fbpx

الصحفيون في سوريا.. ضحية الحقيقة والكلمة الحرة

0 250

يتعرض الإعلاميون في الشمال السوري للقتل أو الاعتقال أﻭﺍﻹﺻﺎبة أثناء ممارسة عملهم في نقل الوقائع والأحداث وتوثيق الضحاﻳﺎ ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺘﻲ يرتكبها ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺪ وحلفاؤه، فضلاً عن تغطية الجاﻧﺐ الإﻧﺴﺎﻧﻲ وﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻬﺠﺮﻳﻦ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ والمعارك المشتعلة في مناطقهم.

وقد شهدت مناطق شمال غرب سوريا خلال الأيام الماضية، حالة غضب نتيجة تزايد وتيرة عمليات الاغتيال في المنطقة، كان آخرها اغتيال الناشط الإعلامي “حسين خطاب” الملقب بـ “كارة السفراني”، وتوجهت الاتهامات للفصائل العسكرية بالتجاهل والتقاعس عن وضع حد لتلك العمليات، ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺗﺤﺮﻙ ﺟﺪﻱ لكشف هوية المجرمين ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ.

تم اغتيال الناشط الإعلامي حسين خطاب يوم السبت الفائت بتاريخ 12 من شهر كانون الأول/ديسمبر الحالي بإطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر من قبل مجهولين في محيط مدينة الباب شرق حلب، وذلك أثناء عمله في تصوير تقرير حول فيروس كورونا في الشمال السوري، عندما توقّف مسلّحان بالقرب منه، كانا يستخدمان دراجة نارية، وأطلقا عدّة طلقات مباشرة نحوه ولاذا بالفرار.

ويأتي ذلك بعد أيام من تعرّض خطّاب لمحاولة اغتيال، خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، حيث أشار في منشورٍ سابقٍ له على موقع “فيسبوك” إلى أنّه تعرّض لمحاولة اغتيال، وأنّه أبلغ قسم شرطة قباسين، وأعطاهم أسماء الأشخاص الذين حاولوا اغتياله، وفي مقدمتهم شخص يدعى”أحمد المحمود العبد الله” من منطقة ترحين، دون أن تحرّك الشرطة ساكناً.

ﻭﻋﻘﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ، وخذلانه من قبل الشرطة أﺟﺒﺮ ﺧﻄﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ، وأشار إلى أنه يحمّل ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺣﺪﺙ معه ﺃﻱ ﺷﻲء ﻷﻥ “ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻻ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ”، ﻭﻓﻖ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ.

ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺧﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﻳﻒ ﺣﻠﺐ، ﻭﻳﻨﺤﺪﺭ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍً ﺭﺋﻴﺴﻴﺎً ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭﺗﺄﺗﻲ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻏﺘﻴﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻠﺘﺎﻥ ﺃﻣﻨﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺭﻳﻒ ﺣﻠﺐ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ، ﺍﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻓﺼﺎﺋﻞ “ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ” المدعومة من تركيا.

وبعد أيام من اغتيال حسين خطاب، أطلق صحفيون وناشطون سوريون، حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “أوقفوا قتل الصحفيين” بهدف مطالبة الجهات كافة بحمايتهم من عمليات الاغتيال التي تطالهم، وشارك في الحملة عشرات الصحفيين السوريين في الداخل السوري، من خلال نشر مقاطع فيديو قصيرة عبر حساباتهم على الفيسبوك والتويتر، تطالب بتوفير الحماية للصحفيين، وﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻘﺘﻞ ﺧﻄﺎﺏ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺎتليه.

وكانت منظمة “مراسلون بلا حدود” أشارت في الجزء الأول من تقريرها السنوي، الذي أصدرته بتاريخ 14 من شهر كانون الأول الحالي أن سوريا مازالت واحدة من أكبر سجون الصحفيين في العالم للعام الثاني على التوالي، ووثقت مقتل 134 صحفياً في البلاد منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2019.

أما ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ فقد وثقت ﻣﻘﺘﻞ 707 ﺻﺤﻔﻴﻴﻦ في سوريا ﻣﻨﺬ ﺁﺫﺍﺭ 2011، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ 1563 ﺻﺤﻔﻴﺎً ﺑﺠﺮﻭﺡ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ.

ﻭﻓِﻲ ﻋﺎﻡ 2019، ﺗﻢ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ “ﻟﺠﻨﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ”، ﻛﺄﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻓﺘكاً ﺑﺎﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﻋﺎلمياً، ﻛﻮﻧﻪ ﻗُﺘﻞ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺫﺍﺗﻪ ﺳﺒﻌﺔ ﺻﺤﻔﻴﻴﻦ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ 18 ﺻﺤﻔﻴﺎً.

لا يجد الصحفيون من ينصفهم في ظل الفلتان الأمني الذي يشهده الشمال السوري، بل تستمر ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻻﺕ والانتهاكات بحقهم، رغم التضحيات التي قدموها للثورة السورية، من رصد لجرائم النظام السوري ونقل أخبار المعارك، وإيصال صوت الحق والحقيقة للعالم، سلاحهم في ذلك عدساتهم، وأقلامهم الحرة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني