السويداء انتفاضة ونيف
منذ أيام ومدينة السويداء ترفع صوتها مطالبة برحيل الأسد، وكذلك الحال في درعا، تظاهرات متفرقة في بلداتها، كـ “نوى” التي قصفها الأسد لإسكاتها.
رغم خوفي على درعا من انتقام أسدي لما يجري من انتفاضة رائعة في السويداء، إلا أنني أرى في انتفاضة السويداء أملاً مستمراً بإسقاط هذا النظام الفاشي من قبل الشعب السوري.
لا يمكن حتى اللحظة التنبؤ بنتائج هذا الحراك، حتى لو أنه قمع بطريقة أو بأخرى أسدية أو دولية كما حدث مع ثورتنا السورية، لكنه يعبر عن موقف سوري معتبر رافض لاستمرار الأسدية.
أيضا هو تعبير عن أن النيف الأسدي غير صحيح، رغم أن كل البشرية تعرف أنه غير صحيح، لكن انتفاضة السويداء قالت كلمتها بشكل مباشر بعد مقابلة الأسد مع سكاي نيوز الإماراتية، إنه تكذيب واضح للأسد لا لبس فيه.
لكن الأسد ليس مفصولاً عن الواقع كما يزعم بعض المهتمين بالشأن السوري، إنما العكس تماماً، فهو يتعامل مع واقع سلطته في سورية مع موازين القوى، لهذا باع ما باع من سورية لكي يستمر متنقلاً بين دمشق العاصمة ومنطقة الساحل التي هي خزانه القمعي والكتلة الصلدة التي مارس جرائمه في سورية بواسطتها.
هذه الحسابات والزبائنية وموازين القوى لا يتعامل معها شخص مفصول عن الواقع، إنما شخص يريد لواقعه أن يستمر بوصفه واقع سلطته التي يضحي بكل شيء من أجلها ويقتل حتى أكثر من نصف الشعب السوري لو اقتضى الأمر.
لهذا انتفاضة السويداء كانت انتفاضه ونيف، هذه نقطة أولى، النقطة الثانية، بعد التحية للشيخ حكمت الهجري الذي ساند شعبه، واعترف بأنه كان على السويداء أن تخرج ضد الأسد مع بقية الشعب السوري 2011.
هذا التصريح يعبر عن جرأة الشيخ من جهة وعن عمق ما عاشته الثورة السورية من جهة أخرى لناحية أن الأسدية المحلية والإقليمية والدولية عملت جاهدة على أن تبقي مدن الأقليات الدينية والطائفية سنداً للأسد ولو معنوياً تحت حجج شتى ليس أولها الخوف من السنة بل أيضاً الخوف على المكاسب! وأية مكاسب، لا بل أن تعلن دعمها له، كل هذا لكي تبقى الثورة في خانة “ثورة سنية” وهذه أتت على خانة منجل الإخوان المسلمين والإسلام الجهادي والسلفي.
هذه التوليفة كانت محاولة دؤوبة لرفع صفة الوطنية عن الثورة وإبقائها في خانة الثورة الدينية، رغم أن وقائعها لم تكن كذلك البتة.
كما قلت سابقاً، من منح صفة الشخصية الوطنية والرمز السوري لـ “سلطان الأطرش” ليس أهل السويداء، بل الأكثرية السنية، لأنها اعتبرته قائد هذه الثورة ضد الفرنسيين، وهو يدافع عن سورية كلها، كذلك ينطبق الأمر على فارس خوري الشخصية السياسة المعروفة في تاريخ سورية.
الآن في انتفاضة السويداء، خرجت مدن وبلدات سورية وعلى رأسها درعا، لتقول للعالم ولانتفاضة السويداء هذه انتفاضتنا جميعاً، ما حوّل يوم 2023/8/25 يوماً وطنياً سورياً ضد الأسد بامتياز. فقد كانت نقاط التظاهر منتشرة في أرجاء سورية عدا الساحل، الذي يتمنى الجميع أن يخرج ويقول صوته، وينزع عنه العباءة الأسدية.
رغم كل هذا مطلوب من جميع السوريين أن يحولوا انتفاضة السويداء إلى انتفاضة لكل السوريين، رغم خوفي على تلك المناطق من الهمجيات الروسية والإيرانية والأسدية.
الخوف أن يبدأ بقصفها كما حدث في مدينة نوى، لكن السوريين في الداخل أدرى بظروفهم.
النقطة الأخيرة، من الملاحظ أن الفاعل الدولي والإقليمي غير مهتم بما يحدث من انتفاضة سورية، يبقى الأمر معلقاً بين عاملين كفيلين بإحداث تغيير ما، الأول انتفاضة مستمرة للثورة في كل سورية بما فيها مناطق قسد – التي منعت الناس من الخروج حتى اللحظة، وتمنع علم الثورة كبعض الناشطين والناشطات العلمانويين والعلمانويات والنسويين والنسويات كما حدث في فيينا بتاريخ 8/26 رغم رفعه في قلب السويداء – العامل الآخر هو العامل الأمريكي الذي لايزال موقفه الأوبامي الحقير سائداً.
علينا فقط أن نكون صوت قرار شعبنا في الداخل.. نعم إنها انتفاضة ونيف.