوط وزيادة الكميات إلى فعل عكسي وضرر بالغ في الجسد وهدر للأموال، لذلك يجب أن يقترن العلاج بالأعشاب بالتشخيص الصحيح للمرض، فاستخدام بعض الأعشاب قد يضر بعض الأجهزة الحيوية في الجسم علماً أنه يفيد غيرها.”ويؤكد الطبيب أن بعض مروجي الأعشاب لا يفقهون شيئاً عن طب الأعشاب، ويمارسون العمل لكسب المال فقط، ويستغلون المرضى بالنصب والاحتيال، ويتاجرون بمشاعر الناس وعواطفهم وحاجتهم للدواء، رغم أنهم لا يجيدون التمييز بين الأجزاء السامة من الأعشاب والمفيدة منها.ويحذر الطبيب أن هناك أمراض من الصعب علاجها عن طريق الأعشاب، كالسرطان والصرع والكبد والأمراض النفسية والعصبية وأمراض القلب، ويُفضل الرجوع فيها لطبيب مختص كونها حالات حرجة وخطرة.أجبرت ظروف الحرب الأهالي للعودة إلى الطب البديل لتخفيف آلامهم، وسط تراجع المستوى الطبي، وتدمير المشافي ونقص عدد الكوادر الطبية وانقطاع الأدوية، فانتشر خبراء الأعشاب والمتسلقين على المهنة في إدلب لاستقبال المرضى ووصف الدواء.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”